التجربة العربية في رقمنة المعلقات

جهود الأديب عادل بن حزمان في تقننة المعلقات من أنضج التجارب العربية في وعي دور الصورة في رفد المعنى.
رقمنة القصائد تقرب تراثنا الشعري من الأجيال الجديدة

د. عبدالرحمن بن حسن المحسني

تعد تجربة الأديب عادل بن حزمان في تقننة المعلقات من أنضج التجارب العربية في وعي دور الصورة في رفد المعنى، من حيث سعيه الحثيث لتوظيف الصورة مع النص في تناوله لمعلقة امرئ القيس تحديدا، وقد بذل جهده في هذا النموذج ليربط النص بالصورة.
ونرى مثلا لوعيه في التوظيف الصوري في النماذج التالية:
  عند قول امرئ القيس:
فيا لك من ليل كأن نجومه.. بكل مغار الفتل شدت بيذبل
وعند قوله امرئ القيس: به الذئب يعوي كالخليع المعيل
وفي قول امرئ القيس: أصاح ترى برقا أريك وميضه 
وفي قوله: أمال السليط بالذبال المفتل..

وتلك نماذج فقط من توظيف الصورة لديه، وفق في بعضها، في حين أن بعض الصور لا تتناغم مع جو النص. وهو توظيف في العموم يعكس وعيه بقيمة الصورة وقصديته لتوظيف تلك الصور التي تأخذ بيد متلقي نصه لوعي أوسع بدلالة البيت. وقد وصل إلى تحقيق شيء من جهده حيث نرى تفاعلية المعلقين على التجربة وقد أبدوا وعيا أكبر لمعطيات النص رغم تقادم العهد بها.
وعلى مستوى الصوت، لا نرى أنه حقق قيمة صوتية تقنية عالية في التوظيف، فقد جاء صوته قارئا منفردا، رغم أنه كان يمكن أن يضيف أصواتا تعبيرية كحفيف الأشجار ودوي رياح الصحراء العربية وغيرها، ليقرب النص أكثر من بيئته التي ولد فيه، إضافة إلى بعض الثغرات اللغوية، وقد فضل الإنشاد الصوتي على القراءة للنص، وأحسب أنه اقترب من أدائية النص الصوتي كما هو في عصره منشدا.
وأنا هنا أحث على أن تتحول هذه الجهود الفردية إلى جهود مؤسسية تقوم عليها وزارات التعليم والثقافة في الدول العربية، لمقاربة تلك النصوص العظيمة بالصوت والصورة وبكل العناصر التقنية الممكنة، ولن يتم ذلك ما لم يتحول العمل الفردي إلى هجس مؤسسي.
ويمكن في ظل هذا أن تتغير المناهج الدراسية في التعليم العام والجامعي، بحيث تؤدى مقررات الأدب والنصوص في العصور المختلفة عبر وسائل التقنية، معززة بأقصى طاقة لمقاربة تلك القصائد من أجيالنا العربية. وعندها نستطيع أن نطمئن بأن رسالة المعلقات قد آتت تأثيرها ونفعها على المتلقي العربي.
ناقد وأكاديمي سعودي في جامعة الملك خالد