حكومة الخوف الكاظمية وسطوة الكاتيوشا الحشدية!

انتهى التفاؤل بقدرة الكاظمي على احداث التغيير. عادت الأمور كما يريدها الحشد.
حكومة الكاظمي لا تملك القوة لمواجهة الميليشيات
لا يمكن التخلص من النفوذ الايراني الا بمواجهة اذرع طهران داخل اجهزة الدولة

لن نعلق على سقوط صاروخ كاتيوشا قرب مركز الشرطة النهرية، في محيط المنطقة الخضراء، فجر أمس (الأربعاء)، ولا نشير إلى ضبط سبعة من أخواته، في حي كرارة بمنطقة الدورة، ولن نتحدث عن معنى العثور على سبعة صواريخ أخرى مع منصاتها، في شارع محمد القاسم، لأن الكلام عن هذه الحوادث أصبح مملاً ومكرراً، خصوصاً، وأن الجهة، التي تقف وراءها، باتت معروفة، وتتمثل بكتائب حزب الله، التي ما زال أحد قادتها، أبو علي العسكري، يوجه سهام هجماته إلى "كاظمي الغدر"، ويتوعده بيوم، لا تقدر أميركا على تخليصه، من عقاب ينتظره.

ولأول مرة في تاريخ العراق القديم والحديث، نلحظ حكومة، برئيسها ووزرائها وجيوشها وشرطتها ومخابراتها، تقف عاجزة أمام، فصائل مسلحة عميلة، لدولة أجنبية، تمارس أعمالها التخريبية علناً، وتُطلق صواريخها بحرية، من دون أن تتحرك الأجهزة الأمنية، وتلاحقها قانونياً، مع أنها مكشوفة، بأسماء قادتها وعناصرها، الذين يتلقون رواتب شهرية، ومكافأت إضافية، من المال العام، في حين تقفز خلية الاعلام الأمني، فرحاً وسعادة، وهي تعلن القبض على أربع سيدات سنيات، لا سلاح معهن، ولا كاتيوشا أطلقن، ولا رواتب قبضن، والتهمة جاهزة، "4 ارهاب"، التي ابتدعها، سيء الصيت والسلوك، نوري المالكي، وما زالت سارية ومعمولاً بها، وغدا اسمها "4 سنة"!

لقد تفاءل بعض السياسيين، واستبشر نفر من الصحفيين والاعلاميين، بتشكيل حكومة مصطفى الكاظمي، ودعوا إلى منحها مهلة، لتمارس دورها، في بسط الأمن، والتصدي للسلاح المنفلت، ومواجهة الجماعات الخارجة على القانون، من دون أن يدركوا، أن هذه الحكومة، تفتقر أصلاً، إلى القوة في تنفيذ المهمات، التي تعهدت بتنفيذها، وخصوصاً في قضية الأمن، لأن أجهزتها مخترقة من فوق إلى تحت، ولن يستطيع، لا عثمان الغانمي وزير الداخلية، ولا جمعة عناد وزير الدفاع، وهما أضعف حلقات السلطة الهشة، أساساً، من مجابهة مراكز القوى، التي بات عديد منها، أقوى من الحكومة، وأكثر سطوة ونفوذاً، ولا تصدقوا مفردات التفاؤل، وكلمات الأمل، التي ينطق بها، أحمد ملا طلال، أو تصريحات هشام داوود، أو كتابات مشرق عباس، أو تعهدات نبيل جاسم، في الإصلاح والتغيير المنشودين، فهم جميعاً، يُطلقون تمنيات، ويسعون إلى تسويقها، حتى "يحللوا خبزتهم" لأنهم مجرد موظفين، ينقلون إلى الناس، ما يُكتب لهم.

إن الخلل الواضح، في المشهد السياسي، في العراق، الآن، يتمثل في وجود أكثر من حكومة، وأكثر من سلطة، وكل واحدة منها، لها أجندتها، التي تتعارض مع أجندة نظيرتها، ومن الصعب التوفيق بينها، لذلك ستبقى الأوضاع قلقة، ويظل الأمن غائباً، والسلاح سائباً، ومن المستحيل، أن تُحرز الانتخابات المقبلة، التى وعد الكاظمي بتنظيمها في السادس من حزيران 2021، خطوة إلى الأمام، وستكون على صورة مثيلاتها السابقات، وربما أسوأ، ما دامت فصائل أبو فدك، والخرساني، والخزعلي، والعامري، وأكرم الكعبي، وابوشبل الزيدي، وابو آلاء ولائي، تفرض هيمنتها، وتبسط سيطرتها، على الشارع، وتنتهك الحريات، وتستولي على المنشآت العامة، والممتلكات الخاصة، وتحولها إلى ثكنات ومستودعات، تُخزن فيها، بطريقة بدائية، قذائف وصواريخ، من شأنها ان تُحدث كوارث في الاحياء السكنية، ببغداد والمحافظات، حيث تنتشر مقرات الفصائل الحشدية، ومخازن أسلحتها وصواريخها، إذا انفجرت، لأي سبب كان، وسط الحر اللاهب، وانقطاع الكهرباء، وغزو كورونا، ربما تتساوى مع كارثة مرفأ بيروت، أو تتفوق عليها، في أضرارها وآثارها، لذلك من حق العراقيين، على حكومة الكاظمي، أن تسعى إلى اخراج فصائل الحشد، من المدن، تفادياً لحدوث مجازر دموية، وعندها، ينطبق على الشعب العراقي، القول المأثور "إن لم تمت بقنص الطرف الثالث.. مت بالتفجير العابث"!

كما ان إبقاء عناصر مليشياوية، في مناصبها الحساسة، ولديها سلطات واسعة، في تنفيذ أجندة الحشد الولائي الإيراني، في الغدر بالعراقيين، قضية لا بد من حسمها، إذا كانت حكومة الكاظمي، جادة في اشاعة الأمن، قبل الانتخابات المقبلة، ولا ينفعها ترقيع الجرائم والانتهاكات، وتقديم الاعتذارات، وعليها ان تعزل، محمد ثامر إسماعيل (أبو تراب الحسيني) وتحسين عبد مطر (ابو منتظر الحسيني) يضاف إليهم أقرانهم من ضباط "الدمج"، الذين أصبحوا، عمداء وفرقاء، ويقودون وحدات وقطعات، وهم لا يعرفون الـ"يس.. يم"، المشية العسكرية التقليدية، ولكنهم قناصة ماهرون، وقتلة محترفون، لديهم مسؤوليات، وعندهم صلاحيات، أوسع من سلطات القائد العام للقوات المسلحة، وشاهدنا كيف امتنع تحسين عبد مطر، قائد الفرقة الخاصة بحماية المنطقة الخضراء، عن تنفيذ أوامر قائده (الرسمي) الكاظمي، بفك حصار مسلحي كتائب حزب الله، عن مقر جهاز مكافحة الارهاب في المنطقة المسؤول عن أمنها، بحجة أنه يرفض، أن يتقاتل "شيعي مع شيعي"، وحرام أن يتصادم أبناء المذهب الواحد، دفاعاً عن الحكومة.

لذلك، ووفقاً للمؤشرات الظاهرة في الافق العراقي، فان دفعات الكاتيوشا ستستمر، وعمليات تحدي الكاظمي ستتواصل، خصوصاً، وأن الأخير، أظهر عجزاً لافتاً، وما زال خافتاً، في استخدام صلاحياته، في فرض القانون، وتنظيف الأجهزة الامنية، من المليشياويين، والمنحرفين، وطرد ضباط "الدمج" وجميعهم، قتلة ولصوص، فهل يفعلها؟