الاستثناء والقاعدة في مواجهة كورونا في العراق

على المتحاصصين أن يتقاسموا حصصهم أيضا من مسؤولية الوباء في العراق.

الاستثناء والقاعدة واحدة من أشهر مسرحيات الكاتب الألماني الشهير برتولد برخت، يتحدث فيها عن النظام الذي يستند الى قوة القانون، الذي يمثله جهازاً إداريا مهمته الأساسية تطبيق القانون لمصلحة النظام بالنزاهة والشرف، وهذه المهمة ينبغي ان تكون في مساحة الاستثناء وليس في مساحة القاعدة.

لماذا في مساحة الاستثناء لأنك ستصارع كل القوى من اجل احقاق الحق؟ فحينما تكون معارضاً عليك ان تلعب في مساحة الاستثناء كي تثبت لجمهورك انك لا تريد الوصول الى القاعدة التي تلعب عليها الحكومة، ولكي تكون متميزاً عليك أن تبرهن على ذلك بالدليل.

فلا يكفي انك تنتقد الفساد وتلعن الفاسدين دون ان تقدم مثالاً عملياً لنزاهتك وشرفك الإنساني.

وعلى أساس الاستثناء والقاعدة يجب ان يكون رئيس الوزراء القادم المزمع الإعلان عن تكليفه واسمه الأربعاء القادم حاضراً لأننا نحتاج الى قرارات تاريخية لمواجهة وباء يفتك بالعالم وببلدنا الذي يعاني أصلا من مؤسساته الصحية.

ففي ظل ظروف عصيبة يمر بها العالم والعراق والتهديد الذي نواجهه كبشر يجب ان تفكر الكتل السياسية بطريقة اكثر قرباً من العراق وأكثر بعداً عن المصالح الحزبية والفئوية، وان نقدم الاستثناء على القاعدة.

عملية ولادة رئيس الوزراء لبلد يحتاج الى قرارات تاريخية ليست عملية خاضعة لقاعدة الأحزاب فحسب بل يجب ان تستند الى حسابات الوضع العام.

ليس من المعقول ان يخضع 30 مليون انسان لمزاجيات طبقة سياسية لا تفكر الا بحصصها في الحكومة المقبلة، ولا يمكن ان نستوعب ان الدولة العراقية بكل إمكاناتها المادية وكمية النفط التي تصدره عاجزة عن توفير مبلغ زهيد، يمكن لأي تاجر بسيط، او لاعب كرة قدم ان يوفره.

ففي ضوء تصريحات الدكتور جعفر علاوي وزير الصحة والبيئة العراقية، والتي حذر فيها من عدم قدرة العراق وطواقمه الصحية ومستشفياته على مواجهة الوباء، وعدم قدرة الحكومة على توفير 5 ملايين دولار علينا ان نكون اكثر عمقاً في التفكير لأزمة مرعبة، حشد العالم المتحضر كل قواه المادية وكل امكانياته العلمية لمواجهته.

لا زالت اللامسوؤلية هي من تتحكم في سلوك السياسيين العراقيين واللامبالاة هي من تحكم الموقف. فيما يرصد العالم مليارات الدولارات لمواجهة وباء عالمي. تعجز الحكومة العراقية عن توفير مبلغ زهيد وابسط أنواع الدفاع عن الشعب.

الوضع الذي وصفه وزير الصحة يدعو للقلق والفزع.

عدم توفير خطوط حماية حقيقية للشعب يعد تخلي كامل عن المسؤولية ويضع السياسيين في توصيفات اقلها هو البعد عن الوطنية.

لذا علينا جميعاً ان نلعب في مساحة الاستثناء المستند الى قوة القانون، لأننا نمر بظرف استثنائي يجب علينا فيه التحلي بالمسؤولية الإنسانية قبل الوطنية.