الاحتياطي الفدرالي الأميركي يرفع الفائدة لكبح جماح التضخم

البنك المركزي الأميركي يحذّر من أن الأزمة المصرفية الأخيرة من المرجح أن تثقل كاهل النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم.
المسؤولون في الاحتياطي الفدرالي يتوقعون زيادات إضافية في سعر الفائدة خلال الأشهر المقبلة

 واشنطن - رفع البنك المركزي الأميركي اليوم الأربعاء سعر الفائدة ربع نقطة مئوية كما كان متوقعا، مواصلا سياسته الرامية إلى كبح التضخم المرتفع، رغم الاضطرابات التي يشهدها القطاع المصرفي والتي قد تثقل كاهل الاقتصاد، في وقت لم تتبدد فيه المخاوف من انتشار عدوى إفلاس البنوك، وسط تحذيرات من أزمة مالية عالمية جديدة.

واتُّخذ القرار بالإجماع. ومع هذه الزيادة، أصبح سعر الفائدة الآن في نطاق 4.75 إلى 5 في المئة وهو أعلى مستوى له منذ العام 2006، كذلك توقع الاحتياطي الفدرالي أن تكون نسبة التضخم هذا العام أعلى بقليل مما توقعه في ديسمبر/كانون الأول عند 3.6 مقابل 3.5 في المئة. 

كما حذر البنك المركزي في بيان من أن الأزمة المصرفية الأخيرة "من المرجح أن تثقل كاهل النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم" مشيرا إلى أن "حجم هذه الآثار غير مؤكد"، لكنّه أعاد تأكيد أن "النظام المصرفي الأميركي صلب ومرن" وأن اللجنة المكلّفة السياسة النقدية "ما زالت متنبّهة لمخاطر التضخم".

وتوّقع المسؤولون في الاحتياطي الفدرالي زيادات إضافية في سعر الفائدة في الأشهر المقبلة، مشيرين إلى "إجراءات تشديد إضافية" دون ذكر تفاصيل

واستقرت المؤشرات الرئيسية للأسهم الأمريكية عند الفتح اليوم الأربعاء قبيل إعلان نتيجة اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي لتحديد أسعار الفائدة والذي سيسعى فيه البنك لتحقيق التوازن بين مكافحة التضخم وتهدئة المخاوف بشأن القطاع المصرفي.

وقال ستيف إنغلاندر، الاقتصادي لدى "ستاندرد تشارترد" والخبير الاقتصادي السابق في الاحتياطي الفدرالي في وقت سابق إن تجربة حافة الانهيار في القطاع المصرفي على مدى الأسبوعين الماضيين يجب أن تجعل مسؤولي الاحتياطي الفدرالي أكثر تريثا.

وقالت مجموعة "سي أم إي" إن غالبية الفاعلين في السوق يعولون على فرضية إدخال زيادة معتدلة، بمقدار ربع نقطة مئوية، أو 25 نقطة أساس.

وتباينت بشدة التوقعات الخاصة برفع الفوائد الأميركية، من رأي يقول إنها سترفع بقوة بعد تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بشأن التضخم ومنها من توقع عدم رفعها في ظل تداعيات الأزمة المصرفية الأخيرة، فقد أثار انهيار مصرفي "سيليكون فالي بنك" (إس في بي) وسيغنيتشر بنك وسيلفرغيت موجة من القلق.

وتدخلت حكومات وبنوك مركزية وهيئات ناظمة بشكل عاجل لمحاولة استعادة الثقة في القطاع المصرفي لتجنب انتشار الهلع، لكن بنك كريدي سويس السويسري الذي يواجه صعوبات منذ سنوات، دفع الثمن واستحوذ عليه الأحد مصرف "يو بي إس" السويسري أيضا.

 إعادة الثقة   

ويبدو أن الهدوء بدأ يعود إلى القطاع المالي منذ الثلاثاء، فبعد جلستَين ارتفعت خلالهما البورصات الأوروبية، كانت هذه الأسواق تحوم حول حالة من التوازن الأربعاء. وفي "وول ستريت" التي أغلقت على ارتفاع الثلاثاء كان القطاع المصرفي هو الذي دفع بالسوق إلى الارتفاع. وارتفع سهم مصرف "فيرست ريبابليك" الأميركي بحوالى 30 في المئة.

وقالت روبيلا فاروقي، كبيرة الاقتصاديين في مجموعة "إتش إف إي" المتخصصة "يبدو أن الضغط على سندات القطاع المصرفي بدأ يتراجع بعد إجراءات الهيئات الناظمة لاستعادة الثقة"، لكنها لا تستبعد خطر "الخوف من حالات إفلاس جديدة".

وأقرض الاحتياطي الفدرالي حوالى 164 مليار دولار لمصارف أميركية في أيام قليلة، بحيث يمكن لأي عميل يريد سحب أمواله القيام بذلك، بالإضافة إلى 142.8 مليار دولار للكيانين اللذين أنشأتهما الهيئات الناظمة الأميركية التي ستخلف المصرفين المفلسين.

وعلى عكس مكافحة التضخم التي يقودها بنك الاحتياطي الفدرالي، زادت هذه القروض من ميزانيته العمومية بمقدار 297 مليار دولار والتي كان يحاول خفضها منذ يونيو/حزيران.

مثل البنك المركزي الأوروبي   

واعتبر إيان شيبردسون، كبير الاقتصاديين في بانثيون ماكروإيكونومكس أن "رفع سعر الفائدة اليوم سيكون خطأ لأن الاحتياطي الفدرالي فعل ما يكفي لإعادة التضخم إلى الهدف ولا يمكننا معرفة ما إذا كانت التهديدات ضد النظام المصرفي انتهت"، لا سيما أن انهيار هذه المصارف كان مدفوعا برفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفدرالي والتي قفزت بمعدل غير مسبوق منذ بداية الثمانينات، خلال فترة التضخم المرتفع للغاية التي شهدته الولايات المتحدة في ذلك الوقت.

وفيما كانت ما بين صفر و0.25 في المئة قبل عام، تتراوح معدلات أسعار الفائدة الآن بين 4.50 و4.75 في المئة.

ويتعرض البنك المركزي الأميركي لضغوط متزايدة مع رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 0.50 نقطة مئوية الخميس، مع تأكيد أنه لن يساوم بين استقرار الأسعار والاستقرار المالي.

وأعلنت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد اليوم الأربعاء أن التوترات الأخيرة التي تحيط بالقطاع المصرفي تطرح "مخاطر جديدة" تهدد الاقتصاد، في وقت ما زال أمام البنك "طريق طويل" لمكافحة التضخم المرتفع.

وارتفع التضخم في المملكة المتحدة في فبراير/شباط ليبلغ أكثر من 10 في المئة ويعود ذلك خصوصا إلى الزيادة الجديدة في أسعار المواد الغذائية وسط أزمة كلفة المعيشة.