الجيش الليبي يتصدى لمطامع أردوغان في سرت

مدينة سرت الساحلية تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لتركيا فموقعها على البحر المتوسط وامتلاكها قاعدتين هامتين جوية وبحرية تثير أطماع أردوغان الذي أقر باهمية آبار النفط فيها.

طرابلس - أفشلت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خلفية حفتر محاولات قوات حكومة الوفاق التقدم باتجاه مدينة سرت الاستراتيجية، وفق ما أعلنت الثلاثاء مصادر أمنية.

وتعرّضت قوات حكومة الوفاق التي تدعمها تركيا بالسلاح والمرتزقة وتقاتل إلى جانبها ميليشيات عديدة لهجوم بالطائرات والمدفعية الثقيلة، بحسب المصادر، وذلك بعدما استعادت منذ نهاية الأسبوع السيطرة على أراضي شمال غرب ليبيا.

وقالت غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة للقوات حفتر عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي إنها نفذت "10 ضربات جوية كانت هي الأعنف علي المليشيات ومرتزقة أردوغان غرب سرت"، مشيرة إلى أن "أعداد كبيرة منهم تفر باتجاه مصراتة ‫من محور الساحل ومن محور الجنوبي لسرت ووادي جارف تفر بإتجاه زمزم بعد الغارات الجوية التى نفذها سلاح الجو".

وأطلقت ميليشيات الوفاق عملية عسكرية للسيطرة على سرت بهدف شق الجهود العربية والدولية لإرساء السلام في ليبيا بعد ان أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت الماضي عن مبادرة القاهرة لحل الصراع في ليبيا سياسيا والعودة لطاولة المفاوضات وذلك بحضور قائد الجيش المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح.

لكن حكومة السراج رفضتها رغم التأييد الدولي الكبير الذي حظيت به مستقوية بالدعم الذي تقدمه أنقرة.

وحاولت ميليشيات الوفاق مسنودة بالدعم التركي والمرتزقة الدخول إلى محاور المدينة الواقعة على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، لكنها فشلت في ذلك بعد أن استفادت قوات الجو التابعة للجيش الوطني الليبي من المساحات المفتوحة في المنطقة ومنعت الميليشيات من التقدم.

وقالت مصادر عسكرية في الجيش الوطني الليبي إن المشير خليفة حفتر وضع استراتيجية جديدة لحماية سرت حيث أصدر اليوم الثلاثاء قرارات تضمنت ترقيات وتكليفات لعدد من الضباط مع تغيير المهام في مواقع العمليات وقيادة المحاور.

وقال مصدر عسكري في الجيش الليبي إنه تم تكليف اللواء أحمد سالم الدرسي (آمر غرفة العمليات الرئيسة الأسبق) بمهام آمر غرفة عمليات سرت الكبرى، كما كلف اللواء فوزي المنصوري (آمر عمليات أجدابيا) معاوناً للدرسي.

وأضاف نفس المصدر أن القيادة العامة للجيش الليبي قامت بترقية اللواء مفتاح شقلوف (آمر غرفة عمليات غرب سرت) إلى رتبة فريق وتكليفه آمراً لغرفة عمليات الجيش الليبي الرئيسة.

طرابلس تحت حكم الميليشيات بأسلحة تركية
تركيا تريدها فوضى في ليبيا ترتع فيها الميليشيات 

وسرت الواقعة على ساحل المتوسط هي مسقط الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي أطاحت به انتفاضة شعبية مدعومة من حلف شمال الأطلسي وقتل في العام 2011، وتعد ممرا إلى حقول النفط الكبرى في شرق البلاد الخاضع لسيطرة قوات حفتر.

وفي الأسابيع الماضية استعادت حكومة الوفاق باسناد من الطائرات التركية المسيرة مناطق كانت تسيطر عليها قوات الجيش الوطني في غرب البلاد اهمها قاعدة الوطية، وذلك بعد أن كثف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في الأسابيع الماضية عمليات ارسال السلاح والمرتزقة والمستشارين العسكريين إلى ليبيا.

