الأمم المتحدة تحقق في سجل أردوغان الأسود بشأن حقوق الإنسان

مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يخضع تركيا لاستجواب حول انتهاكاتها لحقوق الانسان خلال الخمس سنوات الماضية وهي الفترة التي شدد فيها أردوغان قبضته على وسائل الإعلام والمعارضين بعد الانقلاب الفاشل في 2016.

جنيف - اجتمعت الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء في العاصمة السويسرية جنيف، لمناقشة سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان في السنوات الخمس الأخيرة وهي الفترة التي شددت فيها حكومة حزب العدالة والتنمية قبضتهت على  وسائل الإعلام والصحفيين والمعارضين، وسط توقعات كبيرة بإدانة دولية لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان.

وتخضع تركيا بموجب "الاستعراض الدوري الشامل" الذي ينشر كل 5 أعوام عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددها 193، إلى تدقيق ومراجعة مدى التزامها بالمعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان والتي تغطي مجموعة متنوعة من الموضوعات بما في ذلك جرائم الكراهية وحقوق الأقليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحريات الصحافة.

ويركز التقرير الخاص بتركيا الذي قدم إلى الأمم المتحدة على آخر التطورات في مجال حقوق الإنسان في الخمس سنوات الماضية وهي نفس الفترة التي شهدت انتهاكات وتجاوزات خطيرة اتهمت منظمات حقوقية وتقارير دولية نظام أردوغان بارتكابها في مجال الحقوق والحريات في تركيا.

وشهدت تركيا خلال تلك الفترة محاولة انقلاب فاشلة في يوليو 2016، وهي عملية أعلنت على إثرها الحكومة التركية حالة الطوارئ للسيطرة على الوضع بعد أن زعمت إنها مُدبرة من قِبل أتباع الداعية الإسلامي في المنفى بالولايات المتحدة الأميركية فتح الله غولن.

ومنذ تلك الحادثة شن نظام أردوغان حملة شرسة على وسائل الإعلام المحلية المعارضة وحتى الدولية وتم سجن عشرات الآلاف من المعارضين والعشرات من الصحافيين والموظفين حيث يُتهم هؤلاء بالتورط في عملية الانقلاب الفاشلة.

وأثار اعتقال السلطات التركية لصحفيين أتراك وأوروبيين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان من المستقلين والتابعين لمنظمات دولية الانتباه عالميا، خصوصا إن اغلب التهم التي تم توجيهها إليهم متعلقة بـ"الإرهاب" أو "الانقلاب" أو "الانتماء لغولن".

وصنفت لجنة حماية الصحفيين هي منظمة دولية مستقلة، تركيا كثاني أكثر مكان يتم فيه قمع وترهيب الصحفيين في العالم بعد الصين.

وأشارت المنظمة إلى أن تركيا سجنت 48 صحفيا حتى العام 2019 فيما ينتظر عشرات الصحافيين غير المسجونين محاكمة أولية أو استئنافاً، فيما آخرون حكموا غيابياً ومهددون بالتوقيف إذا عادوا إلى بلدهم.

عت
تركيا أصبحت أكبر ثاني سجن في العالم بالنسبة للصحفيين

كما تطرق تقرير للمعهد الدولي للصحافة قبل أشهر إلى انتهاكات جسيمة في أنقرة تطال حرية التعبير وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن وراء الأرقام تكمن قصة الانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية واحتجاز العشرات من الصحافيين لشهور وأحيانا لسنوات.

وقال المعهد إن عددا قياسيا عالميا من الصحافيين تجاوز 120 مازالوا مسجونين في تركيا، كما أن وضع الإعلام في هذا البلد لم يتحسن منذ إنهاء حالة الطوارئ العام الماضي بعد استمرارها عامين.

ومازال أكثر من 77 ألف شخص محتجزين في انتظار محاكماتهم، فيما ذكر المعهد الدولي للصحافة في تقرير جديد أنه منذ محاولة الانقلاب واجه المئات من الصحافيين محاكمات لتهم معظمها مرتبطة بالإرهاب، مشيرا إلى أن عدد الصحافيين المسجونين انخفض بعد أن كان تجاوز 160.

وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أعلنت في يونيو أنها تسلمت 546 شكوى حول التوقيف المؤقت لقضاة في تركيا بعد الانقلاب الفاشل.

وكانت المفوضية الأوروبية انتقدت في نفس الشهر تدهور الأوضاع في المحاكم والسجون والاقتصاد في تركيا، مشددة على أن ذلك سيكون سببا في تلاشي آمال أنقرة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

والعام الماضي حاولت حكومة حزب العدالة والتنمية السيطرة على المنابر الصحفية البارزة في البلاد وقمع الصحافة المعارضة لسياسات أردوغان، حيث سعت لتجريم أي انتقادات للعمليات العسكرية الثلاث التي قام بها الجيش التركي ضد الأكراد على الحدود مع سوريا.

ويتيح مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فرصة للدول الأعضاء للإفصاح عما اتخذوه من إجراءات في حقوق الإنسان، حيث سيعقد مؤتمرا صحفا فور انتهاء الجلسة الخاصة بانتهاكات تركيا لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء لإعلان نتائجها.

ويمكن للدول الأخرى طرح أسئلتها خلال الجلسة كما يتيح لمنظمات المجتمع المدني إمكانية المساهمة في المناقشات. ويستمر كل اجتماع عن كل دولة ثلاث ساعات.

وشمل آخر تقرير نشرته الأمم المتحدة عن تركيا، أوضاع حقوق الإنسان في الفترة من 2010 إلى 2015، ويراجع الاجتماع الذي سيعقد اليوم في جينيف آلية الاستعراض الدوري الشامل في تركيا، حيث وجهت الدول مسائلتها إلى تركيا فيما يخص الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الخمس الماضية.

ورد على الانتقادات بشأن حرية الصحافة قال نائب وزير الخارجية ورئيس شؤون الاتحاد الأوروبي فاروق قايماكجي خلال الاجتماع إن الحق في حرية التعبير لا يغطي ما سماه "دعاية للإرهاب"، مضيفًا أن بعض أعضاء حركة غولن الدينية المحظورة كانوا يتظاهرون كصحفيين.

لكن رئيسة مؤسسة حقوق الإنسان في تركيا، شبنيم كورور فينكانسي، قالت متحدثًة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن انتهاكات الحقوق أصبحت شائعة في تركيا لأن "جميع الضمانات الإجرائية قد أهملت".