التراخي الدولي يمنح تركيا فرصة للتمادي والغرور

تركيا تستفيد إلى حدّ كبير من التراخي الدولي في مواجهة سلوكها العدواني على أكثر من جبهة بداية بتدخلها العسكري في سوريا ثم في ليبيا وشرق المتوسط ولاحقا في العراق.
الرئاسة التركية: لا يمكن لأحد تنفيذ خطط في المنطقة من دون تركيا
التراخي الدولي جعل تركيا تتكلم بمنطق المنتصر في ليبيا والعراق وسوريا
الأمم المتحدة لم تضع حدا للانتهاكات التركية في ليبيا والعراق وشرق المتوسط

أنقرة - تحدثت الرئاسة التركية اليوم الخميس بلهجة تنطوي على الكثير من الغرور، متحدية الاعتراضات الدولية على سلوكها العدواني في الشرق الأوسط وافريقيا، مؤكدة أنه لا يمكن لأحد تنفيذ خطط بدون تركيا سواء في سوريا أو شرق المتوسط أو شمال إفريقيا أو المناطق الشمالية للبحر المتوسط.

وتحدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المجتمع الدولي بانتهاكه لقرار الحظر السلاح على ليبيا، حيث استمر في إرسال مرتزقة متشددين من فصائل سورية موالية لأنقرة بعد أن أغرق الغرب الليبي بالسلاح دعما لميليشيات متطرفة تقاتل مع قوات حكومة الوفاق الوطني في مواجهة عملية يقودها الجيش الوطني الليبي منذ أبريل/نيسان 2019 لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب.

كما استمرت تركيا في أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط منتهكة المياه القبرصية ومتجاهلة اعتراض الاتحاد الأوروبي وتلويحه بفرض عقوبات عليها ودخلت في معركة لي أذرع معه بأن أطلقت آلاف اللاجئين والمهاجرين على حدود اليونان.

ماذا تفعل تركيا في ليبيا
ماذا تفعل تركيا في ليبيا

كما عمدت في خضم هذا التوتر إلى عسكرة شرق المتوسط حيث كانت طائراتها المسيرة وبوارجها الحربية ترافق سفن التنقيب.

واستفادت تركيا إلى حدّ كبير من التراخي الدولي في مواجهة سلوكها العدواني على أكثر من جبهة بداية بتدخلها العسكري في سوريا وقتلها مئات الأكراد بين مدنيين ومسلحين في جرائم تقول منظمات حقوقية دولية إنها يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقامت أيضا بتسليح جماعات متطرفة في سوريا في الوقت الذي كانت تزعم فيه محاربة الإرهاب، إلى أن افتضح دورها في ليبيا حين تم ضبط شحنات أسلحة وذخيرة في طريقها لحكومة الوفاق والميليشيات الاخوانية.

ورغم أن سلوكها يعتبر انتهاكا صارخا للقرارات والمواثيق الدولية، إلا أن الأمم المتحدة التي تلعب دور الوسيط لحل الأزمة الليبية، لم تفرض عليها عقوبات، مكتفية بإعلان رفضها أي تدخل أجنبي في الصراع الليبي.

وانتقلت في مرحلة لاحقة من الدعم السري إلى العلني من خلال إرسالها طائرات مسيرة وآلاف المرتزقة وقوات ومستشارين على الأرض.

وأعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الخميس في تصريحات لقناة محلية، أن فرنسا أرسلت الأسبوع الماضي وفدا إلى العاصمة الليبية طرابلس أجرى مباحثات مع المسؤولين الليبيين.

وأضاف "لا يمكنكم تنفيذ أي خطة بدون تركيا سواء في سوريا أو شرق المتوسط أو شمال إفريقيا التي تشكل الجناح الجنوبي للناتو أو المناطق الشمالية للبحر المتوسط، فأي خطة أو مشروع ستقومون به بدون تركيا محكوم عليه بالفشل".

وفي الوقت الذي تجمع فيه كل المؤشرات على أن التحرك التركي في ليبيا مبنيعلى أطماع توسعية وسعيا للهيمنة على ثروات الشعب الليبي، اتهم قالن قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر بأنه يطمع في الموارد الليبية.

