البرلمان الإيراني يتهم ظريف باتباع سياسة مخالفة لتعليمات المرشد

البرلمان الإيراني يسائل وزير الخارجية ورئيس منظمة الطاقة الذرية لشرح وتوضيح ملابسات الأحداث والانفجارات الأخيرة في المنشأتين النوويتين نطنز وبارتشين.

طهران - اتهم نواب بالبرلمان الإيراني اليوم الأحد وزير الخارجية محمد جواد ظريف بالكذب واتباع سياسات خارجية للبلاد بعيدة ومخالفة لتوجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي.

وقال مجتبى ذوالنوري رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني خلال جلسة مسائلة لوزير الخارجية الأحد إن مسار السياسة الخارجية الذي اتبعه ظريف "كان خطأ منذ البداية"، وإنه "لم يحقق أيا من الأهداف التي يتطلع إليها شعبنا".

وأضاف أن ظريف "لم يهتم بملاحظات المرشد الأعلى التي كررها مرارا أثناء مفاوضات الاتفاق النووي"، مشيرا إلى أن "المرشد أكد على اتباع سياسة الاعتماد على الداخل وحل المشكلات عن طريق الداخل والتعاون مع دول المنطقة، وبناء على مبدأ عدم الثقة بأميركا، لكن ظريف اتبع العكس تماما".

واعتبر ذوالنوري أن ظريف "فقد قدرته على المساومة مع أميركا أثناء مفاوضات الاتفاق النووي لأنه لم يهتم بالشروط الـ 11 التي أعلنها المرشد".

وحسب البرلماني، فإن ظريف "استبدل 10 أطنان من اليورانيوم المخصب بيورانيوم خام وأخرج مفاعل أراك للماء الثقيل مما كان عليه"، و"قضى على مفاعل نطنز للتخصيب وقلص أجهزة الطرد المركزي من 19 ألفا إلى 5 آلاف ومائة جهاز".

ووصف ذوالنوري الاتفاق النووي بأنه "مجرد خسارة للشعب الإيراني لأنه لم يؤد إلى رفع كافة العقوبات مثلما أوصى المرشد".

وقاطع نواب البرلمان ظريف عندما حاول الدفاع عن نفسه مستشهدا بكلام خامنئي متهمينه بالتلفيق والكذب عند تقديمه إحاطة حول السياسة الخارجية للحكومة.

ورد ظريف على اتهامه بالكذب قائلا "سأفدي بنفسي حتى مقابل إهاناتكم، أنتم تتهمونني بالكذب لكني أترفع عن إهانتكم، والمرشد الأعلى وصفني بالشجاع".

وأضاف "كل ما قلته سمعه سابقا المرشد الأعلى وإذا كذبت فقد سمع ذلك أيضا، لكنه قال إن ظريف صادق، وشجاع وثوري".

وشدد ظريف على أن "الولايات المتحدة ليست قوة كبرى، لقد فرضنا الاتفاق النووي عليها وسيسجل التاريخ أن الاتفاق هو وسام فخر على صدر إيران".

وأكد ظريف أن إيران نجحت "في مقايضة السلع مع بعض الدول لأجل مواجهة العقوبات الأميركية والحد من التعامل بالدولار"، مضيفا أن "أميركا تشن على إيران حربا بكل المقاييس وتهدف لتقديمها كتهديد أمني ونزع الشرعية عنها"، وهي تسعى أيضا "لاستهداف أصدقاء إيران وضرب المصالح الإيرانية في المنطقة".

وقال ظريف "كنا نلتقي أنا و قاسم سليماني كل أسبوع.. للتنسيق حول أوضاع المنطقة، كل ما قمنا به كان بتنسيق مشترك".

ودعا البرلماني الإيراني الإيراني وزير الخارجية ورئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي لشرح وتوضيح ملابسات الأحداث والانفجارات الأخيرة في المنشأتين النوويتين نطنز وبارتشين، بحسب وكالة إيلنا.

