البرلمان الموريتاني يمرر قانون "حماية الرموز" المثير للجدل

المعارضة الموريتانية تقول إن مشروع قانون حماية الرموز يعيد البلاد لعهود تقديس الأشخاص.
نواب المعارضة ينسحبون قبل التصويت على القانون
نواب الموالاة يبررون القانون بهدف حماية الأعراض من رواد مواقع التواصل الاجتماعي
نشطاء حقوقيون يعتبرون القانون خطوة إلى الوراء

نواكشوط - يثير مشروع القانون الذي يسمى "حماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن" جدلا واسعا في موريتانيا فقد اعتبره نواب المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان تضييقا كبيرا على حرية التعبير، بينما رأى مؤيدون من الأغلبية الحاكمة أنه سيساهم في وضع حد لحملات التشهير والقذف والنيل من شرف وأعراض المسؤولين والمواطنين .

وصوت البرلمان الموريتاني ليل الثلاثاء/الأربعاء خلال جلسة ساخنة على إجازة مشروع قانون حماية الرموز المثير للجدل بعد انسحاب نواب المعارضة من الجلسة قبل التصويت.

وصوت على المشروع 86 نائبا يمثلون الأغلبية الموالية للحكومة بعد تعديل بعض مواده. بينما انتقد نواب المعارضة مشروع القانون وطالبوا الحكومة بسحبه.

وأرجع النائب العيد ولد محمدن طلب السحب باعتبار أن القانون "يمثل انتكاسة كبيرة في مجال الحريات ومراقبة العمل الحكومي وإدارة الشأن العام فضلا عن كونه تضييقا كبيرا على العمل الصحفي وحرية التعبير بشكل عام".

ودعا حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (أكبر أحزاب المعارضة) الرئيس والحكومة لسحب مشروع القانون بشكل نهائي؛ "احتراما للحقوق والحريات المنصوصة في الدستور، وفي الاتفاقيات التي وقعت عليها موريتانيا".

وعبر الحزب في بيان عن استغرابه لـ"الإصرار على تمرير مشروع القانون سيء الصيت، والخطير على الحريات العامة، وحرية التعبير وذلك بين يدي حوار سياسي تتفق جميع الأطراف على أنه ينبغي أن يناقش كل القضايا الأساسية ومن بينها الحريات".

واعتبر أن "إصرار الحكومة والنواب الموالين لها على إبقاء مشروع القانون هذا في مسار الإجازة - رغم إجماع كل المهتمين بالحريات العامة في البلاد من ساسة وعلماء ومثقفين وحقوقيين وقانونيين على خطورته وغرابة مضامينه وتقديسه للمسؤولين ومنعه المواطنين من حقهم الطبيعي في تقويم أداء الموظفين العموميين - يكشف نيات المتربصين بمكاسب الشعب الموريتاني في مجالات الحريات العامة، وخصوصا حرية التعبير".

وأيدت نقابة الصحفيين الموريتانيين مطالب المعارضة بسحب مشروع قانون حماية الرموز نظرا ونظرا لما قد يكرسه هذا القانون في بعض جوانبه من تراجع في مستوى الحريات والتضييق على الصحفيين.

في المقابل، قال وزير العدل الموريتاني محمد محمود ولد بيه إن النص يأتي "للتعامل مع ما تطرحه وسائل التواصل الاجتماعي من إشكالات وتحديات ومحاربة الممارسات الخطيرة على المجتمع وعلى الدولة التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي من تلفيق وتشويه وازدراء للمقدسات".

كما دوّن وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة المختار ولد داهي على فايسبوك قائلا إن مشروع القانون "يتخذ من الاحتياطات والإجراءات ما يحارب تمييع الحريات".

وأضاف: "ألسنة غالب الموريتانيين رَطِبَةٌ من استهجان تنامى ظاهرة يمكن نعتها بتمييع الحريات، عبر استسهال انتهاك الحرمات الشخصية للمواطنين والإضرار بالسلم الأهلي والوحدة الوطنية وهيبة المؤسسات الجمهورية وذلك بإنتاج وتوزيع مُنْتَجاتٍ ضارةٍ عبر الوسائط الإعلامية والرقمية".

 وكانت الحكومة الموريتانية صادقت في 14 يوليو الماضي على مشروع قانون جديد يجرّم المساس بهيبة الدولة وبشرف المواطن، وقالت حينها إن القانون "يأتي لسد الثغرات التي تم رصدها في المنظومة الجنائية؛ لمنح القضاة والمحققين آليات قانونية واضحة لفرض سيادة القانون واحترام قيم الجمهورية".

وينص مشروع القانون على "تجريم المساس بهيبة الدولة وبشرف المواطن، ويحمي الرموز الوطنية"، وتعتبره قوى معارضة أنه "خطير على الحريات العامة". ويقر عقوبات تتراوح بين السجن سنة إلى خمس سنوات والغرامة من 225 الى 1100 دولار لمرتكبي الأفعال التي تمس بكرامة القوات المسلحة وقوات الأمن والوحدة الوطنية أو تجريح أو إهانة رئيس الجمهورية أو أي مسؤول عمومي يتجاوز أفعاله وقراراته التسييرية إلى ذاته وحياته الشخصية. كما يعاقب الأفعال والأقوال التي تمس بالوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية.

وتظاهر نشطاء حقوقيون ضد مساعي هذا النص المثير للجدل .