الإدارة الذاتية تتحاور مع الخصوم لدرء مخاطر التقارب السوري التركي
الحسكة (سوريا) – اتخذت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا مجموعة من الإجراءات المتتالية على صعيد تعزيز الحوار الكردي الكردي، واسترضاء العشائر العربية بعفو عام لتخفيف حدة التوتر، إضافة إلى تأجيل الانتخابات البلدية إلى أجل غير مسمى، بالتزامن مع تسارع التطورات بخصوص التقارب بين دمشق وأنقرة والحديث عن لقاء عاجل يجمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره السوري بشار الأسد.
وأبدت الإدارة الذاتية استعدادها للحوار مع جميع الأطراف، إذ قالت إنها مستعدة للحوار مع عدوها التقليدي في المعارضة السورية المدعومة من تركيا. وأبدت لاحقًا استعدادها للحوار مع النظام السوري، وحتى مع تركيا نفسها واتخذت أول خطوة لاسترضاء الأخيرة بتأجيل الانتخابات البلدية.
وتوافقت أحزاب سياسية في شمال شرقي سوريا على طلب تأجيل انتخابات البلديات والتي من كان المقرر إجرائها في أغسطس/ آب المقبل. وقال سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا نصر الدين إبراهيم إن "أحزاب سياسية ستتقدم بطلب إلى المفوضية العليا لتأجيل الانتخابات حتى إشعار آخر ولحين تهيئة ظروف مناسبة".
وكانت المفوضية العليا للانتخابات قد أعلنت في السادس من يونيو/حزيران الماضي تأجيل موعد الانتخابات إلى شهر أغسطس/ آب المقبل. وأضاف إبراهيم "شكلنا وفد من ممثلي الأحزاب للقاء المفوضية وتقديم طلب تأجيل الانتخابات مطلع الأسبوع القادم".
وكانت الإدارة الذاتية تريد جعل الانتخابات البلدية بمثابة تتويج لسلسلة من الإجراءات القانونيّة والتشريعية المنفردة التي نفّذتها خلال الأشهر الماضية، وأبرزها المصادقة على عَقْد اجتماعي جديد في مناطق سيطرتها وإصدار قانون للتقسيمات الإدارية لهذه المناطق دون أية مشاركة جديّة من الأطراف والقُوى السياسية والشعبية في المنطقة.
لكن بات لا بد من خطوة التأجيل، بسبب عدم قدرة الإدارة الذاتية على تأمين غطاء سياسي لها من قِبل القُوى السياسية المحلية والدولية؛ حيث اعترضت الولايات المتحدة على الانتخابات، واعتبرت "أنّ الظروف الملائمة لعقدها غير متوفِّرة شمال سورية وشرقها في الوقت الحاضر"، إضافة لرفض هذه الانتخابات أو مقاطعتها من قِبل القوى السياسية المحلية وأبرزها المجلس الوطني الكردي، ورابطة المستقلين الكرد، وهيئة التنسيق الوطنية، والنظام السوري، والائتلاف الوطني لقُوى المعارضة السورية.
كذلك أدّى تصعيد تركيا العسكري إلى فرض ضغوط كبيرة على الإدارة الذاتية، ومع الحديث عن التطبيع مع دمشق بات من مصلحة الإدارة الذاتية التقارب مع الكيانات السياسية في المنطقة.
وقدمت الإدارة الذاتية جملة من الوعود للتخفيف من حدة العداء بينها وبين عشائر دير الزور، ويأتي الافراج عن المئات من العائلات المحتجزة في مخيم "الهول" شرقي الحسكة في هذا الإطار، إذ لطالما رفضت الإدارة الذاتية على مدى سنوات طلب وجهاء العشائر، لإطلاق سراح أبناء المنطقة، لتستجيب مؤخرا إلى هذا الطلب إلى جانب إصدار عفو عام شمل متهمين بقضايا إرهاب.
وتعتبر سجون قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مصدر خلاف رئيسي في شمال شرقي سوريا، إذ تعتقل دوريًا شبانًا من المنطقة بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة أو العمالة لتركيا، ثم تفرج عن بعضهم بوساطات عشائرية، بينما لا يعرف مصير الآخرين.
وأخرج مكتب شؤون اللاجئين والنازحين في هيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين في الإدارة الذاتية الدفعة الثانية من قاطني مخيم "الهول" من أهالي دير الزور الأحد، بالتنسيق مع المجلس التنفيذي في دير الزور، وبلغ عدد العائلات التي خرجت من المخيم 82 عائلة تتكون من 346 شخصًا، بحسب ما صرح به الرئيس المشترك لمكتب النازحين واللاجئين شيخموس أحمد.
وتتولى هيئتا الداخلية والصحة في الإدارة الذاتية شؤون العائلات من المخيم حتى وجهتهم في دير الزور. كما يتولى المجلس التنفيذي في دير الزور إيواءهم وإيصالهم إلى مناطقهم.
وقدم مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية وعودًا لوجهاء وممثلين عن قبائل وعشائر شمال شرقي سوريا، في 22 من يوليو/تموز الحالي، تضمنت متابعة قرار "العفو" الذي لا يزال ساريًا، إلى جانب وعود تضمنت متابعة الإفراج عن عائلات تنحدر من دير الزور، من مخيم "الهول".
وتحتجز "قسد" آلاف العائلات بمخيم الهول بتهمة انتماء أفراد منها لتنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يسيطر على المنطقة قبل عام 2019.
وسبق أن صرحت رئيسة الهيئة التنفيذية السابقة في مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" إلهام أحمد، عام 2020، أن المجلس عقد اتفاقًا مع الإدارة الذاتية يتضمن إخراج جميع السوريين من مخيم "الهول"، لكنه لم يطبق إلا بعد التطورات الأخيرة.
كما أكد قائد قسد على أهمية تنشيط الحوار الكردي-الكردي في المستقبل القريب. وقال المركز الإعلامي الأسبوع الماضي، إن المجالس العسكرية التابعة للأخيرة، اجتمعت بحضور عبدي، وناقشت جملة من القضايا، وسبق ذلك ببضعة أيام حديث المجلس الوطني الكردي، وهو أحد مكونات الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، عن رغبته باستكمال مسار الحوار الكردي برعاية أميركية، بينه وبين حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يتفرد بمفاصل قرار الإدارة الذاتية.
وأفاد "مسد، الذي يعرف نفسه على أنه مظلة سياسية لـ"قسد" والإدارة الذاتية، إنه يؤمن بالسلام والحوار لحل الأزمة السورية وحذر من التطبيع مع أنقرة، وأبدى دعمه لـ"الحوار الكردي- الكردي".