الثامن من آب 1988 يوم عراقي خالد ومجيد

تطل علينا الطبقة السياسية العراقية الحاكمة بدعم من إيران تدعي مقاومة الأميركيين، لتخفي حقيقة من جاء بهم.
مشهد مخز يفضح دونية العملاء المزدوجين الذين تمرغوا في وحل المهانة
التمدد الايراني الان يعتمد على الامبريالية الأميركية التي التقت مع توجهات خامنئي
العراق مثل العنقاء الذي كلما احترق يطلع من وسط الرماد ويُحلق ساخراً من الأوغاد

في الأحداث التاريخية الكبرى، التي مرت بالعراق والمنطقة والعالم، في القرن الماضي، يظل الثامن من آب 1988، يوماً خالداً في ذاكرة العراقيين والعرب، انتصر فيه الحق، وهُزم الباطل، لأن هذا اليوم المجيد، توج حرباً استمرت ثمانية أعوام متصلة، وراح ضحيتها ملايين الناس، وخسائر بالمليارات، ولكنها أوقفت رياح الشر الصاخبة، التي انطلقت من قم وطهران، ومنعتها من التمدد والزحف، وأجبرت القائد الإيراني، وما زعمه من مظاهر قُدسية، وادعاءات المعصومية، بأنه نائب المهدي المنتظر، الذي يعلم الغيب، ولا يخطيء في الاختيار والتقدير، على تجرع السم، في حادثة لا تُنسى، ومناسبة لا تُطوى، وشكلت انكساراً، لمشروع لو نجح، يومذاك، لكانت نتائجه ظلامية أكثر، وتخلفاً أكبر، واستعماراً طائفياً أخطر.

وصحيح أن إيران، التقطت أنفاسها، ونشرت راياتها، الآن، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ولكن الصحيح، أنها فعلت ذلك، ليس من وحي ثورتها (الإسلامية) المزعومة، التي حطم أغراضها العدوانية، وأفشل أهدافها الشيطانية، النصر العراقي المؤزر، وإنما اعتماداً على الامبريالية الأميركية، التي التقت مع التوجهات الخامنئية، في تعاون مكشوف، وتخادم معروف، استهدف البوابة الشرقية للأمة العربية، وعندها سقط قناع الملوحين بتحرير القدس عبر بغداد، وظهر أيتام الخميني، على حقيقتهم، التي حاولوا إخفاءها تحت شعار محاربة الاستكبار العالمي، وأصبحوا عبيداً له، وعاونوه على احتلال العراق، وباتوا يترددون على واشنطن، وينحنون لسادة البيت الأبيض، ويقرأون الفاتحة على قتلى عدوانهم، ويهدون سيف الإمام علي بن أبي طالب، إلى قادة حربهم، في مشهد مخز، يفضح دونية العملاء المزدوجين، وعار الأدلاء المنتفعين، الذين فقدوا شرف المواطنة، وتمرغوا في وحل المهانة.

وبعد ذلك، يطلع علينا نوري المالكي، وقيس الخزعلي، وهادي العامري، وعبدالعزيز المحمداوي (أبوفدك) وأبو آلاء ولائي، وأبو زينب اللامي، وأكرم الكعبي، وأبو شبل الزيدي، وحامد الجزائري، وأبو منتظر الحسيني، وأبو علي العسكري، وعبدالامير العبودي، ويعلنون، أنهم مقاومة اسلامية، ضد مرضعتهم الأميركية، وكأن العراقيين "غشمة" لا يعرفون أن جورج دبليو بوش ودونالد رامسفيلد وديك تشيني وكوندليزا رايس، وجنرالات البنتاغون، هم من انتشلوهم، من مستنقع الرذيلة، ونصبّوهم قادة ومسؤولين، يخربون العراق، ويسرقون موارده، ويطاردون أحراره، وأثبتوا أنهم مجرد أصوات تنبح في الفضاء، وخناجر تذبح الآمنيين والأبرياء، ولولا الدبابة الأميركية الحقيرة، لكان أكبر رأس فيهم، لا يجرؤ على فتح عينيه أمام البشر، ولا يستطيع أن يمشي وسط الناس، لأنهم، وهذه حقيقة لا جدال فيها ولا نقاش، من سقط المتاع، وسيء الخلق والطباع.

وليس دفاعاً عن صدام حسين، مع كثرة ملاحظاتنا على أخطاء سياساته وممارسات نظامه، وخصوصاً خطيئته في الكويت، التي كانت بداية النهاية لعصر النهضة العراقية، إلا أن ما يشفع له، أنه تصدى لإيران الخميني، وأجهض مشاريعها، وقزّم كيانها، وبدد أوهام أحلامها، وفتت جيشها، ويُسجل له، انه لم يكن عميلاً، لجهة أو دولة، وواجه مصيره، ثابت الخطوة، يمشي هازئاً، بالسفلة الجبناء، والقتلة العملاء، الذين تفرجوا على إعدامه، الصادر بقرار أميركي، وترحيب إيراني، مثل الذباب على موائد الفتات، وبقايا الفضلات، وهو الذي لم يُغمض عيناً، ولم يُسدل جفناً، وواجه الغدر شامخاً، يهتف للعراق والأمة العربية صادحاً.

من حق العراقيين، وهم يعيشون تحت الاحتلال الإيراني، وسطوة جواسيسه وأذنابه، أن يحتفوا بذكرى الثامن من آب 1988، ويستعيدوا مآثره وأمجاده، لأن الاحتفال بهذا اليوم، وفي هذا الوقت بالذات، يُعرّي نذالة من حارب مع الملالي والسفهاء، ضد العراق وشعبه وجيشه، وهو في الوقت نفسه، يرفع هامات الذين دافعوا عن حدوده وسيادته واستقلاله.

لقد تعرض العراق، عبر تاريخه الطويل، إلى غزوات أجنبية، وشهد نكبات وأحداثاً كارثية، ولكنه لم تتلاش روحه الوطنية، ولم تذو عضلاته القوية، فهو مثل العنقاء، ذلك الطائر الأسطوري، الذي كلما احترق، يطلع من وسط الرماد، ويُحلق في السماء، ساخراً من الأوغاد والأدعياء، والأمور بخواتيمها، وإن طال الزمان، والبقاء دائماً للأوطان، وليس لمن لا يُعرف له، أصل أو عنوان، وعاش عمره في ذل وهوان، سواء كان عميلاً لأميركا، أم ذيلاً لطهران.