الأسد يلوّح بمواجهة الهجوم التركي 'بكل الوسائل المشروعة'

مستشار الأمن القومي العراقي ورئيس هيئة الحشد الشعبي ينقل رسالة من عادل عبدالمهدي إلى الرئيس السوري وسط مخاوف عراقية من فرار أسرى من داعش لدى الأكراد إلى العراق.

دمشق: السوريين موحدون ضد الهجوم التركي
الأسد يعتبر الهجوم التركي على الأكراد غزوا سافرا وعدوانا واضحا
العدوان التركي دفع الأكراد سريعا إلى حضن النظام السوري
العراق يخشى من فرار أسرى من داعش لدى الأكراد إلى أراضيه

دمشق - تعهد الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الخميس بالرد على الهجوم الذي تشنه تركيا منذ التاسع من الشهر الحالي في شمال شرق البلاد "بكل الوسائل المشروعة"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا).

وحدث أمس الأربعاء أول اشتباك بين قوات للجيش السوري وفصائل سورية موالية لأنقرة في شمال شرق سوريا، وسط تحذيرات من اتساع دائرة المواجهات واندلاع حرب بين القوات التركية وقوات النظام السوري.

وذكرت مصادر أن أنقرة طلبت على الأرجح من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حليف الأسد، التدخل لضمان عدم حدوث أي احتكاكات بين القوتين، فيما وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيطرة القوات السورية على مدينة منبج التي انسحبت منها القوات الأميركية وغادرتها قوات وحدات حماية الشعب الكردية بأنه "ليس أمرا سيئا جدّا".

وقال الأسد خلال استقباله فالح الفياض مستشار الأمن الوطني العراقي وهو أيضا رئيس هيئة الحشد الشعبي التي تضم ميليشيات عراقية شيعية موالية لإيران، إن الهجوم التركي "هو غزو سافر وعدوان واضح".

وأضاف أن سوريا "سترد عليه وتواجهه بكل أشكاله في أي منطقة من الأرض السورية عبر كل الوسائل المشروعة المتاحة"، بعدما انتشرت القوات الحكومية في عدة مناطق قريبة من الحدود التركية بموجب اتفاق مع الأكراد.

ويحمل الفياض رسالة من رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إلى الرئيس السوري فيما تواصل تركيا هجومها على مناطق سيطرة الأكراد ما أثار مخاوف عراقية ودولية من فرار مئات الجهاديين الأسرى لدى الإدارة الذاتية للأكراد في سوريا.

وحذّرت بغداد ودول أوروبية من أن الهجوم التركي قد يعيد الحياة لتنظيم الدولة الإسلامية الذي انحسر نفوذه بشدّة في الساحتين العراقية والسورية لكنه لايزال يحتفظ بوجود محدود وخلايا نائمة تنفذ اعتداءات من حين إلى آخر.

ويخشى العراق من أن يفر الأسرى من التنظيم المتطرف إلى أراضيه خاصة وأنه لايزال يحتفظ بعناصر توارت في البادية السورية على مقربة من الحدود العراقية.

ولعبت فصائل من الحشد الشعبي دورا محوريا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وشارك بعضها تحت إشراف الجنرال قاسم سليمان قائد فيلق القدس الإيراني في القتال في سوريا إلى جانب قوات الأسد.

وقال الأسد اليوم الخميس إن "الأطماع الخارجية بدول منطقتنا لم تتوقف عبر التاريخ، والعدوان التركي الإجرامي الذي يشنه نظام أردوغان على بلدنا حاليا يندرج تحت تلك الأطماع مهما حمل من شعارات كاذبة فهو غزو سافر وعدوان واضح ردت سوريا عليه في أكثر من مكان عبر ضرب وكلائه وإرهابييه وسترد عليه وتواجهه بكل أشكاله في أي منطقة من الأرض السورية، عبر كل الوسائل المشروعة المتاحة".

