البرلمان اللبناني يمدّد للمجالس البلدية كحلّ اضطراري

سمير جعجع يتهم حزب الله وحلفاءه والتيار الوطني الحر بحرمان اللبنانيين من فرصة انتخاب سلطات محلية.

بيروت -  أرجأ البرلمان اللبناني اليوم الانتخابات البلدية، ممددا ولاية المجالس الحالية للمرة الثالثة خلال عامين، فيما فسّر هذا الحل الاضطراري بتعذّر إجراء الاستحقاق الانتخابي خصوصا في جنوب البلاد جراء القصف الإسرائيلي.

وتجري الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان كل ست سنوات. وتمّت آخر مرة عام 2016، وكان من المفترض حصولها عام 2022، إلا أن البرلمان أقرّ تأجيلها لمرتين منذ ذاك الحين جراء تداعيات الانهيار الاقتصادي المستمر منذ أكثر من أربع سنوات، في بلد نادراً ما تُحترم فيه المهل الدستورية.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بأن مجلس النواب أقرّ "تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31 مايو/أيار 2025".

وجاء في الأسباب الموجبة للتمديد أن الاستحقاق "يأتي في ظرف أمني وعسكري وسياسي معقّد نتيجة العدوان الاسرائيلي المفتوح على لبنان".

وتشهد الحدود الجنوبية تبادلاً للقصف بشكل شبه يومي بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من ستة أشهر. وأرغم التصعيد أكثر من 92 ألف شخص على النزوح خصوصاً من القرى الحدودية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وفق منظمة الهجرة العالمية. ولم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى الآن.

وتمّ إقرار التمديد رغم اعتراض كتل برلمانية على رأسها كتلة حزب القوات اللبنانية ونواب مستقلين، بينما أيّده حزب الله وحلفاؤه والتيار الوطني الحر الذي يتزعمّه الرئيس السابق ميشال عون.

وقال النائب ملحم خلف، وهو في عداد 13 نائباً انتخبوا إثر احتجاجات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في 2019، بعد انسحابه مع عدد من زملائه من الجلسة، "نرى أن هناك عصيانا على أحكام الدستور وتعليقا لأحكام الدستور". وأضاف "أهلنا في الجنوب بأمس الحاجة لإعادة انتظام الحياة السياسية".

وكان رئيس البرلمان نبيه بري أكد في وقت سابق أنه لا يمكن استثناء الجنوب من الانتخابات البلدية، بعد مطالبات أبرزها من القوات اللبنانية بإجراء الاستحقاق في موعده.

وقال رئيس حزب القوات سمير جعجع في تعليق على منصة "إكس"، "حَرَم محور الممانعة (حزب الله وحلفاؤه) والتيار الوطني الحر اللبنانيين من جديد من فرصة انتخاب سلطات محلية"، مشيرا إلى أن البلديات هي السلطات الوحيدة "التي بقيت تقريبا وحدها مع الناس تحاول معالجة ما استطاعت من مشاكلهم بعد الانهيار والشغور وعدم الاستقرار".

ولجأ لبنان في أكثر من مرة إلى التمديد كحلّ اضطراري لتفادي الشغور في العديد من المناصب الحساسة، من بينها قيادة الجيش وقيادة قوات الأمن ودار الإفتاء، وسط سجالات بين مكونات متنافرة سياسيا وعقائديا ومحكومة بنظام محاصصة طائفية، فيما لا تلوح بوادر للخروج من هذه المتاهة في ظل استمرار أزمة الشغور الرئاسي.

وتلعب المجالس البلدية دورا بارزا في توفير الخدمات الأساسية للسكان. لكن دورها تراجع كثيراً خلال السنوات الماضية على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ 2019 وتضاؤل الاعتمادات الممنوحة لها من أجل القيام بمهامها واستقالة العديد من أعضائها.

وليس تأجيل مواعيد الاستحقاقات الدستورية أمراً جديداً في الممارسة السياسية في لبنان. وغالبا ما يؤخر نظام التسويات والمحاصصة القائم بين القوى السياسية والطائفية، القرارات المهمة، وبينها تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس، وهو منصب شاغر منذ قرابة السنتين، أو الانتخابات البرلمانية.