الاطار التنسيقي الشيعي وقصف أربيل.. بيان منحاز لإيران

المنع وعدم السماح: هل مسموح للميليشيات الولائية ان تستخدم الأراضي العراقية لمهاجمة دول الجوار؟
الاطار التنسيقي يكيل بأكثر من مكيال وهو يدين مهاجمة اربيل
رسالة مبطنة الى حكومة كردستان لاتهامها بالمسؤولية عن الهجوم!

لا نريد في هذه المقالة تناول موقف الاطار الشيعي من العملية السياسية، والتي كان أحد أهم أقطابها وهو حزب الدعوة الإسلامية ودولة ما تسمّى بالقانون يشكلّان العمود الفقري للدولة العراقية وهم على رأسها لثلاث دورات متتالية بشكل مباشر، ويؤثران على قراراتها "الوطنية" بشكل غير مباشر من خلال تواجدهم في البيت الشيعي، كون العملية السياسية والبلاد بشكل عام وصلت في عهدهم الفاسد ولليوم الى الحضيض. الا اننا سنتناول موقف الاطار بكل أطيافه السياسية والميليشياوية من القصف الإيراني الأخير لمدينة أربيل، من خلال البيان الذي أصدره الاطار. على أن نأخذ التفسير اللغوي لبعض المصطلحات التي وردت في البيان، خصوصا وأنّ هناك نسبة كبيرة من المعمّمين ضمن تشكيلات هذا الاطار، وهم يجيدون اللغة العربية بشكل أفضل من غيرهم كونهم يدرسون أصول اللغة والنحو في المراحل الأولى لدراساتهم الحوزوية.

لقد جاء في البيان الذي أصدره الاطار الشيعي تعرّض "مدينة أربيل الى قصف صاروخي أستهدف احد الأماكن التي تضاربت الروايات حول حقيقتها"، مضيفا "خلص المجتمعون الى ضرورة تقديم الأيضاحات على وجه السرعة من قبل المسؤولين المعنيين وتشكيل لجان تحقيقية برلمانية وحكومية لبيان الحقيقة و’لمنع‘ استخدام الأرض العراقية للاعتداء على دول الجوار و’عدم السماح‘ لأي طرف بخرق السيادة العراقية من خلال رفع الذرائع وغلق جميع منافذ التدخلات الخارجية بالشأن الداخلي العراقي".

المنع وعدم السماح لهما تقريبا نفس المعنى لغويا، الّا أنّ المنع هو الأشّد في حالة التحريم أو عدم السماح أو حتى النهي، لذا نرى أن الله منع الخمر من خلال تحريمه، إذ قال في سورة البقرة "إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ". وهذا يعني أنّ التحريم وهو المنع هنا جاء بصيغة الأمر، والّا لكان يستطيع القول بعدم السماح بدل التحريم وهو المنع ايضا. وهنا يكون البيان بصياغته اللغوية علاوة على السياسية يكيل بأكثر من مكيال وهو يدين قصف مدينة أربيل. فالبيان يضع منع استخدام الأراضي العراقية للاعتداء على دول الجوار، وهو يعني أيران تحديدا وليس غيرها في مقدمته، ويضع قصف أربيل وهي مدينة عراقية في مؤخرة البيان! مع العلم أنّ الوية "الوعد الحق" وهي ميليشيا شيعية قد استهدفت سابقا منشآت حيوية في ابوظبي بطائرات مسيّرة، دون أن يكون للاطار الشيعي موقف كما موقفه اليوم من القصف الإيراني على أربيل، فهل السماح باستخدام الأجواء العراقية على عكس الأراضي العراقية لمهاجمة دول إقليمية مسموح به وفق البيان!؟

ولم يبتعد البيان كما عادة الاحزاب الشيعية للتنديد بإعدام العشرات في العربية السعودية، لكنّه كاطار طائفي لفت في بيانه الى أنّ "المجتمعين استنكروا جريمة اعدام أكثر من أربعين مواطنا من شيعة القطيف في السعودية مؤكدين أدانتهم هذه الجريمة المخالفة لمبادئ الديانات والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الأنسان"! وهنا من حقّنا أن نسأل قادة الاطار ونحن ندين الإعدامات ليس في السعودية وحدها بل في ايران وغيرها من البلدان، أن كان قتل المئات من المتظاهرين التشرينيين وجرح الآلاف منهم هو من صلب المبادئ الدينية والقوانين والمواثيق الدولية!؟ وهل الاغتيالات المنظمة للناشطين العراقيين المطالبين بإصلاح العملية السياسية الفاسدة التي تقودها البيوتات المتحاصصة، وهي اغتيالات تقوم بها ميليشيات شيعية تحديدا، لها علاقة بالدين والقوانين!؟

وتابع البيان "أننا في الوقت الذي ندعو فيه المنظمات الحقوقية الدولية الى اخذ دورها الحقيقي والتزام جانب الحياد وعدم الانجرار خلف سياسات المصالح الضيقة وتوجيهات الأنظمة الحاكمة، نؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة وضمان عدم تكرارها". ومن خلال علاقة القوى الشيعية بإيران، واصطفاف أربيل الى جانب الصدر والحلبوسي لتشكيل حكومة أغلبية سياسية مثلما يقال، وموقف أيران والاطار الشيعي من هكذا مشروع الذي يشكل خطرا على مصالحهما، فأنّ البيان هو رسالة مبطنة لحكومة كوردستان، واتهامها بالمسؤولية عن قصف أيران لمدينة أربيل!