الاتحاد الأوروبي مستعد لمواجهة إجراءات الجزائر بحق اسبانيا

وزير الخارجية الاسباني يقطع مشاركته في قمة الأميركيتين ويتوجه إلى بروكسل لحضور اجتماع طارئ مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية والمفوض التجاري لمناقشة الأزمة مع الجزائر.
مدريد تجنح للدبلوماسية لحل الخلاف مع الجزائر
مسؤولون أوروبيون يطالبون الجزائر بإعادة النظر في قراراتها تجاه اسبانيا
الجزائر تلوح بعدة أوراق في محاولة لتقويض التقارب المغربي الاسباني
مدريد تتوجس من أن تمتد القرارات الجزائرية لإمداداتها من الغاز الجزائري

بروكسل - أعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة دعمه لاسبانيا في مواجهة ما وصفها بـ"الإجراءات القسرية" من قبل الجزائر بحق مدريد، مشددا على أنه بقدر دعمه لحل الخلاف بالحوار والدبلوماسية فإنه لن يسمح بمثل هذه الممارسات ضد دولة عضو فيه.

وقال مسؤولان كبيران في الاتحاد إن قرار الجزائر حظر التعاملات التجارية مع إسبانيا في أعقاب خلاف دبلوماسي بشأن الصحراء المغربية، ربما يمثل انتهاكا لقانون التجارة بالاتحاد.

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل ونائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس في بيان مشترك "الاتحاد الأوروبي مستعد للوقوف في وجه أي نوع من الإجراءات القسرية ضد دولة عضو ومع ذلك، يواصل الاتحاد الأوروبي تفضيل الحوار أولا لحل الخلافات".

وجاء الموقف الأوروبي عقب مباحثات أجراها وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في بروكسل مع كل من جوزيب بوريل وفالديس دومبروفسكيس.

وقال الوزير الاسباني عقب الاجتماع "إسبانيا لم تتخذ قرارا واحدا يمس الجزائر. نريد علاقات تقوم على الصداقة والحوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية"، مضيفا أن بلاده "تريد حل الخلاف مع الجزائر بأسرع ما يمكن عبر الحوار والدبلوماسية".

وتوجه ألباريس في وقت سابق الجمعة إلى العاصمة البلجيكية لحضور اجتماع طارئ لمناقشة الأزمة مع الجزائر، في خطوة تشير إلى تنسيق اسباني أوروبي في مواجهة إجراءات جزائرية على خلفية الأزمة الدبلوماسية الناشئة بين البلدين بعد أشهر قليلة من إعلان الحكومة الاسبانية دعمها لمقترح المغرب للحكم الذاتي في الصحراء وهو ما اعتبرته الجزائر الداعمة لجبهة البوليساريو موقفا غير مقبول وخروجا عن "الحياد" في قضية الصحراء.

وألغى ألباريس مشاركته في قمة الأميركيتين في الولايات المتحدة، لإجراء لقاء في بروكسل مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية والمفوض التجاري، فالديس دومبروفسكيس.

مسؤولون حكوميون إسبان يفكرون في إدانة الجزائر رسميا لخرقها اتفاق الاتحاد الأوروبي والمتوسطي لعام 2005

ويأتي هذا التطور بعد إعلان الجزائر الأربعاء الماضي، تجميد التجارة مع إسبانيا وتعليق معاهدة صداقة وتعاون مستمرة بين البلدين منذ عقدين، لكنها أبقت مبدئيا على تصدير الغاز نحو 47 بالمئة من احتياجات مدريد من الغاز.

وطالب مسؤولو الاتحاد الأوروبي الخميس من الجزائر إعادة النظر في تحركها ضد إسبانيا، قائلين إنهم "قلقون للغاية" من الوضع. وقالت وزيرة المالية الإسبانية نادية كالفينو في مقابلة الجمعة "علاقاتنا التجارية ليست وطنية، بل أوروبية. ولهذا السبب من المنطقي أن يسافر الوزير إلى بروكسل اليوم".

وقال وزير شؤون الرئاسة فيليكس بولانيوس للصحفيين، إن إسبانيا "تريد استعادة علاقتها مع الجزائر بأسرع ما يمكن"، وحل الخلاف دبلوماسيا وبهدوء دون أن تتخلى مدريد عن قرار يُعتبر سياديا ولا يخضع لمزاج الشريك الجزائري.

وطالب مسؤولو الاتحاد الأوروبي الخميس من الجزائر إعادة النظر في تحركها ضد إسبانيا، قائلين إنهم "قلقون للغاية" من الوضع.

وقال مصدر دبلوماسي جزائري الجمعة، إن تعليقات الاتحاد الأوروبي على تجميد الجزائر معاهدة الصداقة مع إسبانيا "غير مبررة ولا تلزمه"، مضيفا أنها (معاهدة الصداقة) "اتفاقية أبرمتها السلطات الإسبانية ولا تلزم الاتحاد الأوروبي بأي حال من الأحوال".

وأضاف أن "أهم بندين فيها خرقتهما الحكومة الإسبانية الحالية وفشلت في الوفاء بالتزاماتها تجاه الجزائر بشكل جعلها شريكا غير موثوق.. وكان تعليق المعاهدة نتيجة منطقية لهذه التناقضات".

وتابع أن البند الأول يتعلق بـ"تعزيز الحوار السياسي بين البلدين، لكن الحكومة الإسبانية لم تُبلغ نظيرتها الجزائرية في أي وقت بنية أو قرار تغيير موقفها جذريا بشأن مسألة الصحراء الغربية".

