التحقيق في انفجار مرفأ بيروت أشبه بحقل ألغام

ادعاء قاضي التحقيق العدلي على الموالين لحزب الله من رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى وزراء سابقين، يثير غضب الجماعة الشيعية وسعد الحريري ودار الإفتاء وشخصيات سياسية.  
ممنوع الحديث عن مسؤولية الموالين لحزب الله في انفجار مرفأ بيروت
جدل في لبنان بعد اتهام دياب وموالين لحزب الله بالإهمال والتقصير في قضية مرفأ بيروت
ميقاتي يُلمح لاستهداف سياسي بسبب استثناء عون من الاتهامات
لماذا يخشى حزب الله التحقيق مع وزراء سابقين موالين له في انفجار مرفأ بيروت
الاعتراضات تحت عناوين دستورية والأهداف سياسية
لحزب الله شبكة واسعة تُسيطر على مرفأ بيروت الشريان المالي الحيوي
الاعتراضات والتحقيقات تعمق الشروخ السياسية
نذر أزمة جديدة تلوح في الأفق عنوانها "المكائد والاستهداف السياسي"  

بيروت  - أثار قرار المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان بالادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بينهم وزيران مواليان لحزب الله على قائمة العقوبات الأميركية، جدلا حادا في لبنان بين مرحب ومندد بالقرار.

وأعلنت قوى وشخصيات سياسية ودينية اليوم الجمعة عن رفضها للقرار بوصفه استهدافا سياسيا لشخص دياب لمؤسسة رئاسة الحكومة التي تقودها منذ اتفاق الطائف في تسعينات القرن الماضي شخصية سنّية.

قال حزب الله إن التهم الموجهة لرئيس حكومة تصريف الأعمال وثلاثة وزراء سابقين في انفجار مرفأ بيروت تنم عن "استهداف سياسي". والوزراء الثلاثة من الموالين للجماعة الشيعية المدعومة من إيران وهما وزير المالية الأسبق علي حسن الخليل ووزيرا الأشغال العامة يوسف فنيانوس وغازي زعيتر.

واعتمد القاضي صوان على إثباتات تؤكد تلقي حسان دياب والوزراء الثلاثة السابقين مراسلات تحذر من خطر الشحنة المخزنة منذ سنوات طويلة، لكن استثنى الرئيس ميشال عون من أي اتهام بالمسؤولية أو التقصير والإهمال على خلاف الشخصيات التي ادعى عليها في القضية.

ويأتي بيان حزب الله في إطار رد فعل معارض على نطاق أوسع من قبل أطراف مؤثرة تعترض على التهم التي وجهها القاضي فادي صوان أمس الخميس لكل من حسان دياب

واتهم صوان أمس الخميس حسان دياب الذي استقالت حكومته بعد انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس/اب والوزراء السابقين بالإهمال الذي أفضى إلى الانفجار وأودى بحياة 200 شخص ودمر مساحات كبيرة من بيروت.

وكان الانفجار، أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ ونتج عن كمية هائلة من نترات الأمونيوم المخزنة لسنوات في ظروف لا تراعي إجراءات السلامة والأمان.

وبحسب وثائق ومصادر أمنية كبيرة، كان دياب والرئيس ميشال عون من بين المسؤولين الذين تم تنبيههم في يوليو/تموز إلى أن شحنة نترات الأمونيوم تشكل خطرا شديدا.

وقال دياب إنه "مرتاح الضمير"، واتهم صوان بانتهاك الدستور. وكذلك فعل علي حسن خليل، أحد الوزراء الثلاثة السابقين والحليف المقرب من حزب الله والمساعد البارز لرئيس مجلس النواب نبيه بري زعيم حركة أمل الشيعية.

وفي حين أعرب حزب الله عن تأييده "المبدئي والتام للتحقيق القضائي النزيه والشفاف في جريمة انفجار المرفأ المروعة"، دعا إلى أن تكون "جميع الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة والغرض، مطابقة لأحكام الدستور، غير قابلة للاجتهاد أو التأويل أو التفسير وأن يتم الادعاء على أسس منطقية وقانونية وهذا ما لم نجده في الإجراءات الأخيرة".