وكان عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، يعقوب رضا زاده قد قال في وقت سابق إن "الهدف من دعوة البرلمان، هو معرفة ما إذا كان الأمر محسوماً بأنّ الانفجار كان ناتجاً عن عمل تخريبي أم لا، حتى تنظر لجنة الأمن القومي في الأمر وستتخذ القرارات اللازمة".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" وصفت الانفجار الذي وقع في موقع نطنز بأنه "عملية تخريبية" فيما أكدت مصادر إيرانية لرويترز أن العملية سببها هجوم سيبراني.

وقال رئيس الدفاع المدني الإيراني الجمعة إن إيران سترد على أي دولة تنفذ هجمات الكترونية على مواقعها النووية، بعد حريق في منشأة نطنز وهي محطة لتخصيب الوقود تحت الأرض وواحدة من عدة منشآت إيرانية يراقبها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

وقالت أعلى هيئة أمنية إيرانية إنه تم تحديد سبب "الحادث" في الموقع النووي، ولكن "لاعتبارات أمنية" سيتم الإعلان عنه في وقت مناسب.

وأبلغت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في البداية عن وقوع "حادث" في وقت مبكر من يوم الخميس في منشأة نطنز الواقعة في الصحراء في إقليم أصفهان بوسط البلاد.

ونشرت لاحقا صورة لمبنى مكون من طابق واحد وقد احترقت أجزاء من سقفه وجدرانه. ويشير سقوط أحد الأبواب في الصورة إلى وقوع انفجار داخل المبنى.

وقال رئيس الدفاع المدني غلام رضا جلالي للتلفزيون الحكومي مساء الخميس "الرد على الهجمات الإلكترونية جزء من قوة الدفاع في البلاد. إذا ثبت أن بلادنا استُهدفت بهجوم إلكتروني فسنرد".

وتناول مقال صدر الخميس عن وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية ما وصفته باحتمال قيام أعداء مثل إسرائيل والولايات المتحدة بأعمال تخريب، على الرغم من أنه لم يصل إلى حد اتهام أي منهما بشكل مباشر.

وقالت الوكالة "حتى الآن، تحاول إيران التصدي للأزمات المتفاقمة والظروف والأوضاع التي لا يمكن التنبؤ بها... لكن تجاوز الخطوط الحمراء لجمهورية إيران الإسلامية من الدول المعادية، وخاصة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ، يعني أنه يجب مراجعة الاستراتيجية".

يذكر أن ظريف سبق وأن قدم استقالته في فبراير من العام 2019 لكن الرئيس حسن روحاني رفضها وكان السبب الرئيسي لتلك الاستقالة زيارة قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران دون علم وزير الخارجية آنذاك.

وغالبا ما يتهم المحافظون الإيرانيون ظريف بأنه عميل للغرب، "مبتلى بالثقافة الغربية" على حد تعبير عدد من السياسيين الأصوليين ممن حسموا بشكل قاطع أن ما حدث في الاتفاق النووي عام 2015 كان نتيجة مؤامرة نفذها ظريف وفريقه لإضعاف إيران وتحويلها إلى دولة ضعيفة بدلا من أن تكون دولة كبرى في الإقليم.

واتب ظريف خلال مفاوضته الأميركيين والأوروبيين نهجا مختلفا نوعا ما عن ذاك السائد إيرانيا، والذي اشتهر به أمين مجلس الأمن القومي الإيراني السابق سعيد جليلي، وسلفه علي لاريجاني، وحتى الرئيس حسن روحاني الذي ضمّ ظريف إلى فريق عمله مع بداية ولايته الأولى.

ويعود فشل ظريف في الوصول إلى حلول عملية مع الغرب والولايات المتحدة خاصة في الملف النووي إلى طبيعة صناعة السياسة الخارجية في إيران فهي ليست حكرا على وزارة الخارجية، لكنها تعتمد بشكل كبير على رؤية المرشد الأعلى والحرس الثوري وأيضا مجلس الأمن القومي وصولا إلى الحكومة وعناصر أخرى ذات نفوذ تعمل في الخفاء.