التدخل التركي يعرقل عملية السلام في ليبيا بدل انهائها خلال مؤتمر برلين

رجب طيب أردوغان يهدد عشية مؤتمر برلين الدول الأوروبية بالإرهاب أو دعم حكومة فائز السراج لإنهاء الصراع في ليبيا.

برلين - تتجه الأنظار اليوم الأحد إلى العاصمة الألمانية برلين حيث يعقد قادة الدول الرئيسية المشاركة في النزاع الذي يمزق ليبيا قمة أممية لمحاولة إطلاق عملية السلام مجددا وتجنب حرب أهلية تحول هذا البلد إلى "سوريا ثانية".

والهدف الرئيسي لهذه القمة التي تعقد برعاية الأمم المتحدة وتفتتح بعد ظهر الأحد على أن تستمر حتى وقت متأخر في المساء، هو وضع حد للتدخلات الأجنبية في هذه الدولة التي تغذي النزاع فيها عوامل عديدة من الشهية لمواردها النفطية إلى الخصومات السياسية الإقليمية وصراع النفوذ خصوصا بعد أن بعد تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي بدأ في إرسال قوات عسكرية ومقاتلين سوريين إلى البلد المطل على ضفاف المتوسط الذي أصبحت اكتشافات الغاز الهائلة في السنوات الأخيرة تثير مطامع أنقرة.

وقال هايكو ماس وزير خارجية ألمانيا التي تستضيف المؤتمر، لصحيفة بيلد الأحد إن "المؤتمر يمكن أن يكون خطوة أولى من أجل السلام في ليبيا".

وتعقد القمة بعد أيام من إرسال أردوغان لعسكريين أتراك ومقاتلين سوريين مؤخرا إلى طرابلس فيما تخشى الأسرة الدولية تفاقم النزاع مع تدفق الأسلحة التي تتسلمها الميليشيات في البلاد من تركيا التي سهلت تسلل الإرهابيين إليها.

وقال مسؤول بالأمم المتحدة أمس السبت إن ما يصل إلى ألفي مقاتل من الحرب الأهلية السورية انضموا أيضا إلى معركة دفاع حكومة الوفاق عن مصالحها في العاصمة. فيما هدد أردوغان أوروبا، في مقال نشر في مجلة بوليتيكو السبت، إما بحماية ودعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وإما الإرهاب.

كما دعا أردوغان أوروبا إلى دعم ما تقوم به بلاده في ليبيا بتقديم دعم عسكري لحكومة السراج إن كانت تريد إنهاء الصراع الليبي.

وأججت اتفاقيات أمنية وعسكرية وقعها أردوغان مع السراج في نوفمبر الماضي الصراع داخل ليبيا ولاقت رفضا دوليا وإقليميا واسعا، فيما ندد الليبيون طلب حكومة الوفاق بشكل رسمي تدخل الجيش التركي في البلاد لدعم الميليشيات التي تقتل إلى جانبها ضد الجيش الوطني الليبي.

وعشية قمة برلين السبت أغلقت قوات الجيش موانىء النفط الرئيسية في شرق ليبيا، تعبيرا عن اعتراضها على التدخل التركي في البلاد.

أردوغان يلعب على خشية أوروبا من تدفق موجات جديدة من المهاجرين على سواحلها لتبرير تدخله في ليبيا

وسيحضر طرفا النزاع الرئيسيان في ليبيا فايز السراج والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، إلى برلين لكنهما لن يجلسا على طاولة واحدة.

وانسحب المشير خليفة حفتر يوم الاثنين من قمة روسية-تركية سعى لعقدها أردوغان لفرض هدنة دائمة في طرابلس، مطالبا بنزع سلاح الميليشيات عبر لجنة أمنية ليبية أولا، بالإضافة لتشكيل لجنة دولية تشرف على تنفيذ بنود الاتفاق الذي سيُبرم.

ويتوقع أن يصدر عن قمة برلين التي سيحضرها قادة فرنسا ومصر وإيطاليا وألمانيا، تعهد باحترام الحظر على شحن الأسلحة فرض في 2011 لكنه بقي حبرا على ورق، كما ورد في مسودة الاتفاق النهائي.

وصرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة في مقابلة السبت في برلين أن أحد أبرز أهداف المؤتمر الدولي حول ليبيا هو وقف كل التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، داعيا أيضا إلى عدم استخدام النفط "كأداة حرب".

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية مساء السبت طالبا عدم الكشف عن هويته إن "الأمر يتعلق بنزاع إقليمي يتسع ويصبح أكثر شبها بسوريا". وأضاف "هذا هو سبب تعبئة الأسرة الدولية".

وتخشى أوروبا التي تركت فراغا بتخليها عن الملف الليبي في السنوات الماضية، تدفق موجات جديدة من المهاجرين على سواحلها، وهي مخاوف تلعب عليها تركيا لتبرير تدخلها. وقالت الرئاسة التركية مساء السبت إن "العنف في طرابلس يمكن أن يؤدي إلى تدفق موجات جديدة من اللاجئين".

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنه "يجب أن نرى الأمور على حقيقتها، وتوازن القوى على حقيقته"، مشيرا إلى أن المشير حفتر مع حلفائه "يسيطر على ثمانين بالمئة من الأرض تقريبا".

وميدانيا، تأمل الأمم المتحدة من هذا المؤتمر أيضا "تعزيز وقف إطلاق النار" الذي حصلت عليه أنقرة وموسكو في اجتماع الاثنين ودخل حيز التنفيذ في 12 كانون الثاني/يناير.

وحتى الآن، كانت الهدنة محترمة إلى حد ما بين قوات الجيش الليبي وتلك الموالية لحكومة الوفاق على أبواب العاصمة.

ويعول المشير حفتر على انتصار سريع إذا ما واصل الجيش الليبي الذي سيطر على الشرق وعلى جزء كبير من الجنوب الليبي، العملية التي ينفذها منذ مطلع نيسان/أبريل لتحرير طرابلس من الإرهابيين والمليشيات.