الأكراد يعرضون على دمشق حوارا مشروطا

مخاوف من هجوم تركي محتمل تدفع قوات سوريا الديمقراطية للبحث عن تسوية سياسية مع النظام السوري بما يحفظ مكاسب الأكراد التي انتزعوها خلال سنوات من الحرب.

أكراد سوريا يمدون أياديهم كرها لدمشق
قوات سوريا الديمقراطية تدعو تركيا لمغادرة الأراضي السورية
أكراد سوريا يريدون الحفاظ على إدارتهم الذاتية
دمشق تطرح عودة الوضع في شمال وشرق سوريا إلى ما كان عليه قبل 2011
قوات سوريا الديمقراطية تتعهد بمواصلة ملاحقة الخلايا النائمة للدولة الإسلامية

حقل العمر النفطي (سوريا) - دعت قوات سوريا الديمقراطية التي أعلنت السبت انتهاء "خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية، الحكومة السورية إلى الحوار، فيما تأتي هذه الدعوة بعد أيام من تأكيد دمشق عزم الجيش استعادة مناطق سيطرتها بالمصالحات أو بالقوة العسكرية.

كما تأتي الدعوة على إثر زيارة قام بها وزير الدفاع الروسي إلى دمشق التقى خلالها بالرئيس السوري بشار الأسد لترتيب التحرك العسكري في شمال وشرق سوريا وهي المناطق التي تنتشر فيها قوات تركية وقوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المسلحون الأكراد عمودها الفقري.

وقال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني في بيان خلال مؤتمر صحافي في حقل العمر النفطي "ندعو الحكومة المركزية في دمشق إلى تفضيل عملية الحوار والبدء بخطوات عملية للوصول إلى حلّ سياسي على أساس الاعتراف بالإدارات الذاتية المنتخبة في شمال وشرق سوريا والقبول بخصوصية" قواته.

وأعلنت القوات المدعومة أميركيا أنها ستبدأ مرحلة جديدة في قتال تنظيم الدولة الاسلامية بعد أن أنهت سيطرته على آخر جيب له في شرق سوريا وذلك بمواصلة حملاتها العسكرية والأمنية ضد الخلايا النائمة للتنظيم.

وفي مراسم بثها التلفزيون، دعت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية الحكومة السورية التي تعهدت باسترداد كافة مناطق البلاد، إلى الاعتراف بالإدارة التي تتمتع بحكم ذاتي وتدير مناطق تسيطر عليها تلك القوات في شمال شرق سوريا. كما دعت تركيا إلى مغادرة الأراضي السورية خاصة منطقة عفرين التي يغلب عليها الأكراد.

ويسعى أكراد سوريا إلى الحفاظ على المكاسب التي انتزعوها خلال سنوات الحرب الماضية وتعزيز وجودهم بصفة أقلية لها ثقافتها وخصوصياتها في الوقت الذي تركزت فيه جهودهم على تحصين الإدارة الذاتية التي أقاموها مستفيدين من الدعم العسكري الأميركي السخي.

وحوّل الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية هذه الفصائل المؤلفة من عرب وأكراد إلى قوة تعاظم نفوذها على مدى سنوات الحرب مع تحقيقها انتصارات كبيرة على تنظيم الدولة الإسلامية انتهت بالقضاء على التنظيم المتطرف في آخر جيب له بشرق سوريا.

وتحمل دعوة قوات سوريا الديمقراطية دمشق إلى تفضيل الحوار، رسالة مفادها استعدادها لإيجاد تسوية سياسية دون قتال وسط حرص هذه القوات على عدم الدخول في مواجهة عسكرية مع الجيش السوري المدعوم من إيران وروسيا.

وتخشى القوات الكردية في سوريا من هجوم تركي محتمل بين لحظة وأخرى سبق أن هددت به أنقرة واضطرت لتأجيله بسبب الدعم الأميركي لأكراد سوريا في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الأميركية التركية توترا غير مسبوق.

انتصارات قوات سوريا الديمقراطية على داعش تعزز نفوذ وقوة الأكراد في الساحة السورية
انتصارات قوات سوريا الديمقراطية على داعش تعزز نفوذ وقوة الأكراد في الساحة السورية

ولقوات سوريا الديمقراطية تجربة سابقة تجعلها أقل ثقة في استمرار الدعم الأميركي، حيث سبق أن تركت وحيدة في مواجهة أعنف هجوم لفصائل سورية معارضة تدعمها تركياعلى مدينة عفرين. وانتهى الهجوم بطرد الوحدات الكردية منها وسيطرة أنقرة والفصائل السورية الموالية لها على المنطقة.

ودخلت الإدارة الذاتية للأكراد في مفاوضات مع دمشق بوساطة روسية إلا أنها لم تسفر عن نتائج تذكر بسبب تمسك طرفي المفاوضات بمطالبهم.

وبدأ الأكراد خلال الصيف مفاوضات مع دمشق، لم تحقق تقدما بعد. ويقول مسؤولون أكراد إن الحكومة السورية تريد إعادة الوضع في مناطقهم إلى ما كان عليه قبل اندلاع النزاع في العام 2011 وهو ما لا يمكنهم القبول به مع رغبتهم بالحفاظ على مؤسسات الإدارة الذاتية التي بنوها تباعا.

وكان وزير الدفاع السوري العماد علي عبدالله أيوب قد أعلن الاثنين الماضي في مؤتمر صحافي مشترك في دمشق مع رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عثمان الغانمي ورئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أنّ "الورقة الوحيدة المتبقية بيد الأميركيين وحلفائهم هي قسد"، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية.

وأضاف "سيتم التعامل معها بالأسلوبين المعتمدين من الدولة السورية: المصالحات الوطنية أو تحرير الأراضي التي يسيطرون عليها بالقوة".

ولا تنظر دمشق بعين الرضا إلى الدعم الأميركي للأكراد الذين يعدون ثاني قوة عسكرية مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري وتضم مناطق سيطرتهم أبرز حقول النفط والغاز وأراضي زراعية شاسعة وثروات مائية.

وأكد أيوب أن "الدولة السورية ستعيد بسط سلطتها التامة على كامل جغرافيتها عاجلا أم آجلا"، موضحا أن محافظة "إدلب لن تكون استثناء أبدا".

وفي ما يتعلق بالمباحثات مع الجانبين الإيراني والعراقي، أكد أيوب "الحرص على تفعيل التنسيق وتمتين آواصر التعاون بين جيوشنا الثلاثة".

وقال إن "ما تمخض عنها سيساعدنا في الاستمرار في مواجهة التحديات والأخطار والتهديدات التي أفرزها انتشار الإرهاب التكفيري وتمدده".

وتسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) على مجمل محافظة ادلب. وتتواجد فيها فصائل إسلامية ومعارضة في مناطق محدودة. ويحمي اتفاق روسي تركي تم التوصل إليه في سبتمبر/أيلول 2018 إدلب من هجوم لطالما لوحت دمشق بشنه.