وحدات من الجيش السوري تسيطر على منبج ومناطق انسحب منها القوات الأميركية
وحدات من الجيش السوري تسيطر على منبج ومناطق انسحب منها القوات الأميركية

أكد الفياض من جهته أن "البلدين مستمران في عملهما المشترك على مختلف الأصعدة بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين العراقي والسوري ويحقق الأمن والسلام للبلدين".

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن الرسالة العراقية تمحورت حول سبل تطوير العلاقات بين البلدين والارتقاء بالتنسيق القائم بينهما إلى مستويات أعلى ومجالات أشمل، سواء في قضايا مكافحة الإرهاب أو أمن الحدود على ضوء التطورات الأخيرة، إضافة للتعاون الاقتصادي وفتح المعابر بين سوريا والعراق.

واعتبرت دمشق الخميس أن السوريين "موحدون تحت راية العلم السوري" ضد الهجوم التركي المتواصل في شمال شرق سوريا، وفق ما نقل الإعلام الرسمي، في أول تعليق رسمي منذ انتشار الجيش في مناطق حدودية بناء على اتفاق مع الأكراد.

ونقلت الوكالة الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الخارجية تأكيد بلاده على "تلاحم السوريين ووحدتهم أكثر من أي وقت مضى تحت راية العلم الوطني في التصدي للعدوان التركي الغادر"، مجددا الإشارة إلى "رفضها المطلق وإدانتها الشديدة" له.

وتشنّ تركيا مع فصائل سورية موالية لها هجوما منذ التاسع من الشهر الحالي في شمال شرق سوريا، بدأ بعد يومين من سحب واشنطن لقواتها من مناطق حدودية. وعلى وقع التقدم التركي السريع، قررت واشنطن سحب كامل قواتها من المنطقة.

ولم يجد الأكراد مع تخلي واشنطن عنهم سوى اللجوء إلى دمشق. وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية الأحد الاتفاق مع الحكومة السورية على انتشار الجيش على طول الحدود مع تركيا لمؤازرة قوات سوريا الديمقراطية في تصديها لهجوم أنقرة

دمشق ترفع العلم السوري في منبج
دمشق ترفع العلم السوري في منبج

وبموجب الاتفاق، انتشرت وحدات من الجيش خلال اليومين الماضيين في عدّة مناطق حدودية أبرزها مدينتي منبج وكوباني في محافظة حلب شمالا.

ويصرّ الأكراد على أن الاتفاق مع دمشق عسكري ولا يؤثر على عمل مؤسسات الإدارة الذاتية التي أعلنوها بعد سيطرتهم على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد، لكن الرئيس السوري وكبار مسؤوليه أكدوا مرارا أن الجيش السوري سيواصل القتال حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية بما فيها تلك الخاضعة لسيطرة الأكراد.

وخيرت دمشق في السابق الأكراد بين حل سلمي لفرض سيادة الدولة السورية على كل أراضيها أو مواجهة عمل عسكري.  

وسيطرت القوات التركية خلال الأيام الماضية على شريط حدودي بطول 120 كلم، يمتد من مدينة تل أبيض (الرقة) حتى رأس العين (الحسكة)، التي طوقتها الخميس وسيطرت على نحو نصف مساحتها إثر معارك شرسة ضدّ قوات سوريا الديمقراطية.

واعتبرت الخارجية السورية أن الهجوم التركي "يوجّه ضربة شديدة للجهود الرامية لإيجاد مخرج للأزمة في سوريا، وبالتالي يفقد النظام التركي موقع الضامن في إطار آستانا"، في إشارة إلى محادثات استضافتها عاصمة كازاخستان برعاية موسكو وطهران الداعمتين لدمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة ونتج عنها الاتفاق على تشكيل لجنة دستورية لتسوية النزاع المستمر منذ العام 2011.

وتهدف أنقرة من خلال هجومها إلى إنشاء "منطقة آمنة" بعمق 32 كيلومترا على حدودها، ترغب بإعادة قسم من 3.6 ملايين لاجئ سوري على أراضيها إليها.