التظاهر حق مكفول بأمر الحاكم!

حال العراق: لا مكان للفقراء في ارض القهر التي تسمى وطنا سوى التوابيت والقبور.
من الغريب ان المتسلطين لا يعترفون بالظلم والقهر الذي يمارسونه على الناس
من يخرج للتظاهر ضد الظلم لا يخرج بطراً ولا فساداً وانما للتغيير وفرض الإصلاح

حينما يخرج الشعب متظاهراً ضد الظلم والفقر والجوع، ينبري السياسيون في وسائل الاعلام ليقولوا ان التظاهر حق كفله الدستور، لكنهم في الوقت نفسه يأمرون عصاباتهم بتوجيه بنادقهم الى الصدور العارية لتمزقها.

ولتبرير افعالهم الاجرامية يتهمون الشعب بانه متأمر ومدفوع من الخارج.

 والسؤال متآمر على مَنْ؟ ومدفوع من أجل مَنْ؟

هل يتآمر شعب على ارضه ووطنه؟ ولا يتآمر المتسلطون عليه، ونراهم في كل يوم يعرضونه في المزادات الدولية؟

فهل يحق للمتسلطين التآمر والسرقة والفساد ولا يحق للشعب المطالبة بقوته اليومي؟ اسئلة لا يمكن ان تُسأل مادامت الرصاصة مستعدة للإطلاق وتنتظر الضحايا.

 من الغريب ان المتسلطين لا يعترفون بالظلم والقهر الذي يمارسونه على الناس، لكنهم ببساطة يخوِّنون الفقراء.

الذين يخرجون للتظاهر ضد الظلم لا يخرجون بطراً ولا فساداً، وهم يعلمون كمية الرصاص المخزَّن في بنادق جنود السلطة، كما يعلمون ان الموت ينتظرهم. ومع كل هذا نراهم يخرجون بكل قوة. ترى ما الذي يدفع الناس الى عدم الخوف من الموت والسجون المعدة للمعترضين على سياسة الحاكم؟، أليس الظلم والقهر والجوع وبؤس العيش؟

الفقراء والمهمشون مواطنو الدرجة العاشرة في هذا الوطن، لا يشاركون مواطني الدرجة الاولى الا بالوثيقة الوطنية. فهم لا يعرفون معنى الوطن الا في الحروب والمآسي. فهم اول من يضحي من اجل ان يبقى مواطنو الدرجة الاولى في سلام ورغد.

في الرخاء يبحثون المهمشون عن الوظيفة ولقمة العيش وفي الحروب يتحولون الى جثث يطلق عليها اسم شهيد الوطن!

فلا مكان للفقراء في ارض القهر التي تمسى وطنا سوى التوابيت والقبور، فهم في كل الحالات يلقون ذات المصير، في الحروب او التظاهرات فانهم حتما سيحجزون قبورهم في مكان ما من هذا الوطن الذي ابى الا ان يحتضنهم امواتا، ويلقي عليهم تحية الوداع بدموع احبتهم.  

ويبقى حكام الغلبة والاستبداد يحتفلون بموت الفقراء، وهم يرددون بصوت عالٍ "التظاهر حق كفله الدستور"، ويهمسون في اذان الجلاوزة ولكن "بأمر الحاكم".

يقول الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف: شيئان يستحقان المنازعات الكبرى في الحياة هما وطن حنون وإمرأة رائعة.