واتهم مدريد بأنها انتهكت القانون الدولي والقانون الأوروبي "بتجاهلها" رأي محكمة العدل الدولية وأحكام محكمة العدل التابعة للاتحاد حول نزاع الصحراء المغربية.

وقالت وزيرة المالية الإسبانية نادية كالفينو في مقابلة الجمعة "علاقاتنا التجارية ليست وطنية، بل أوروبية. ولهذا السبب من المنطقي أن يسافر الوزير إلى بروكسل اليوم".

وذكرت صحيفة 'الباييس' الإسبانية الخميس، أن مسؤولين حكوميين إسبان يفكرون في إدانة الجزائر رسميا لخرقها اتفاق "الاتحاد الأوروبي والمتوسطي" لعام 2005.

وحسب إحصاءات رسمية لعام 2021، بلغت صادرات إسبانيا إلى الجزائر 2.107 مليار دولار، والواردات 2.762 مليار دولار.

ويأتي التحرك الاسباني وسط مخاوف من أن توسع الجزائر إجراءاتها لتشمل إمدادات الغاز إلى اسبانيا وهي مسألة شديدة الحساسية بالنسبة لمدريد في هذا الظرف مع تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على إمدادات الطاقة والغذاء للعالم.

شركات إسبانية بدأت بالفعل في الإبلاغ عن تعطيلات في التجارة مع الجزائر
شركات إسبانية بدأت بالفعل في الإبلاغ عن تعطيلات في التجارة مع الجزائر

وتتوجس مدريد من أن تسلك الجزائر نهج الابتزاز في خضم الأزمة التي أثارها الجانب الجزائري لحسابات سياسية لم يراع فيها البروتوكولات الدبلوماسية.

وقالت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية في بيان إن الجزائر ستحترم كافة التزاماتها بتوريد الغاز لإسبانيا، لكن على الشركات الإسبانية الوفاء بالتزاماتها التعاقدية.

وأضاف البيان أن الجزائر تندد برد فعل الاتحاد الأوروبي بشأن الأزمة بين الجزائر وإسبانيا دون التشاور المسبق مع الحكومة الجزائرية.

وتشهر الجزائر عدة أوراق في محاولة لدفع الجانب الاسباني للتراجع عن قرار دعم مغربية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية. وأغضب التقارب الاسباني المغربي السلطة السياسية في الجزائر التي تخضع وفق كثير من المحللين لسلطة الجنرالات.

ومن بين الأوراق التي تلوح بها الجزائر لتقويض التقارب المغربي الإسباني المصالح الاقتصادية والغاز ومكافحة الإرهاب وهي ملفات شراكة مؤثرة خاصة أن قيمة الصادرات الاسبانية للجزائر تبلغ سنويا 1.9 مليار دولار.

وتراهن الجزائر من خلال قراراتها التي اعتبرها مسؤولون أسبان خرقا للبروتوكلات والاتفاقيات الثنائية، على خلق حالة من الضغط الداخلي في اسبانيا على رئيس الوزراء بيدرو سانشيز مع وجود أطراف سياسية رافضة لقراره الداعم لمقترح المغرب للحكم الذاتي في الصحراء.

الجزائر تندد برد فعل الاتحاد الأوروبي وتعلن في المقابل أنها ستحترم كافة التزاماتها بتوريد الغاز لإسبانيا، لكنها أكدت أن على الشركات الإسبانية الوفاء بالتزاماتها التعاقدية

والأربعاء، أعلنت الجزائر تعليق معاهدة صداقة مع إسبانيا في ثاني خطوة دبلوماسية بعد سحب السفير احتجاجا على تغيير مدريد موقفها من نزاع الصحراء.

وأعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان "التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا الموقعة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2002".

وجاءت الخطوة، بعد ساعات من تصريحات لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أمام أعضاء البرلمان، جدد فيها التمسك بقراره الذي صدر في مارس/آذار الماضي، بدعم مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب في إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو.

وبدأت الشركات الإسبانية بالفعل في الإبلاغ عن تعطيلات في التجارة مع الجزائر التي تستقبل نحو واحد بالمئة من الصادرات الإسبانية بما في ذلك اللحوم والمعادن والمواد الكيميائية الصناعية، وهي ثاني أكبر مورد للغاز لإسبانيا.

وقال خوان إجناسيو بيرو رئيس بي.إم.إس إنترناشونال وهي شركة مقرها برشلونة تصدر المنتجات الكيماوية إلى الجزائر ولديها مشاريع لمعالجة المياه في البلاد، إنهم لاحظوا منذ قرار إسبانيا بشأن الصحراء المغربية في مارس/آذار تباطؤا في الفصل في المناقصات والتعامل معها من جانب الجمارك.

وقال إن حاويات الشحن المتجهة إلى الجزائر تتكدس في الموانئ الإسبانية وإن موظفيه في الجزائر في ورطة لأنه لا توجد بضائع من إسبانيا لمعالجتها، مضيفا "ما يؤثر علينا بشكل كبير هو المشاريع التي نحن بصدد التقدم بعطاءات لها في الجزائر، سنخسر هذه المشاريع بسبب هذا الوضع".

وقال كبير الاقتصاديين بالبنك المركزي الإسباني أنخيل جافيلان للصحفيين اليوم الجمعة إن الخلاف الدبلوماسي مع الجزائر قد يكون له تأثير كبير على الاقتصاد الإسباني والتضخم في الأجل القصير.