التدخل التركي في ليبيا يفاقم توترا 'مكتوما' بين أنقرة والرباط

مؤشرات على بوادر أزمة في العلاقات بين المغرب وتركيا على خلفية التدخل العسكري التركي في ليبيا وقمة كوالامبور التي حشد لها أردوغان دعما لجماعات إسلامية محظورة بينها حزب مغربي.
لا يمكن لأي جهة تجاهل دور المغرب الوازن في دعم استقرار ليبيا
التدخل العسكري التركي في ليبيا يؤجج التوترات في المنطقة
قراءة مغربية واقعية لخطر تحول الدعم التركي للوفاق الليبية إلى تدخل عسكري

الرباط - برزت في الفترة الأخيرة بوادر توتر في العلاقات بين المغرب وتركيا على خلفية التدخل العسكري التركي في ليبيا ومؤشرات على تفاهمات في الكواليس بين الجزائر وأنقرة على استبعاد الرباط من الملف الليبي على الرغم من دور المملكة الوازن في حل الأزمات الإقليمية وخاصة منها الأزمة الليبية على اعتبار أن استقرار هذا البلد يعتبر أمرا حيويا للأمن القومي المغربي.

وفي الفترة الأخيرة تحركت الرباط لإعادة التوازن في العلاقات التجارية مع أنقرة بأن اتفقت معها على مراجعة اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين.

وقال المغرب مؤخرا إن اقتصاده تضرر من تلك الاتفاقية، حيث وصل العجز التجاري مع تركيا إلى حوالي ملياري دولار.

وهذا الخلل في الاتفاقية الذي يتحرك المغرب لمعالجته تقريبا هو ذاته الخلل الذي تعيشه تونس مع تدفق غير متكافئ للسلع التركية إلى أسواقها، فيما تبقى صادرات تونس لتركيا أقل بكثير من تلك التركية التي تتدفق على السوق التونسية.

وثمة بوادر بالفعل على أزمة دبلوماسية بين البلدين منذ نهاية العام الماضي على اثر استدعاء الرباط السفير علي لزرق من أنقرة.

وبحسب تقرير لصحيفة العرب اللندنية، ذكرت مصادر ماليزية مطلعة أن الأزمة بدأت حين تدخلت تركيا وفرضت قائمة مدعوّين على القمة الإسلامية المصغرة في كوالالمبور، كان من ضمنها حزب إسلامي مغربي شبه محظور وهي القمة التي حشدت لها تركيا في سياق جهود لإضعاف منظمة التعاون الإسلامي وتقوية جماعات الإسلام السياسي. ونأى المغرب بنفسه عن المؤتمر المثير للجدل الذي قاطعته معظم الدول الإسلامية.

لكن يبدو أن الدعم التركي للسلطة في طرابلس التي تحظى باعتراف أممي والذي تحول إلى تدخل عسكري، فاقم التوترات بين أنقرة والرباط خاصة أن المغرب كان قبل سنوات طرفا فاعلا في دفع جهود المصالحة الليبية.

واستضاف المغرب قبل سنوات مباحثات بين الفرقاء الليبيين، أفضت إلى اتفاق جرى توقيعه برعاية أممية بمنتجع الصخيرات في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 لإنهاء الصراع في ليبيا.

لكن المملكة غابت عن مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية الذي انعقد الشهر الماضي بالعاصمة الألمانية.

وقالت الخارجية المغربية حينها في بيان إن "المملكة المغربية لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع".

وانعقد المؤتمر بمشاركة 12 دولة هي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وتركيا وإيطاليا و والجزائر ومصر والإمارات وجمهورية الكونغو و4 منظمات دولية وإقليمية هي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية.

وتعتبر الرباط التدخل العسكري التركي في ليبيا وإرسال مرتزقة من الفصائل السورية المتشددة إلى طرابلس انتهاكا كبيرا لاتفاق الصخيرات الذي أفضى إلى تفاهمات قادت في النهاية إلى تشكيل حكومة الوفاق قبل أن تفقد الأخيرة توازنها بانخراطها في سياسة المحاور.

كما رأت أن الحديث التركي عن 'ليبيا العثمانية' هو استدعاء للماضي الاستعماري الذي ولى ولم يعد له وجود.

ولم يعد خافيا أن تحرك الرئيس التركي في المنطقة يهدف لفرض أنقرة كقوة فاعلة في شمال افريقيا، في دفع من شأنه أن يربك التوازنات الإقليمية ويؤجج التوترات في ظرف دقيق.

وفي مؤشر آخر على التوتر الصامت بين الرباط وأنقرة، تجاهل المغرب طلبات من الرئيس التركي لزيارة الممكلة والذي قام مؤخرا بزيارة للجزائر ضمن جولة خارجية شملت دولا افريقية.

وفي تطور آخر، كشف مسؤول في الاتحاد الإفريقي الجمعة أن الاتحاد سيقترح إرسال بعثة مراقبين مشتركة مع الأمم المتحدة من أجل مراقبة سير وقف إطلاق النار في ليبيا، وفق ما ذكرت وكالة الانباء الجزائرية نقلا عن مصدر من الاتحاد.

وقال المسؤول "سيقترح الاتحاد الإفريقي إرسال بعثة ملاحظين مشتركة مع منظمة الأمم المتحدة من أجل السهر على احترام وقف إطلاق النار ميدانيا".

وتابع أن الأمر سيتم "فور التوقيع على وقف القتال والأعمال العدائية في ليبيا" بعد أي اتفاق مرتقب قد ينتج عن مباحثات جنيف.

وخلال المباحثات الجارية في جنيف، قبل أطراف النزاع الليبي بتحويل "الهدنة" إلى "وقف إطلاق نار دائم"، لكن لم يتم تحديد الشروط بعد.

والخميس أعلن المبعوث الأممي غسان سلامة عن حدوث تقدم في مفاوضات جنيف، مشيرا إلى أن المفاوضات السياسية لوقف إطلاق النار ستنطلق في 26 فبراير/شباط.