المجتمع الدولي لم يفعل شيئا لوقف الانتهاك التركي لقانون البحار
المجتمع الدولي لم يفعل شيئا لوقف الانتهاك التركي لقانون البحار

وفي محاولة لتبرير الاجتياح التركي لليبيا ودعم حكومة الوفاق التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون، حذّر المسؤول التركي من أن أي فراع أمني يتشكل في المنطقة سيعرض شمال إفريقيا والبحر المتوسط وأوروبا وجنوب حلف شمال الأطلسي الناتو للخطر من الناحية الأمنية.

وكان يريد من خلال هذا التحذير إيجاد مسوغات مقبولة للوجود التركي في ليبيا على الرغم من أنه يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي وللأعراف الدبلوماسية.

وتابع أن أردوغان بذل ولايزال جهودا لوقف إطلاق النار في ليبيا، في رواية تتناقض مع الواقع على الأرض حيث رفضت حكومة الوفاق التي تتحرك بناء على الاملاءات والأوامر التركية أي وقف لاطلاق النار بعد أن حققت مكاسب ميدانية بدعم وغطاء تركي.

وقال قالن "نؤكد لنظرائنا والبلدان الأوروبية والولايات المتحدة وروسيا أننا إلى جانب وقف إطلاق النار وندعم تمهيد الطريق لعملية سياسية"، مستدركا بالقول "لكن يجب تهيئة الظروف الموضوعية من أجل تحقيق ذلك وعدم استغلاله (وقف إطلاق النار) كمناورة تكتيكية جديدة تكسب حفتر مزيدا من الوقت، إذ علينا أن نقدم على خطوات لدفع العملية السياسية في ليبيا عبر الأطراف والعناصر المشروعة".

وزعم قالن أن تركيا لا تقف إلى جانب التوتر في شرق البحر المتوسط وجنوبه وشمال إفريقيا، وأنها تواصل اتصالاتها ودعمها للحكومة "الشرعية" في ليبيا في إطار معايير الأمم المتحدة ومؤتمر برلين.

تركيا تطارد المتمردين الأكراد داخل الأراضي العراقية دون تنسيق مع بغداد
تركيا انتهكت سيادة العراق وتتمسك باستمرار عمليتها العسكرية في شماله

وفي رده على سؤال حول موقف الولايات المتحدة وروسيا حول ليبيا، ذكر قالن أن روسيا تدعم حفتر حاليا وأن الولايات المتحدة كانت تدعمه سابقا وابتعدت عنه حاليا نتيجة للتقارب بينه وبين روسيا.

وقال "لكن الولايات المتحدة تتجنب لعب دور حاسم في ليبيا، واتصالاتنا مع واشنطن وموسكو ستتواصل بهذا الخصوص".

كما أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية أن أنقرة ستواصل اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها وفق القواعد المشروعة.

وبالتزامن مع هذه الانتهاكات، نفذت تركيا غارات جوية وعملية توغل في شمال العراق ضد مواقع لمتمردي حزب العمال الكردستاني دون تنسيق أو تشاور مع العراق في انتهاك لمبادئ حسن الجوار وللسيادة العراقية.

وفي معرض حديثه عن العراق، قال إن بلاده عرضت عليه التعاون للقضاء على التهديد الذي تشكله منظمة 'بي كا كا' مشيرا إلى أن العمليات ضد هذه المنظمة تأتي في هذا الإطار.

واستطرد "نحن لا نقبل أن تستخدم منظمة إرهابية، دولة مجاورة لتنفيذ هجمات على بلادنا"، مؤكدا أن العمليات ضد المنظمة ستستمر.

ونوه قالن إلى شبكة العلاقات المتعددة الاتجاهات التي تديرها تركيا، لافتا إلى مواصلة بلاده المباحثات مع الحكومة المركزية في بغداد والإدارة الإقليمية في أربيل.

وأوضح أن إدارة بارزاني غير راضية عن تواجد منظمة 'بي كا كا' في المنطقة، إلا أنها في الوقت نفسه لم تُظهر الإرادة للقضاء عليها بشكل كامل.