التدخل التركي في ليبيا يرفع وتيرة الهجرة السرية إلى أوروبا

سواحل الغرب الليبي تعتبر بوابة رئيسية لموجات الهجرة السرية وقد تشكل في ظل الهيمنة التركية ورقة ابتزاز جديدة يرفعها أردوغان كلما استدعت الضرورة ذلك.
بعض من أمراء الحرب في غرب ليبيا متورطون في تجارة البشر
أردوغان يُصعد بورقة المهاجرين من بحر ايجه إلى سواحل ليبيا

لامبيدوزا (إيطاليا) - وصل نحو مئة مهاجر عبروا البحر المتوسط في قوارب صغيرة إلى جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا خلال الليل في أحدث موجة من الوافدين ستزيد العبء على كاهل مركز احتجاز مكتظ بالفعل.

وهذه أحدث موجة تدفق منذ التدخل العسكري التركي دعما لحكومة الوفاق في غرب ليبيا والتي تشير بوضوح إلى ارتفاع وتيرة التسلل بحرا إلى جنوب ايطاليا في ذروة التوتر القائم بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول ملف التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط.

وتعتبر سواحل الغرب الليبي بوابة رئيسية لموجات الهجرة السرية وقد تشكل في ظل الهيمنة التركية سيفا تسلطه أنقرة على رقاب الأوروبيين وورقة ابتزاز جديدة يرفعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلما استدعت الضرورة ذلك.

وقال مسؤولون إن المهاجرين الذين جاؤوا انطلاقا من ليبيا جرى إنقاذهم من البحر أو تمكنوا من تجنب رصدهم ووصلوا للجزيرة.

ووصول تلك القوارب الصغيرة التي يحمل بعضها ما لا يزيد عن ثمانية أشخاص، رفع عدد المهاجرين الذين وصلوا لتلك الجزيرة انطلاقا من ليبيا في الأيام الثلاثة الماضية إلى ألف مهاجر.

ووصل نحو 15 قاربا على متنها 300 مهاجر تقريبا من مساء الأربعاء وحتى نهار الخميس. ونقل هؤلاء إلى مركز احتجاز مصمم لاستضافة مئة شخص تقريبا وأصبح في الأيام الماضية يضم عشرة أمثال طاقته الاستيعابية.

وطلب مسؤولون محليون هذا الأسبوع نقل نحو 300 مهاجر بصورة عاجلة لمركز احتجاز آخر في صقلية. وتسبب التدفق الذي شهدته لامبيدوزا مؤخرا في عودة ملف الهجرة لصدارة الملفات السياسية مجددا.

وزار وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني وهو زعيم حزب الرابطة المناهض للهجرة، لامبيدوزا ومركز الاحتجاز فيها يوم الأربعاء، متهما حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي بالتساهل مع الهجرة غير المشروعة.

وعندما كان سالفيني وزيرا للداخلية في الحكومة الإيطالية السابقة التي انهارت قبل نحو عام، أغلق الموانئ الإيطالية في وجه سفن إنقاذ المهاجرين من البحر التي تديرها مؤسسات خيرية.

وتأتي موجة الهجرة الجديدة بينما تئن ايطاليا تحت وطأة تداعيات فيروس كورونا الذي خلف آلاف الضحايا وعمّق الشروخ بين روما والاتحاد الأوروبي الذي يتهمه مسؤولون ايطاليون بأنه تخلى عن بلادهم في ذروة أزمة كوفيد 19.

كما أن ايطاليا التي اتخذت إجراءات صارمة ضد الهجرة الشرعية على خلاف كبير مع بروكسل حول ملف الهجرة واللجوء. وسبق للسلطات الايطالية إن منعت سفنا لمنظمات غير حكومية تقل على متنها مئات المهاجرين الذين تم إنقاذهم من الغرق، من الرسو في موانئها.

وظلت العديد من تلك السفن عالقة في عرض البحر لأسابيع بعد أن رفضت ايطاليا استقبال من كانوا على متنها.

وباتت السواحل الليبية تشكل قلقا بالغا لايطاليا بصفة خاصة وأوروبا عموما في ظل أزمة سياسية وصراع مسلح وهيمنة ميليشيات متطرفة على الغرب الليبي بدعم من تركيا.

وتقول مصادر غربية إن بعضا من أمراء الحرب في غرب ليبيا متورطون في تجارة البشر وأنهم يشكلون شبكة خطيرة لتهريب المهاجرين أو بيعهم.

و تمكنت ميليشيات حكومة الوفاق بدعم عسكري تركي من إحكام قبضتها على غرب ليبيا في مواجهة تقدم الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب.

وتخشى مصادر أوروبية من أن هيمنة تركيا أو وكلاءها المحليين على غرب ليبيا سيضع رقبة أوروبا مجددا تحت مقصلة أنقرة التي لوحت مرارا بإغراق دول الاتحاد بآلاف المهاجرين واللاجئين على أراضيها وأقدمت بالفعل قبل أشهر على تلك الخطوة للضغط على الشركاء الأوروبيين في أكثر من ملف بينها ملف التنقيب في شرق المتوسط وملف التدخل التركي العسكري في كل من سوريا وليبيا.

وتعرضت تركيا التي وقعت في مارس/اذار 2016، اتفاق هجرة مع الاتحاد الأوروبي لكبح التسلل بحرا إلى دول الاتحاد مقابل امتيازات مالية وسياسية، إلى انتقادات أوروبية عنيفة على خلفية انتهاك نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحقوق الإنسان وانتهاكاته المتواصلة في سوريا وليبيا وشرق المتوسط.

ويخشى الأوروبيون من أن الهيمنة التركية على غرب ليبيا ستمكن أردوغان من طريق بحري مهم سيشكل مصدر ضغط جديد على دول الاتحاد في استنساخ لسيناريو الهجرة من البوابة التركية.

وتأتي محاولات التسلل الأخيرة إلى ايطاليا انطلاقا من السواحل الليبية فيما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى كبح موجة تدفق من البوابة التركية عبر بحر ايجه بموجب الاتفاق الذي انتهكته أنقرة مرارا.

وكانت فرنسا ودول أوروبية قد حذّرت في السابق من أن يعمد متطرفون إلى التسلل إلى جزيرة لامبيدوزا الايطالية من جانب من مناطق الساحل في الغرب الليبي الواقع تحت سيطرة جماعات إسلامية متشددة تدعمها تركيا.