التكنولوجيات الحديثة سلاح الإمارات للوقاية من كورونا

الحياة لم تتعطل في الإمارات حيث بدأت الدولة في ذروة أزمة كورونا التي تجتاح العالم، تجني ثمار جهود سنوات من تعزيز البنية التحتية في التكنولوجيات الحديثة.
مقاربة استشرافية جعلت الإمارات جاهزة للتعامل مع فيروس كورونا الطارئ
الإمارات تعتمد العمل والدراسة والتسوق عن بعد للتوقي من كورونا
طائرات مسيرة لتوجيه المواطنين بملازمة منازلهم

أبوظبي - اتخذت دولة الإمارات سلسلة إجراءات فعالة، موظفة التكنولوجيا الحديثة في التصدي لانتشار فيروس كورونا دون تعطيل سير العمل أو الدارسة باعتمادها على المدارس والجامعات الافتراضية (التعليم عن بعد) والموظف الذكي (العمل عن بعد) حفاظا على استمرار نسق الحياة المهنية وتحصينا لاقتصادها من اهتزازات حتمية فرضها انتشار الوباء في كل دول العالم تقريبا.

وأتاحت الحكومة للمواطنين والمقيمين إنهاء معاملاتهم الرسمية عبر المواقع الالكترونية والتطبيقات الذكية، فيما أطلقت الشرطة طائرات دون طيار لمراقبة التجمعات وتوجيه تحذيرات تطالب من هم خارج منازلهم بالالتزام بعدم التجمع ولزوم بيوتهم.

كما أتاحت الإجراءات الحكومية تحويل مراكز التسوق إلى مراكز افتراضية تسمح لعملائها التجول بين السلع وتحديد المطلوب ليصلهم ما يحتاجونه إلى حيث هم.

وقبل أيام ظهر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وهو يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء عن بعد وأمامه شاشة ضخمة يظهر فيها كل وزير وهو في مكتبه ويتفاعل مع رئيس مجلس الوزراء عبر الشاشة الالكترونية.

وجاء الاجتماع تماشيا مع التدابير الوقائية والاحترازية المطبقة في الدولة لمواجهة فيروس كورونا المستجد وفي أعقاب اعتماد نظام العمل عن بعد في الحكومة الاتحادية.

وقال الشيخ محمد بن راشد "اجتماعنا يأتي بأدوات جديدة وفي ظروف استثنائية لنثبت أن حكومة الإمارات حكومة مستقبلية، قادرة على التأقلم مع مختلف التحديات وتستطيع بفضل كوادرها الوطنية وبنيتها التحتية أن تواكب المستجدات كافة".

وخلال هذا الأسبوع، بدأت الدراسة عن بعد لطلاب المدارس والجامعات بعد توقف دام أسبوعين للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

وجلس الطلاب في المنازل كل أمامه جهاز كومبيوتر شخصي، يشاهد من خلاله معلمه في الفصل المدرسي وهو يشرح له الدروس التعليمية في يوم دراسي افتراضي.

وتفاعل الطلاب مع التجربة التي وفرت عليهم عناء التوجه إلى الحافلات المدرسية وقطع مسافات بعيدة للوصل للمدرسة في ظروف جوية مختلفة قد تكون صعبة في بعض الأيام.

وتدخل الشيخ محمد بن راشد في إحدى الحصص المدرسية الالكترونية، حيث فوجئ الطلاب ومدرستهم بنائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء يظهر على الشاشة أثناء الحصة ليتبادل الحديث مع المعلمة.

وقال حاكم دبي إن "المدارس توقفت لكن التعليم لن يتوقف ونحن الدولة الأكثر استعدادا للتعلم الذكي"، مؤكدا أن العملية التعليمية في مدارس الإمارات مستمرة وبأقصى درجات الكفاءة حتى في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها الدول جراء تفشي فيروس كورونا الذي تسبب في حرمان أكثر من نصف الطلبة في مختلف أنحاء العالم من التعليم.

وتابع "العلم مستمر عن بعد ومن أي مكان، لأنه ضمانة لاستمرار التنمية في الأوطان"، مضيفا "استثمرنا في التعليم الذكي خلال السنوات العشر السابقة واليوم نجني الثمار".

وقال "الإمارات لديها بنية تكنولوجية من بين الأكثر تقدما في العالم ومنظومة التعلم الذكي لدينا هي الأفضل في المنطقة ولا سبب يجعلنا نتوقف أو نتراجع".

وقالت وزارة التربية والتعليم إنها استفادت من التقنيات الحديثة ليجلس الطلاب على مقاعد الدراسة "افتراضيا" من البيت ويدرسون عبر منظومة التعلم عن بعد ومتابعة الدروس مع المعلمين والمعلمات ضمن جدول حصص محدد لكل صف دراسي.

ويستفيد بمنظومة التعليم الافتراضي بالإمارات أكثر من 1.2 مليون طالب وطالبة من مختلف المدارس والجامعات في الدولة. ومن أجل نجاح التجربة نفذت وزارة التربية والتعليم برنامجا تدريبيا شاملا خاصا بآليات وتقنيات التعلم عن بعد لأكثر من 25 ألف معلم وإداري في المدارس الحكومية بالإضافة إلى أكثر من 9200 معلم ومدير مدرسة من المدارس الخاصة.

اجتماعنا يأتي بأدوات جديدة وفي ظروف استثنائية لنثبت أن حكومة الإمارات حكومة مستقبلية قادرة على التأقلم مع مختلف التحديات

وإلى جانب التعليم الافتراضي، أطلقت المؤسسات الحكومية مراكز خدمة حكومية افتراضية لتقديم الخدمات الرسمية للمتعاملين عبر التطبيقات الذكية بالهواتف المتحركة أو عبر المواقع الالكترونية.

