البشير وكير: توسط لي مثلما توسطت لك

بعد شهرين على نجاح الوساطة السودانية بين كير وريالك مشار، الخرطوم توافق على قيام رئيس جنوب السودان بدور الوسيط مع متمردي جنوب كردفان والنيل الأزرق وهم حلفاء سابقون لجوبا قبل الاستقلال عن الشمال.

الخرطوم - أعلنت الحكومة السودانية السبت موافقتها على قيام رئيس دولة جنوب السودان سالفا كير بدور الوسيط بينها وبين متمردين يقاتلون في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق السودانيتين المتاخمتين لدولة جنوب السودان، حسب ما نقلت وسائل إعلام رسمية.
وفي آب/أغسطس الماضي نجحت وساطة سودانية في إقناع حكومة جوبا بالتوقيع على اتفاق سلام مع المتمردين بقيادة رياك مشار لإنهاء حرب أهلية تدور في هذه الدولة الوليدة منذ عام 2013 .
وقالت وكالة السودان للأنباء (سونا) أن حكومة الرئيس عمر البشير "وافقت على وساطة رئيس حكومة دولة جنوب السودان سالفا كير ميارديت، للدفع بعملية السلام في المنطقتين، جنوب كردفان والنيل الأزرق".
وأشارت الوكالة الى أن مساعد الرئيس السوداني كبير مفاوضي الخرطوم فيصل حسن ابراهيم، أنهى زيارة خاطفة الى جوبا عاصمة جنوب السودان حيث التقى الرئيس سالفا كير.
وعيّن السودان الشهر الماضي ابراهيم موفداً للسلام إلى جنوب السودان في أعقاب التوقيع على اتّفاق أديس أبابا.
وقال إبراهيم إن لقاءات مباشرة جرت الإثنين الماضي بين وفد حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان والحركة الشعبية/قطاع الشمال جناح الحلو في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا بطلب من الوساطة الإفريقية للسودان.

لقاءات مباشرة جرت بين وفد حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان والحركة الشعبية/ جناح الحلو في جوهانسبرغ

وشدد مساعد البشير على التزام الوفد الحكومي بإجراء مفاوضات سياسية متزامنة مع قضية المساعدات الإنسانية والترتيبات الأمنية، مشيرا إلى أن مفاوضات جنوب إفريقيا كسرت الجمود السياسي وتعتبر أول لقاء مباشر بين الطرفين.
ويقاتل متمردون ينتمون الى هاتين المنطقتين الحكومة المركزية منذ عام 2011 بدعوى تهميش جنوب كردفان والنيل الازرق سياسيا وإقتصاديا.
وقاتلت هذه المجموعات مع جنوب السودان أثناء الحرب الأهلية مع الشمال التي تواصلت 22 عاما وأنتهت باتفاقية سلام وقعت في عام 2005 أفضت الي استقلال جنوب السودان، بعد أن صوت مواطنوه لصالح انفصالهم عن السودان في استفتاء أجري بموجب إتفاق السلام.
إلا أن الخرطوم واصلت إتهام جوبا بدعم وإيواء حلفائها السابقين، الأمر الذي ينفيه جنوب السودان.
وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلن وفد الحكومة المفاوض ترحيبه بمبادرة ووساطة حكومة دولة جنوب السودان بتقريب وجهات النظر بين "الحركة الشعبية/قطاع الشمال" لإنجاح عملية التفاوض مع الخرطوم. 
وتعاني "الحركة الشعبية/قطاع الشمال" من انقسام بعد أن إصدار مجلس التحرير الثوري للحركة في يونيو/حزيران 2017 قرارا بعزل رئيسها مالك عقار؛ لتنقسم إلى جناحين الأول بقيادة عبد العزيز الحلو والثاني بقيادة عقار. ووفق توازنات الحركة يمثل الحلو ولاية جنوب كردفان بينما يمثل عقار ولاية النيل الأزرق.
وفي فبراير/شباط الماضي انتهت جولة مفاوضات في أديس أبابا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية/قطاع الشمال جناح الحلو دون تحقيق اختراق جراء تمسك كل من الطرفين بموقفه بشأن طريقة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وتتمسك الحكومة بإغاثة متضرري الولايتين عبر مسارات داخلية بينما تصر الحركة على إيصال 20 بالمائة من المساعدات عبر مدينة أصوصا الإثيوبية المتاخمة للولايتين.

أمل جديد بالسلام في جنوب السودان
أمل جديد بالسلام في جنوب السودان

وتقاتل "الحركة الشعبية/قطاع الشمال" قوات الحكومة السودانية منذ يونيو/حزيران 2011 وتقول المعارضة المسلحة إن مناطقها تعاني من التهميش السياسي والاقتصادي.
وتتشكل الحركة بالأساس من مقاتلين انحازوا للجنوب في حربه ضد الشمال قبل أن تُطوى باتفاق سلام أُبرم في 2005 ومهد لتقسيم البلاد في 2011 بموجب استفتاء شعبي.
أما في جنوب السودان فقد اندلعت الحرب الأهليّة قبل خمس سنوات عندما اتّهم كير، وهو من قبيلة الدنكا، نائبه آنذاك ريالك مشار وهو من قبيلة النوير، بالتخطيط للانقلاب عليه.
وأدّى النزاع إلى انقسام البلاد اتنياً. وشهدت الحرب فظائع على نطاق واسع مثل عمليات الاغتصاب الجماعي وتجنيد الأطفال والاعتداءات على المدنيين. وتسبّبت الحرب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ودمّرت الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على إنتاج النفط الذي أصيب بالشلل.
وفشل العديد من اتفاقات الهدنة والسلام في إنهاء الحرب في جنوب السودان التي أودت بنحو 380 ألف شخص وأجبرت ثلث عدد السكان على النزوح ونحو مليوني ونصف على اللجوء إلى بلدان مجاورة وتسببّت بمجاعة.