الإدارة الذاتية تسترضي العشائر بقانون عفو يستثني المعتقلين السياسيين

قائد قسد لا يمتلك صلاحيات إطلاق سراح معتقلي المجلس الوطني الكردي والقرار بيد قادة عسكريين في حزب العمال الكردستاني.

الحسكة (سوريا) – أفرجت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا عن 180 سجيناً من سجن غويران المركزي بمدينة الحسكة، بموجب عفو عام أصدرته بكفالة عشائرية، في خطوة تعتبر محاولة من الإدارة الكردية لتخفيف الاحتقان الشعبي ضدها، غير أن العشائر الكردية والعربية تطالب أيضا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين من المجلس الوطني الكردي.

وقالت الإدارة الذاتية إنها بدأت "بتطبيق قانون العفو رقم 10 الصادر عنها بالتنسيق مع دواوين العدالة المختصة في المقاطعات، وأفرجت بموجبه عن دفعة من المساجين"، وأضافت في بيان، الأحد أنها أفرجت عن دفعة أولى من المساجين الذي شملهم العفو في سجن الحسكة المركزي، بناء على مُخرجات "ملتقى العشائر الثاني" الذي انعقد بمدينة الحسكة في 25 مايو/أيار الماضي.

ووفق الإدارة جرى تسليم السجناء لأهاليهم أمام السجن المركزي في الحسكة، مشيرة إلى أنها ستفرج عن سجناء آخرين ضمن دفعات متتالية على مدار الأسبوع.

ويشمل العفو فقط "السوريين الذين ارتكبوا جرائم إرهابية" بحق أمن الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الواردة في قانوني العقوبات ومكافحة الإرهاب (2021)، مع وجود استثناءات، بينها "الأمراء والقادة في التنظيمات الإرهابية، والجرائم التي أفضت لموت إنسان، والتجسس".
وحسب مصادر رسمية فإن إدارة السجن ستعمل على الإفراج عن المشمولين بالقانون على دفعات، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة أصولاً وفق القوانين النافذة في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا.

وفد العشائر قدم قائمة بأسماء 15 معتقلاً من المجلس الوطني الكردي بينهم نساء وصحفيون اعتقلتهم استخبارات "قسد" خلال الستة أشهر الماضية

وتضمن القانون، العفو عن نصف عقوبة السجن المؤقت واستبدال عقوبة السجن المؤبد بالسجن لمدة 15 عامًا، والعفو عن كامل العقوبة المؤقتة والمؤبدة للمحكوم المصاب بالعضال، ومن تجاوز 75 عامًا.

غير أن العشائر الكردية في شمال شرقي سوريا تطالب بأن يشمل العفو المعتقلين، حيث دعا وفد منهم الأحد زعيم قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، إلى الإفراج عن معتقلي المجلس الوطني الكردي.

وأوضح مصدر لموقع تلفزيون سوريا أن "الوفد، الذي ضم ممثلين عن العشائر العربية والكردية ومكونات أخرى من المنطقة، التقى عبدي في مقر إقامته بقاعدة استراحة الوزير المشتركة بين قسد والقوات الأميركية شمال غرب مدينة الحسكة".

وقدم الوفد قائمة بأسماء 15 معتقلاً من المجلس الوطني الكردي، بينهم نساء وصحفيون، اعتقلتهم استخبارات "قسد" خلال الستة أشهر الماضية. وناقش المجتمعون مع عبدي تنفيذ مخرجات ملتقى العشائر السورية، والتي تشمل "العفو عن السجناء ممن لم تتلطخ أيديهم بالدم السوري وإطلاق سراحهم، وإخراج العوائل من مناطق شمال شرقي سوريا من مخيم الهول".

وأعرب ممثلو العشائر الكردية عن استيائهم من قيام "قسد" بإطلاق سراح معتقلين متهمين بجرائم إرهاب والإخلال بالأمن العام، بينما لا يزالون يحتجزون نشطاء وسياسيين من المجلس الوطني الكردي بسبب معارضتهم السلمية للإدارة الذاتية، ودون توجيه أي اتهامات لهم أو إحالتهم للمحاكم وفق القوانين المحلية.

وكشف مصدر مقرب من "قسد" أن مظلوم عبدي لا يمتلك صلاحيات إطلاق سراح معتقلي المجلس الوطني الكردي. وأوضح المصدر أن "استخبارات قسد تديرها فعلياً قادة عسكريون في حزب العمال الكردستاني بشكل مستقل عن قوات سوريا الديمقراطية، ولديها سجون وقوات خاصة لا تخضع لأوامر قسد وأجهزتها الأمنية". وأكد المصدر أن "قرار الاعتقال جاء بأوامر من قادة حزب العمال الكردستاني لأسباب سياسية تتعلق بتوتر العلاقة بين الحزب وحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، بقيادة مسعود البارزاني، الذي يعتبر الحليف الرئيسي للمجلس الوطني الكردي في سوريا".

وفي 16 من مايو/أيار الماضي، قدّم القائد العام لـقوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، وعودًا لوجهاء وشيوخ عشائر من شمال شرقي سوريا بدراسة مطالب طرحوها خلال اجتماع بين الجانبين، منها الإفراج عن سجناء لدى قواته.

وتمحور لقاء وجهاء العشائر مع قائد "قسد" الذي يتخذ من الإدارة الذاتية مظلة سياسية لفصيله، حول ملف المعتقلين داخل سجونه وأخرى متعلقة بمكافحة الفساد والمخدرات. وقال عبدي حينها، إن اجتماعات رسمية سيعقدها مع "قوى الأمن الداخلي" (أسايش) والمؤسسات المعنية الأخرى لدراسة المطالب جديًا والوقوف عليها.

ووفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، هناك ما لا يقل عن 5232 شخصًا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى "قسد"، من بينهم 534 امرأة، و838 طفلًا حتى شهر يوليو/تموز الحالي.

وخلال النصف الأول من العام الحالي، اعتقلت "قسد" 347 شخصًا بينهم 46 طفلًا و7 سيدات، بحسب الشبكة السورية.

ويعتبر العفو المعلن عنه في يوليو/تموز الحالي، هو الثاني من نوعه خلال عام، إذ سبق وأصدرت الإدارة عفوًا عامًا عن المسجونين في مناطق سيطرتها بمناسبة عيد الفطر، في 6 من أبريل/ نيسان الماضي، يشمل الجرائم المرتكبة قبل تاريخ صدوره، في المخالفات والجنح والجنايات.

واستثنى القانون جرائم الإرهاب والجرائم الموجهة ضد المصالح الأساسية للإدارة الذاتية، والجرائم المتعلقة بالمال العام، وجرائم الاغتصاب والفعل المنافي للحشمة والاعتداء الجنسي على القصّر.

كما استثنى أيضًا جرائم الاتجار بالمخدرات وترويجها، وجرائم الاتجار بالأعضاء البشرية، والمحكومين المتوارين عن الأنظار والفارّين من العدالة.