التلوث الهائل الجانب القاتم من مهرجان كان البرّاق

بقايا طعام بالكيلوغرامات وضجيج وتلوث ليخوت وطائرات خاصة وسيارات فارهة، وجمعيات تطالب المهرجان العالمي بمواجهة الأزمة البيئية.

باريس – يخفي مهرجان كان السينمائي جانبا قاتما لفعالياته البرّاقة والباذخة مع بقايا طعام تُخَلّف بالكيلوغرامات ويخوت وطائرات خاصة تستهلك طاقة كبيرة وسيارات فارهة تستخدم لنقل النجوم بضعة أمتار، في ما تعتبره جمعيات بيئية “هدرا كبيرا”.
وقال الناشط البيئي والمخرج الفرنسي سيريل ديون مطلقا نداء إلى عالم السينما للعمل على مواجهة الأزمة البيئية "قد يكون هناك الكثير من العمل الذي يجب فعله خلال تنظيم مهرجان كان لجعله أكثر مراعاة للبيئة".
على مدار 12 يوما، تبهر هذه المدينة العالم أجمع بفعالياتها السينمائية، لكن جمعية الدفاع عن البيئة والطبيعة (ايه دي اي ان) تندد بضريبة نجاح المهرجان ألا وهي "التلوث الهائل الذي يرافق الحدث".
وأوضحت رئيسة الجمعية جنفييف أوشي "خلال المهرجان، يزيد عدد الأشخاص في المدينة ثلاث مرات… يأتي المحترفون والفنانون في طائرات إلى مطاري كان ونيس، وتسير السيارات مسبوقة بدراجات نارية مطلقة صفارات الإنذار في كثير من الأحيان لإيصال الزوار إلى الفنادق وتجنب الزحمات المرورية، كما يضطر أصحاب اليخوت الضخمة في الخليج إلى إبقاء المحركات شغالة طوال اليوم".

مهرجان كان
فرنسا تبهر العالم بفعالياتها السينمائية

وقالت أوشي التي نددت بـ"استهلاك محموم" إن السجادة الحمراء تغير ثلاث أو أربع مرات يوميا والكتيبات التي توزع على الرواد تطبع بكميات لا تعد ولا تحصى وأحيانا تطير وتسقط في البحر.
وفي العام 2015 (أحدث الأرقام المؤرخة)، خلّف المهرجان 1900 طن من النفايات الإضافية وفقا للجمعية.
وصحيح أن أصابع الاتهام توجه إلى المشاركين العاديين، غير أن كبار المسؤولين عن هذا التلوث هم النجوم.
وأضافت أوشي "يستبقون طلبات النجوم ويتخيلون أنواع الأزهار التي يحبونها وخياراتهم الغذائية وزخرفات الأجنحة التي ينزلون فيها… لكن ذلك كله يتغير في نهاية المطاف".
وأوضحت الجمعية أن الألعاب النارية التي تطلق من اليخوت تولد تلوثا بجسيمات دقيقة تتساقط في البحر وتتسبب في تلوث ضوئي يزعج الطيور البحرية.
ومن أكثر مسببات التلوث، الحركة المتواصلة للطائرات الخاصة التي تبدأ مع بداية المهرجان وتستمر طوال فصل الصيف وتثير غضب السكان الذين يقطنون قرب المطار.
وفي العام 2018 سجل مطار كان 1700 عملية (هبوط وإقلاع) لطائرات خاصة خلال شهر أيار/مايو بمعدل 54 رحلة في اليوم، مقابل ألف رحلة في الشهر السابق وأكثر من ألفي رحلة في عز الصيف.
ويمكن أن يتخطى مستوى الضجيج 80 ديسيبل بسبب الطائرات ذات المحركات الأكثر صخبا في حين أن ضجيج أي نشاط في الهواء الطلق، باستثناء نشاطات الملاحة الجوية، هو أدنى من 50 ديسيبل، وفق جمعية التصدي للأضرار الناجمة عن الضجيج.
وقال رئيس هذه الجمعية ألبير دوفان "النجوم يعودون بنفع كبير على المدينة. لكن مع طائراتهم التي تصدر أصواتا مزعجة، لا نستطيع إبقاء النوافذ مفتوحة خلال هذه الفترة".
وقال رئيس بلدية مدينة كان دافيد ليسنار "لا أعتقد أن هناك الكثير من الهدر خلال المهرجان".
ويذكر ليسنار الذي أطلق أخيرا حملة ضد التصرفات غير اللائقة أن السجادة الحمراء مصنوعة من مواد يعاد تدويرها ومياه البحر تنقّى بعد كل عملية إطلاق للألعاب النارية.
وأضاف رئيس البلدية "هناك نجوم كثر يدّعون أنهم مدافعون عن البيئة لكن بعض الوقائع تشي بنقيض ذلك"، رافضا أي تساهل حيال الشخصيات المعروفة. فحتى إذا أقدم الممثل ليوناردو دي كابريو المعروف بأنه نصير للبيئة على "إفراغ خزانات يخته في خليج كان، سيحرر محضر في حقه، شأنه شأن الآخرين".