وأمس الاثنين، ترك أردوغان المواربة جانبا وأقر في مقابلة مع تلفزيون (تي.آر.تي) الرسمي بأن عين تركيا على ثروات ليبيا النفطية، قائلا إن حكومة السراج ستواصل القتال حتى تسيطر على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية التي تقع بمنطقة استراتيجية في الجنوب بالبلد المنتج للنفط.

وأضاف الرئيس التركي وهو يتحدث عن حكومة السراج كأنها قوات تركية "الهدف الآن هو السيطرة على كل منطقة سرت وإنجاز الأمر. هذه مناطق بها آبار نفط...إنها ذات أهمية كبيرة".

وأشار إلى أنه سيبحث أيضا دور موسكو في ليبيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بما في ذلك مد روسيا الجيش الوطني الليبي بطائرات روسية ودفاعات جوية من طراز بانتسير.

وتابع "لديهم بانتسير هناك لقد أرسلوا 19 طائرة حربية إلى ليبيا... بعد التحدث معه يمكننا التخطيط لما هو قادم".

وطرابلس التي تسيطر عليها حكومة الوفاق والميليشيات لا أهمية اقتصادية لها بالنسبة لتركيا إلا رمزيا باعتبارها العاصمة، فهي المنطقة الليبية الأفقر من حيث موارد الطاقة.

لكن لسرت لها أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لتركيا فموقعها على البحر المتوسط وامتلاكها قاعدتين هامتين جوية وبحرية تثير أطماع أردوغان أكثر.

ويتحكم الجيش الوطني الليبي عبر مدينة سرت بمداخل الجنوب والشرق وهي بوابة الهلال النفطي في ليبيا التي يريد أردوغان الاستيلاء عليها نظرا لاهميتها الاقتصادية والعسكرية.

والإثنين أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط استئناف الانتاج في حقل الشرارة النفطي الذي يعد أكبر حقول البلاد، بعد أن أعلنت في وقت سابق "القوة القاهرة" على صادرات الخام.

تأتي هذه التطورات بعدما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مهندس في حقل الفيل النفطي في ليبيا، الأحد، قوله إن الحقل عاد للعمل بعد توقف بسبب الاضطرابات هناك.

ل
نفط ليبيا يثير لعاب أردوغان

وتشكّل صادرات النفط مصدر جميع إيرادات الدولة تقريبا في ليبيا التي لديها أكبر احتياطات مثبتة من النفط الخام في إفريقيا.

وكانت قوات حفتر قد فرضت إغلاق الحقل منذ كانون الثاني/يناير بعد ان وضعته حكومة الوفاق تحت تصرف الميليشيات لبيع نفطه وتأمين السلاح.

وسيطرت قوات حفتر على حقل الشرارة أوائل العام الماضي وطردت الميليشيات والإرهابيين من مدينة سرت التي كانت إلى وقت قريب معقلا لتنظيم داعش وجهاديين.

ويقول مراقبون للشأن الليبي ان الرئيس التركي يستعجل الدخول إلى سرت وتحقيق مكاسب فيها حتى يتسنى له فيما بعد سحب المرتزقة والمستشارين الأتراك للعودة إلى المعركة الأهم بالنسبة وهي "إدلب" شمال غرب سوريا.

وفعلا عبر الرئيس التركي اليوم الثلاثاء إن عن انزعاجه من "استفزازت" الحكومة السورية في منطقة إدلب، مشيرا إلى أن تركيا لن تسمح بأن تصبح إدلب منطقة صراع مرة أخرى.

والاثنين، قصفت طائرات عدة قرى في المنطقة التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة المسلحة المدعومة من انقرة في أول هجمات جوية من نوعها منذ التوصل لاتفاق لوقف إطلاق نار بين تركيا وروسيا قبل أكثر من ثلاثة أشهر.

ويبدو ان قوات الجيش السوري تستغل تحركات أردوغان وانشغاله بليبيا لاستعادة سيطرتها على كامل إدلب وباقي المناطق الأخرى التي لا تزال تحت سيطرة المجموعات المسلحة التي تتحرك تحت أوامر الجيش التركي.