الأزمة في لبنان تجبر اللاجئين السوريين على العودة

دفعة أولى من مئات اللاجئين السوريين غادرت لبنان متوجهة إلى سوريا منذ بدأ الحراك اللبناني وذلك بعد تنسيق تم بين الأمن اللبناني ونظام بشار الأسد.

بيروت - أعلنت السلطات اللبنانية، أن مئات من اللاجئين السوريين عادوا "طوعا"، صباح اليوم الثلاثاء، إلى بلادهم بالتنسيق مع النظام بشار الأسد، في حين خيمت أجواء حزينة قرب المراكز الحدودية حيث كانت الحافلات تنتظر لنقلهم إلى البلد الذي فروا منه هربا من الحرب المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات.
وجاء اللاجئون السوريون من مناطق لبنانية عدة، وتولى عناصر الأمن العام اللبناني التدقيق بأوراقهم وفق لوائح اسمية، في خطوة تمت بالتنسيق مع النظام السوري، حسب وكالة الأنباء اللبنانية.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أوفد النظام السوري عدة حافلات دخلت صباحا ساحة مركز الأمن العام اللبناني في العبودية (شمال لبنان)، لنقل العائلات السورية إلى وجهتها، وفق المصدر ذاته.
ويعد لبنان 4.5 ملايين نسمة، وبحسب تقديرات السلطات اللبنانية فإن البلاد تستقبل نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري.
وفي العاصمة بيروت، وتحديدًا في منطقة برج حمود، ودع عدد من النازحين الذين تجمعوا للعودة إلى بلادهم أقاربهم بالدموع وسط أجواء حزينة، استعداد لنقلهم إلى الداخل السوري عبر المراكز الحدودية في محلّة المصنع (البقاع)، بحضور مندوبين من المفوضية العليا للنازحين.
وفي مدينة طرابلس (شمال)، تجمع النازحون العائدون في حرم معرض رشيد كرامي الدولي، وتوزعوا على مجموعتين، الأولى توجهت إلى بيروت ومنها تتوجّه إلى المنطقة الحدودية في محلّة المصنع، والثانية توجهت إلى المعابر الشماليّة أيّ إلى نقطة العبودية - الدبوسية الحدودية (أقصى الشمال اللبناني).
وفي النبطية (جنوب)، غادر 25 سوريا على متن حافلة، في إطار العودة الطبيعية والآمنة التي ينظمها الأمن العام اللبناني، حيث تولى الجيش مهمة الحماية.
وفي البقاع، غادر نحو 300 نازح من معبر جوسية (حدودي) مصطحبين معهم آلياتهم المدنية وجرارات زراعية وشاحنات مسجلة بلوحات سورية مع أثاث منازلهم باتجاه الأراضي السورية.

ومنذ 2017، صعّد سياسيون بارزون لبنانيون الدعوات إلى عودة اللاجئين إلى سوريا، وضغطت السلطات على المفوضية كي تنظم عمليات العودة رغم النزاع المستمر في دمشق.
وكان جبران باسيل وزير الخارجية في حكومة السعد الحريري المستقيلة من أبرز الوجوه السياسية الذين واجهوا سيلا من الانتقادات بسبب خطاباته المعادية للاجئين، حيث تعود على نشر تغريدات عنصرية تجاه اللاجئين في بلاده سواء السوريين أو الفلسطينيين.

وانتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الخطوة بالإعادة "القسرية" التي لا ضامن فيها لحقوقهم في ظل نظام الأسد.

وغردت ناشطة على تويتر "اليوم يُعاد عدد من اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلدهم، يُسلّمون إلى نظامٍ هجّرهم، كي يُقتلوا أو يُعذّبوا مجدداً... وكأنّ ما عانوه حتى الآن، بما فيه العنصرية اللبنانية الممأسسة ضدّهم، لا تكفي لوجع حياةٍ واحدة".

وقالت المفوضية إنها لا تستطيع تشجيع عودة اللاجئين أو تسهيلها قبل تيقّنها من أن الوضع في سوريا آمن.
ويسهّل الأمن العام اللبناني عمليات العودة منذ مايو/أيار 2018، وأفاد أن أكثر من 170 ألف لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم بين ديسمبر/كانون الأول 2017 ومارس/آذار 2019.
في حين تقدّر منظمات غير حكومية تعمل في لبنان أن عدد اللاجئين العائدين أقل من ذلك بكثير.

وتتزامن عودة الدفعة الجديدة من اللاجئين السوريين مع أزمة سياسية واقتصادية حادة يمر بها لبنان بسبب الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثاني فيما لا تزال الأحزاب والساسة عاجزين عن تشكيل حكومة جديدة في بالبلاد بعد إطاحة المظاهرات بحكومة السابقة.

ويرى مراقبون أن بعض الأطراف السياسية في لبنان تريد أن تستغل الوضع الاقتصادي والاجتماعي المنهار لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم لأسباب مادية ومالية، حيث  لم تعد معظم المساعدات التي يتلقونها تكفيهم لتسد حاجاتهم اليومية.