وقال حزب الله "وبالتالي فإننا نرفض بشكل قاطع غياب المعايير الموحدة والتي أدت إلى ما نعتقده استهدافا سياسيا طال أشخاصا وتجاهل آخرين دون ميزان حق وحمّل شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدل وهذا سوف يؤدي مع الأسف إلى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلا من الوصول إلى حكم قضائي مبرم وعادل".

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل متهمة إياهما بتمكين جماعة حزب الله التي تعتبرها تنظيما إرهابيا من صفقات حكومية وتغطيات مالية.

ولحزب الله شبكة واسعة من العلاقات والشركات داخل لبنان واستفادت إلى حدّ كبير من الصفقات الحكومية كمورد مهم لإيراداتها المالية في ظل العقوبات الأميركية. كما تؤكد مصادر أن حزب الله يسيطر على مرفأ بيروت عبر موالين له وأعوان وهو منفذ بحري حيوي للجماعة الشيعية ولإيران وحيث تجري نشاطات وصفقات سرية تديرها.  

ويدور جدل منذ فترة حول ما إذا كان الوزراء المتهمون والموالون لحزب الله يتمتعون بالحصانة في القضية.

وأشاد ملحم خلف نقيب المحامين في بيروت بقرار صوان وقال إنه ينم عن شجاعة، فيما انتقد نجيب ميقاتي الذي كان رئيسا للوزراء في الفترة من 2011 إلى 2014، الاتهامات، ملمحا إلى أنه في حين وُجهت اتهامات إلى دياب تم إغفال عون الذي كان على علم بوجود الشحنة الخطيرة.

وأقرّ عون في أغسطس/آب بأنه تم إبلاغه بأمر الشحنة وأنه وجّه الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة.

وأعلن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن رفضه ما سماه "الخرق الدستوري" الذي ارتكبه قاضي التحقيق العدلي فادي صوان بالادعاء على حسان دياب في قضية انفجار مرفأ بيروت.

وجاءت تصريحات الحريري بعد زيارة تضامن مع دياب الذي التقاه في السراي الحكومي ظهر اليوم الجمعة، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء المكلف.

وقال الحريري "أتيت إلى رئاسة الحكومة لكي أعبر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادعاء على رئيس الحكومة"، مضيفا " الدستور واضح ورؤساء الحكومات يمثلون فقط أمام محكمة خاصة يشكلها المجلس النيابي. رئاسة الحكومة ليست للابتزاز من الآخر وهذا الأمر مرفوض ونحن لن نقبل به".

وتابع "من حق أهالي الشهداء معرفة الحقيقة، من حقهم أن يعرفوا من أدخل هذه الباخرة ومن غطى عليها. أما التعدي على الدستور والادعاء على رئاسة الحكومة فهذا أمر مرفوض وأنا أتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه".

وفي 10 أغسطس/اب الماضي، أحالت الحكومة اللبنانية ملفّ انفجار بيروت إلى المجلس العدلي برئاسة القاضي صوان.

كما ندد مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان اليوم الجمعة بالادعاء على مقام رئاسة الحكومة في قضية انفجار مرفأ بيروت، معتبرا أنه "استهداف سياسي غير مقبول".

وقال المفتي دريان "إن الادعاء على مقام رئاسة الحكومة تجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين ويصب في إطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معين دون آخر لتصفية حسابات سياسية".

وأضاف " نحن مع القضاء النزيه الشفاف ومع الحرص على تحقيق العدالة وفقا لأحكام القانون والتزام الدستور وأي تسييس أو استنساب ادعاء لكشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت هو جريمة أخرى بحق الوطن، فالكل مسؤول في هذا الحادث المفجع".

وتابع "ليعلم الجميع أن الوطن لا يبنى على المصالح الخاصة والكيديات ولا على الاستنساب فلندع القضاء يأخذ مجراه بكل تجرد وانفتاح بعيدا عن الضغوط ودون تقييده بسلاسل السياسة".