التقارب الكردي-التركي: هل يمهد النفط لحلول سياسية جديدة؟
تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الإسراع باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر خط جيهان، وخلاف ذلك سيواجه العراق عقوبات مثل إيران، يعكس موقفاً أميركيا حاسماً. هذا الموقف، بالإضافة إلى مبادرة وجهود الزعيم مسعود بارزاني في التوسط بين تركيا وقسد وقنديل، وكذلك مع الحكومة الانتقالية في سوريا، عزز مكانة إقليم كردستان. وبالتالي، فإن هذا الأمر سيعزز أيضا وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تركيا، خاصة بعد التخبطات والمصاعب الاقتصادية والسياسية الكبيرة، خصوصا وهو يستعد للمرحلة القادمة فيما يتعلق بترشيحه من عدمه قانونيا، والمتوقف على إما تعديل الدستور أو اضطرار الدولة للذهاب إلى انتخابات مبكرة.
ولتتضح الرؤية، ننتظر نتائج المؤتمر الحزبي للعدالة والتنمية الذي يترأسه أردوغان. فإذا سارت الأمور حسب رغبته، فإن استئناف تصدير نفط كردستان عبر ميناء جيهان التركي سيكون معززا، إذ تُعد هذه العملية مصدرا مهماً للإيرادات، حيث تحصل تركيا على رسوم عبور وتصدير النفط عبر أراضيها. بالإضافة إلى ذلك، تعزز هذه العملية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تركيا وإقليم كردستان، مما يساهم في تعزيز المصالح المشتركة بينهما.
هنا أود أن أشير إلى أمر في غاية الأهمية بالنسبة للكرد في أجزائهم الأربعة. فعلى الرغم من الاحتمالات التي تشير إلى تفاهم مرتقب بين أردوغان وقسد والآخرين بجهود بارزاني، إلا أن الأحزاب القومية في تركيا تبدو أقرب إلى التفاهم لإيجاد حلول أو عقد اتفاق حقيقي مع الكرد. بمعنى آخر، أرى حالياً أن الأحزاب القومية في تركيا أكثر استعدادا لإيجاد حل للمسألة الكردية من حزب العدالة والتنمية.
وإذا تم التأكد من صحة سعي كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية (برئاسة دولت بهجلي) لتحقيق حل حقيقي للقضية الكردية، فإن هذا سيكون تطوراً مهماً، خاصة بعد أن فاجأ بهجلي الجميع بدعوته في اجتماع حزبي قال فيها: "إذا تم رفع العزلة عن عبدالله أوجلان، فليأتِ ويتحدث في اجتماع مجموعة حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب في البرلمان التركي". وكذلك عن تصريح رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل بعد زيارته لصلاح الدين دميرتاش في السجن، حيث قال: "أنا أيضا أرفع صوتي وأقترح على الكرد أن يصبحوا أصحاب الدولة التركية".
وأخيراً، ليس أمامنا سوى ترقب المعطيات السياسية الإقليمية والدولية لمعرفة ما ستؤول إليه أوضاع المنطقة، خصوصاً وأن ما يحدث من أمور في المنطقة هو خارج التوقعات. فعن نفسي، لم أتوقع يوما أن يصبح أحد كوادر تنظيم مدرج في قائمة الإرهابيين مقبولا كرئيس لسوريا.