الأسد يصدر عفوا عاما عن الفارين من الخدمة العسكرية

الرئيس السوري أصدر عدة مراسيم تتعلق بالخدمة العسكرية والاحتياطية التي تسببت بهروب الآلاف من الشباب من البلاد.

دمشق - أصدر الرئيس السوري بشار الأسد الأحد، مرسوما تشريعيا يتضمن الجنح والمخالفات المرتكبة قبل تاريخ 22 سبتمبر/أيلول الحالي، شملت استثناءات عديدة بما يشير إلى أن العفو يستهدف بالدرجة الأولى جرائم الفرار من الخدمة العسكرية.

ويقضي المرسوم وفقا لما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" بـ"عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المنصوص عنها في قانون العقوبات العسكرية، دون أن تشمل أحكام هذا المرسوم المتوارين عن الأنظار والفارين عن وجه العدالة"، إلاّ إذا سلموا أنفسهم خلال ثلاثة أشهر فيما يخص الفرار الداخلي، و4 أشهر للفرار الخارجي.

وشمل المرسوم "عفواً عاماً" عن كامل العقوبة في الجنح والمخالفات، عدا بعض الجنح التي تشكل "اعتداءً خطيراً على المجتمع والدولة"، والرشوة وبعض جنح التزوير، والتعرض للآداب العامة، وبعض أنواع السرقة.

واستثنى "العفو" بعض الجنح المنصوص عنها في قوانين ضابطة البناء والجرائم الاقتصادية وسرقة الكهرباء، واستعمال وسائل احتيالية للحصول على خدمات الاتصال، وجنح قانون حماية المستهلك، والجنح التي تتعلق بتنظيم الامتحانات العامة، والاعتداء على الحراج، والجنح المتعلقة بالتعامل بغير الليرة السورية.

واشترط مرسوم الأسد في الجنح التي تتضمن اعتداءً على أموال الأشخاص تعويض المجني عليه. ولا يؤثر هذا العفو على دعوى الحق الشخصي، حيث تبقى هذه الدعوى من اختصاص المحكمة الواضعة يدها على دعوى الحق العام.

وأشار المرسوم إلى أنه يحق للمتضرر "في جميع الأحوال، أن يقيم دعواه أمام المحكمة الجزائية خلال مدة سنة واحدة من تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي".

وسبق للأسد أن أصدر مراسيم "عفو عام" منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في مارس 2011، التي تحولت لاحقا إلى صراع دموي أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

لكن مراسيم "العفو"، لم تتضمن إطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسرياً. وتؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن السلطات أفرجت بموجب تلك المراسيم جميعها عن 7351 معتقلاً تعسفياً، بينما لا يزال يعتقل نحو 135.253 معتقلاً.

ويبدو أن العفو العام يستهدف بالدرجة الأولى المخالفين لأوامر الخدمة العسكرية إذ يتجه الرئيس السوري منذ فترة لتنظيم هذا الملف المعقد وتسبب بهجرة آلاف الشباب من البلاد هربا من الخدمة الإلزامية والاحتياطية التي تستمر لسنوات طويلة. حيث أصدر عدة مراسيم بهذا الشأن.

ومطلع أغسطس/آب الماضي أصدر الأسد، مرسوما عدّل بموجبه سن الخدمة في الجيش السوري، وأتاح من خلاله تسهيلات بخصوص "دفع البدل النقدي" للخدمة الاحتياطية.

وبحسب نص المرسوم الذي نشرته وكالة "سانا"، تم تعديل السن الأقصى للخدمة الاحتياطية للشبان من 40 عاما إلى 38.

وأجاز المرسوم لمن يرغب من المكلفين بالخدمة الاحتياطية "دفع البدل النقدي كبديل عن الواجب القانوني". وحدد حالات الدفع بـ 3 آلاف دولار أميركي ولمن تبين بنتيجة فحصه الطبي أنه مشمول بإحدى الحالتين (عجز أدنى – عجز جزئي قادر على أداء الخدمة).

كما أعفى المرسوم الجندي الذي أدى خدمة التطوع في الخدمة الاحتياطية لعشر سنوات وفق عقده الجديد بصفة "مقاتل".

في يونيو/حزيران الماضي، أعلن مسؤول بوزارة الدفاع السورية أن الجيش يعتزم تسريح عشرات الآلاف من الخدمة الاحتياطية كمرحلة أولى.

وقال المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع، أحمد يوسف سليمان، لقناة "الإخبارية" السورية إنه "سيتم تسريح عشرات الآلاف حتى نهاية العام الحالي ومثلهم العام القادم مع المحافظة على الجاهزية القتالية وتحقيق مصلحة أبناء الوطن".

ويضم الجيش السوري إجمالا 3 مجموعات رئيسية، المتطوعون في السلك العسكري، والملتحقون بالخدمة العسكرية الإلزامية، والمكلفون بالخدمة الاحتياطية.

وفي السنوات الأولى من النزاع الذي شهدته سوريا منذ مارس 2011، إثر اندلاع احتجاجات شعبية قمعتها السلطات بالقوة، خسر الجيش وفق خبراء نصف قوته المقدرة آنذاك بـ300 ألف، جراء مقتلهم في المعارك أو فرارهم.

وقبل اندلاع النزاع، كانت السلطات تلزم الشبان عند بلوغهم 18 عاما تأدية الخدمة الالزامية لمدة تتراوح من عام ونصف إلى عامين، وبعد انتهاء هذه المدة، يمنح كل شاب رقما في الاحتياط، حيث يمكن للسلطات أن تستدعيه خلال أي وقت للالتحاق بصفوف الجيش، خصوصا في حالات الطوارئ.

لكن بعد اندلاع النزاع، بات هؤلاء الشبان يخدمون لسنوات طويلة، ومددت قيادة الجيش مرارا مدة الخدمة الاحتياطية المحددة حاليا بست سنوات.

وسيتم تسريح المكلفين بالخدمة الاحتياطية تباعا، بناء على خطة من 3 مراحل بدأ تطبيقها مطلع يوليو/تموز حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، على أن يصل الحد الأقصى للخدمة الاحتياطية إلى عامين في المرحلة الثالثة.