البرهان يدير ظهره للسلام بعد تلقيه شحنات أسلحة إيرانية

مشاكل الجيش السوداني تتجاوز المعدات والسلاح وتشمل القوى العاملة والقيادة والخدمات اللوجستية والتكتيكات.
موقف البرهان ينقلب من التهدئة إلى التصعيد بعد زيارته الجزائر وإعلان تبون دعمه للجيش

الخرطوم – أكد رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أنه يتمسك بالحرب لتحقيق المكاسب رافضا الدخول في مفاوضات انهاء القتال والوساطات المحلية والإقليمية لتجنيب البلاد المزيد من سفك الدماء، في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير إعلامية غربية عن تزويد إيران للجيش بشحنات أسلحة، ما يفسر موقف البرهان المتعنت من السلام ورهانه على القتال بعد خسائره العسكرية والسياسية المتواصلة في الأشهر الأخيرة لصالح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي".

كما يأتي إعلانه القطع مع أي وساطة أو تفاوض بعد زيارته للجزائر التي أعلنت دعمها لمواقف الجيش السوداني، ما يشير إلى أن الجزائر ربما تلعب دورا في تكريس الأزمة السودانية وتعطيل الحوار، إذ لا تبدو تصريحات البرهان بعيدة عن كلمات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي قال في المؤتمر الصحافي المشترك أن حل الأزمة السودانية "لن يكون إلا بين السودانيين".

وقال البرهان الثلاثاء إن التفاوض لوقف الحرب "يكمن داخل السودان ولن نسافر للالتقاء بأي شخص بالخارج". وأضاف خلال خطاب أمام ضباط وجنود الفرقة "11" مشاة التابعة للجيش بمدينة خشم القربة شرقي البلاد، بأن "أي مبادرة من الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا "إيغاد" لا تعني الشعب السوداني".

وتابع "الحل والتفاوض يكمن داخل السودان، ولن نسافر للالتقاء بأي شخص بالخارج، أي لقاء يتم داخل الوطن وهذه رسالتي لحمدوك ومن معه"، في إشارة لعبد الله حمدوك رئيس "تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية" ورئيس الوزراء السابق.
ويشير البرهان في خطابه إلى رفض مبادرة تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم"، لعقد لقاء مباشر حول إيقاف الحرب، بعد موافقته عليها وتراجعه لاحقا.

ويأتي موقف البرهان المتعنت مع الحديث عن إمداده بأسلحة إيرانية بعد إنهاء القطيعة مع طهران وكيل الاتهامات لدول عربية بدعم قوات الدعم السريع، وأكدت تقارير طائرة شحن يسيطر عليها الحرس الثوري الإسلامي في السودان هبطت مراراً وتكراراً في الأسابيع الأخيرة، حاملة أسلحة إلى القوات المسلحة السودانية، بعد اتفاق لاستعادة العلاقات الدبلوماسية.

وقطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران قبل سبع سنوات وانحاز إلى جانب السعودية في نزاع إقليمي بين القوتين. لكن المجلس العسكري الحاكم في البلاد الآن في حاجة ماسة إلى المساعدات العسكرية بعد سلسلة من الهزائم العسكرية الكبرى.

وأعلن السودان وإيران في أكتوبر/تشرين الأول أنهما سيعيدان العلاقات الدبلوماسية و”يعززان التعاون في مختلف المجالات لتحقيق مصالح البلدين وضمان الأمن والاستقرار الإقليميين”.

وغادرت آخر طائرة إيرانية وصلت إلى السودان من طهران إلى بندر عباس في 22 يناير/كانون الثاني، وهبطت في بورتسودان في 23 يناير/كانون الثاني. وبعد ذلك عادت الطائرة إلى إيران، بحسب مواقع تتبع الرحلات الجوية، التي تستخدم بيانات الرادار.

وحلقت الطائرة نفسها على نفس المسار من إيران إلى بورتسودان في 8 يناير و7 ديسمبر/كانون الأول. علاوة على ذلك قامت برحلات إلى رأس الرويس في عمان، بالتزامن تقريبًا مع رحلات سودانية من بورتسودان.

ولا يفتقر الجيش السوداني إلى الأسلحة المتقدمة مثل مهاجر 6 فحسب، بل يواجه أيضاً نقصاً في المعدات الطبية، والذخيرة من بعض الأصناف، والقنابل الدقيقة وغير الموجهة. وبدأت الحرب بمخزونات كبيرة من الذخائر، لكنها خسرت كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر بعد أن استولت قوات الدعم السريع على العشرات من المنشآت العسكرية في عاصمة البلاد وغربها، فضلاً عن المنطقة الصناعية العسكرية الرئيسية في منطقة اليرموك بالخرطوم.

وبحسب وكالة بلومبيرغ الإخبارية، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين غربيين لم تذكر أسماءهم، فإن السودان تلقى شحنات من طائرة مهاجر 6، وهي طائرة بدون طيار ذات محرك واحد تم تصنيعها في إيران بواسطة شركة القدس للصناعات الجوية وتحمل ذخائر موجهة بدقة، وأكد المحللون الذين فحصوا صور الأقمار الصناعية وجود الطائرة بدون طيار في البلاد.

ومن الممكن أن يعزز القصف الدقيق بطائرات المهاجر 6 هجوم الجيش في أم درمان، المدينة الشقيقة للعاصمة، حيث نشر الجيش أفضل قواته ومعداته. ومع ذلك فإن مشاكل القوات المسلحة السودانية تتجاوز المعدات وتشمل القوى العاملة والقيادة والخدمات اللوجستية والتكتيكات. وبالتالي لن يكون للدعم الإيراني تأثير حاسم على الحرب على المدى القريب، لكنه قد يحدث فرقًا أكبر بمرور الوقت اعتمادًا على حجم المساعدة.

وأعلنت قوات الدعم السريع، مؤخرا أنها أسقطت طائرة بدون طيار إيرانية الصنع من طراز مهاجر 6 في أم درمان، وهي الأحدث من بين ثلاث طائرات بدون طيار تقول إنها أسقطتها.

وبعد إسقاط الطائرة بدون طيار من على سطح أحد الأسطح في شرق الخرطوم، التقط مقاتلو قوات الدعم السريع صورًا مع قاذفة صواريخ أرض جو صينية من طراز FN-6، وهم يحتفلون.

والتقى وزير الخارجية السوداني علي الصادق مع النائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر على هامش قمة دول عدم الانحياز في كمبالا في 20 يناير/كانون الثاني. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إيرنا، أن مخبر "أعرب عن أسفه إزاء الاضطرابات والصراع الأخير في السودان والذي قال إنه نتيجة للتدخل الأجنبي، بما في ذلك من قبل نظام الاحتلال الصهيوني".