الجزائريون يفتتحون العام الجديد بحراك "التغيير الجذري"

زخم المظاهرات يعود إلى الجزائر رغم إفراج السلطة عن عشرات المعتقلين، فيما يتمسك المحتجون بمطلبي رحيل بقايا بوتفليقة والحد من سطوة المؤسسة العسكرية
الجزائريون يرفضون حكومة تبون الجديدة التي تعيد لنظام بوتفليقة
إفراج السلطة عن 76 معتقلا لا يهدأ الشارع الجزائري الذي يرفض تبون

الجزائر - عادت المظاهرات إلى المدن الجزائرية في الجمعة 46 للحراك والأولى بالعام الجديد، لإعلان التمسك بمطالب الانتفاضة الشعبية التي انطلقت قبل قرابة العام، والمتمثلة في ضرورة إحداث تغيير جذري للنظام السياسي في البلاد.

وخرج الآلاف بعدة مدن مثل العاصمة ووهران (غرب) وقسنطينة (شرق) وتيزي وزو (وسط) إلى الشوارع والساحات كما جرت العادة بعد صلاة الجمعة، لإعلان تواصل الحراك الشعبي الذي يقترب من إغلاقه عامه الأول في 22 فبراير/شباط القادم.

وتعد هذه المظاهرات الأولى في العام الجديد 2020، ورغم التطورات الكبرى التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، إلا أن المطالب والشعارات المرفوعة ما زالت هي نفسها تقريبا.

ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بتغيير جذري للنظام مثل "سلموا السلطة للشعب" و"نعم لإطلاق سراح الجزائر" و"لا رجوع حتى نكمل المشروع"، كما طالب متظاهرون بإطلاق سراح موقوفين خلال الحراك.

وأمس الخميس أصدر القضاء الجزائري أوامر بالإفراج عن عشرات المعتقلين خلال مظاهرات الحراك بتهم "تهديد الوحدة الوطنية"، في خطوة اعتبرت مبادرة تهدئة من السلطة الجديدة تجاه الحراك الشعبي.

وكان من أبرز المفرج عنهم الخميس لخضر بورقعة (86 سنة)، أحد أشهر قدماء قادة حرب التحرير الذي أخلي سبيله بسبب وضعه الصحي على أن تجرى محاكمته في موعدها 12 مارس/آذار القادم.

ويتابع بورقعة الموقوف منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي في تهمتي "إهانة هيئة نظامية والمساهمة في إضعاف الروح المعنوية للجيش وقت السلم"، وذلك بعد إدلائه بتصريحات هاجم فيها الجيش ووصفه "بالمليشيا" منذ تأسيسه في 1962.

لكن منظمات حقوقية محلية مازالت تطالب بإطلاق كافة النشطاء والمتظاهرين الذين أوقفوا خلال الأشهر الماضية، حيث يقارب عددهم 300 شخص في وقت أعلن التلفزيون الجزائري الرسمي أن عدد المفرج عنهم أمس الخميس بلغ 76 شخصا.

ولم تتراجع الاحتجاجات في الجزائر حتى غداة إطلاق سراح المعتقلين، وكان للرئيس الجديد النصيب الأكبر من الهتاف المعادي مثل "تبون جاء به العسكر بالتزوير"، في حين لم يندد أي من المترشحين الآخرين بحدوث عمليات تزوير في انتخابات شهدت نسبة مشاركة هي الأضعف مقارنة بالانتخابات الرئاسية الماضية.

وهتف الجزائريون أيضا بـ"شيئا فشيئا سنزيل العسكر من المرادية"، في إشارة إلى قصر الرئاسة وكذلك "دولة مدنية وليس عسكرية" وهو الشعار الذي كان يستهدف رئيس أركان الجيش المتوفى في 23 ديسمبر/كانون الأول، الفريق أحمد قايد صالح.

كما جاءت مظاهرات الجمعة 46 للحراك بعد يوم واحد من إعلان تبون، عن أول حكومة له والتي سميت فريق "كفاءات" ضم مزيجا من الوجوه القديمة والجديدة مع الاحتفاظ بالوزراء الذين يقودون حقائب سيادية مثل الخارجية.

ولم تضم الحكومة منصب نائب وزير الدفاع الذي كان يشغله قايد صالح، علما أن حقيبة وزير الدفاع احتفظ بها رئيس الجمهورية.

ولم تقنع هذه التشكيلة المتظاهرين خاصة أن ثلث الوزراء (11 من 28 وزيراً) سبق لهم وأن تولّوا حقائب وزارية في واحدة أو أكثر، من حكومات الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقه الذي حكم البلاد طوال 20 عاماً.

وقال أحد المتظاهرين إن هذه الحكومة "مرفوضة وغير شرعية مثلها مثل الرئيس الذي عينها. بل إنها امتداد لعهد بوتفليقة" الرئيس السابق الذي استقال في أبريل/نيسان تحت ضغط الشارع.

أما أيمن البالغ 37 سنة، فرأى أن هناك "مؤشرات إيجابية مثل إطلاق سراح المساجين، رغم أنهم ما كانوا ليسجنوا أصلا ورغم ذلك فإن الحراك سيستمر للضغط حتى تغيير النظام".

وقالت نريمان (27 عاما) "كنا تنتظر حكومة شباب كما وعد الرئيس"، لكن "ها نحن نشهد عودة الوجوه القديمة، لا تغيير، إذن الحراك مستمر".

وفي تصريحات للصحفيين على هامش مظاهرات الجمعة بالعاصمة قال أستاذ علم الاجتماع ناصر جابي، إن "الجزائريين لم يخرجوا في 22 فبراير/شباط 2019 من أجل تغيير الأشخاص والوجوه، وإنما من أجل تغيير النظام السياسي والقطيعة مع الممارسات الماضية".

وتابع "الجزائريون سيستمرون في مطالبهم والمطالب الآن يجب أن تحدد لأن هناك متغيرات جديدة حدثت مثل الحكومة الجديدة والانتخابات الأخيرة ورئيس جديد وأوضاع دولية جديدة (أزمة ليبيا) ولا بد من تحديد للأهداف الآن وهي في مجملها بناء مؤسسات شرعية".