البلاستيك يخترق أجسامنا حتى الدماغ!
واشنطن - كشفت دراسة علمية حديثة عن وجود جسيمات بلاستيكية دقيقة في أنسجة الدماغ البشري تتراوح أحجامها بين 5.5 و26.4 ميكرومتر، في وقت يشهد فيه العالم زيادة مطردة في إنتاج واستهلاك البلاستيك، مما يسلط الضوء على المخاطر المتزايدة للتلوث البلاستيكي على صحة الإنسان.
وأجرى فريق دولي من الباحثين دراسة على البصلات الشمية، وهي أجزاء من الدماغ مسؤولة عن معالجة حاسة الشم لـ 15 شخصا متوفى، حيث وجدوا هذه الجسيمات في 8 من هذه العينات. ويشير الباحثون أنها قد تصل إلى الدماغ عبر المسار الشمي، مرورا بثقوب دقيقة في الصفيحة المصفاة الواقعة أسفل البصلة الشمية.
ووفقا للدراسة المنشورة في مجلة " جاما نتوورك اوبن" ( JAMA Network Open) كانت الجسيمات والألياف هي الأشكال الأكثر شيوعا للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المكتشفة، مع هيمنة مادة البولي بروبيلين وهي من أكثر الأنواع استخداما في الصناعات المختلفة، حسب ما نقله موقع "ساينس ألرت".
ويحذر خبراء من أن وجود هذه الجسيمات في الدماغ قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة باضطرابات عصبية وتلف الخلايا العصبية. كما أشارت الدراسة إلى وجود صلة محتملة بين هذه الجسيمات وبعض الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض باركنسون.
وجود الجسيمات البلاستيكية في الدماغ قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة باضطرابات عصبية وتلف الخلايا العصبية
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإنتاج أنواع من البلاستيك قابلة للتحلل الحيوي، إلا أن المشكلة تبدو في تفاقم مستمر، حيث تضاعف الإنتاج العالمي لاستهلاك البلاستيك خلال العشرين عاما الماضية.
واكتشفت سلسلة من الدراسات الحديثة وجود جسيمات بلاستيكية دقيقة وجسيمات بلاستيكية نانوية في أنسجة الدماغ البشري، والجهاز التناسلي والدم وأنسجة الرئة والكبد والفضلات البشرية وحليب الأم والمشيمة.
وفي أول تحليل لتوضيح الضرر الذي يلحقه هذا الأمر بصحة الإنسان، كشفت دراسة أجريت في مارس/آذار 2024 أنّ الذين لديهم جسيمات بلاستيكية دقيقة أوجسيمات بلاستيكية نانوية في أنسجة الشريان السباتي كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو الموت لأي سبب على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بالأشخاص الذين لا توجد عندهم هذه الجسيمات.
ويبلغ حجم جزيئات البلاستيك الدقيقة أقل من خمسة آلاف ميكرومتر في حين أن حجم جزيئات البلاستيك النانوية أقل من ميكرومتر، وهي صغيرة جدا بحيث يمكنها دخول نظام الدم وبالتالي إلى الأعضاء بما في ذلك الدماغ والقلب.
وما زالت البحوث بشأن تبعات الجزيئات البلاستيكية في المياه المعبأة في زجاجات البلاستيك على الأنظمة البيئية وصحة الإنسان محدودة، إلا أن بعض الدراسات أظهرت آثارا ضارة لها على الجهاز التناسلي مثلا، حيث تحتوي هذه المياه على ما يصل إلى 100 مرة من جزيئات بلاستيك أكثر مما كان يعتقد، وفق ما أظهرت دراسة نشرت في مجلة "بروسيدينغز أوف ذي ناشونال أكاديمي أوف ساينسز".
وكان العلماء قد أحصوا باستخدام تقنية مبتكرة 240 ألف قطعة بلاستيك في المتوسط في كل لتر من المياه، بعد اختبار على العديد من العلامات التجارية الشهيرة.
ويوصي الباحثون في بيان نشرته مؤخّرا سيسة الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بشأن المضافات الغذائية وصحة الأطفال باتخاذ مجموعة من الخطوات لتقليل التعرض للفضالات والمواد الكيميائية الأخرى الموجودة في المواد الغذائية ومنتجات تغليف المواد الغذائية.
وقال مدير طب الأطفال البيئي في كلية "لانغون هيلث" بجامعة نيويورك، الدكتور ليوناردو تراساندي، في تصريح سبق لـ"سي أن أن" إن تلك الخطوات تشمل "تقليل البصمة البلاستيكية خاصتنا باستخدام حاويات من الفولاذ المقاوم للصدأ والزجاج عندما يكون ذلك ممكنًا".
كما نبه تراساندي من "تسخين الأطعمة أو المشروبات في المايكروويف باستخدام حاويات بلاستيكية، بما في ذلك تركيبات حليب الأطفال والحليب البشري الذي يتم ضخه ولا تضع البلاستيك في غسالة الصحون فقد تتسبب الحرارة في تسرب المواد الكيميائية". ونصح بالتقليل من استخدام المواد البلاستيكية التي تُستخدم لمرة واحدة فقط.