وتقول الدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر المدير العام لدائرة 'دبي الذكية' إن إمارة دبي تتمتع ببنية تحتية الكترونية قوية تجعلها تقدم خدماتها للجميع بيسر وسرعة، مضيفة أنه بات متاحا لكل سكان دبي الدخول على تطبيق ذكي على الهاتف المحمول هو تطبيق 'دبي الآن' ليسددوا كافة فواتير الخدمات الحكومية مثل فواتير الماء والكهرباء والاتصالات والتواصل مع مراكز الشرطة وسداد المخالفات المرورية، إضافة إلى الحصول على الشهادات الحكومية الرسمية.

ويقدم تطبيق 'دبي الآن' 116 خدمة تتبع 33 جهة حكومية في مجالات الأمن والعدل والمواصلات العامة وتأشيرات الإقامة ورخصة قيادة المركبات والصحة والأعمال والتوظيف والتعليم والإسكان والتبرعات والخدمات العامة.

وأوضحت أن حكومة دبي والدوائر والهيئات والمؤسسات التابعة لها تتمتع بكافة التجهيزات الالكترونية والتقنيات الذكية، ما جعلها تطبق تجربة العمل عن بعد.

ولم تواجه الإمارات إشكالات تذكر رغم أن قرار الخدمات عن بعد الذي شمل أكثر من مجال حيوي من الصحة إلى التعليم إلى الحياة المعيشية اليومية للمواطن، كان طارئا ومفاجئا ضمن إجراءات التوقي من انتشار فيروس كورونا.

وتشكل التطبيقات الذكية التي أطلقتها دولة الإمارات طفرة نوعية في مجال الخدمات الالكترونية لكل الشرائح ومن ضمنها موظفي القطاعين العام والخاص.

وكانت إمارة دبي قد أطلقت تطبيق 'الموظف الذكي' والذي يتيح إمكانية الوصول إلى العديد من خدمات شؤون الموظفين سواء خلال التواجد في مقر العمل أو خارجه ويتم الاعتماد عليه في تسجيل الدخول والخروج في بداية الدوام اليومي ونهايته، بدلا من نظام البصمة الذي تم توقيف العمل به في إطار الإجراءات الوقائية المُطبقة في جميع المرافق الحكومية منذ ظهور فيروس كورونا المستجد.

الامارات كانت جاهزة للتعاملات عن بعد في كل المجالات
الامارات كانت جاهزة للتعاملات عن بعد في كل المجالات

ويحتوي التطبيق على العديد من المزايا التي صممت خصيصا لمساعدة الموظف بما في ذلك إمكانية تقديم الإجازات وطلب الشهادات وإجراءات المشتريات والحصول على الموافقات الرسمية.

ومع تزايد دعوات البقاء في المنزل لتقليل التجمعات للتوقي من فيروس كوفيد 19، اتجهت أجهزة الشرطة لتسخير التكنولوجيا الحديثة لتطبيق هذه الدعوات، حيث أعلنت شرطة إمارة الشارقة أن مراكز الشرطة التابعة لها لن تستقبل المتعاملين وعليهم الاستفادة من الموقع الالكتروني لتقديم البلاغ.

وفي دبي كذلك دُعيت الشرطة إلى الاستفادة من مراكز الشرطة الذكية وهي مراكز بدون ضباط، تستقبل أصحاب الشكاوى والبلاغات ليدخلوا على أجهزة الكترونية وحاسبات الكترونية لتقديم البلاغ.

وانطلقت في سماء الشارقة طائرة بدون طيار مزودة بمكبرات صوت وإضاءة تشبه إضاءة سيارات الشرطة لتقترب من أية تجمعات بشرية وتطلب منهم العودة للمنزل وهو الإجراء ذاته في دبي حيث سخرت الشرطة طائرة مسيرة لتحذير الأشخاص الذين يخرجون من منازلهم دون حاجة إلى ذلك ومخاطبتهم بضرورة المغادرة فورا.

وقال رئيس قسم الأمن البحري المقدم راشد ثاني العايض، إن الطائرة يتم استخدامها لمراقبة الشواطئ وفي المناطق الصناعية لرصد أيه تجمعات بما يحول دون الحاجة إلى الاختلاط مباشرة مع أفراد المجتمع، فيما توجه الطائرة رسالة مباشرة باللغتين العربية والانكليزية نصها "انتباه، يرجى مغادرة الموقع فورا".

ولم تتعطل الحياة في الإمارات حيث بدأت الدولة في ذروة أزمة كورونا التي تجتاح العالم، تجني ثمار جهود سنوات من تعزيز البنية التحتية في التكنولوجيات الحديثة التي ضخت فيها استثمارات ضخمة طيلة العقد الماضي ضمن مقاربة استشرافية لاعتمادها في تسيير شؤون الدولة والشأن العام.

وقد تبدو الحياة مختلفة بعض الشيء من حيث الحركية والتنقل في الإمارات شأنها في ذلك شأن دول العالم التي تسعى جاهدة للتأقلم مع وضع فرضه انتشار فيروس كوفيد 19، إلا أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة بما فيها عقد جلسة مجلس الوزراء عن بعد أثبتت فعاليتها وجدواها على جميع المستويات وأولها حماية المواطن الإماراتي وضمان سلامته وصحته وهي مقاربة لطالما اعتمدتها الدولة التي تولي أهمية بالغة للرأس المال البشري.