الحريري يخلط الأوراق مجددا بإعتذاره عن تشكيل الحكومة

من المنتظر أن يزور مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل بيروت الخميس، في أول تحرك دبلوماسي أميركي منذ بداية الاحتجاجات اللبنانية.

بيروت - أعلن سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان أنه لن يكون مرشحا لتشكيل الحكومة المقبلة، عشية استشارات مخصصة لتكليف شخصية تأليف الحكومة، وسط انقسام سياسي حاد ومطالبة المتظاهرين بحكومة اختصاصيين.

وقال الحريري في بيان مساء اليوم الأربعاء "أعلن أنني لن أكون مرشحا لتشكيل الحكومة المقبلة وأنني متوجه غدا (الخميس) للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت".

وأضاف في بيان على صفحته الرسمية على تويتر "منذ أن تقدمت باستقالتي قبل خمسين يوما تلبية لصرخة اللبنانيين واللبنانيات سعيت جاهدا للوصول إلى تلبية مطلبهم بحكومة اختصاصيين رأيت أنها الوحيدة القادرة على معالجة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي يواجهها بلدنا".

والاثنين، طلب رئيس تيار المستقبل تأجيل موعد الاستشارات كونها ستؤدي إلى "تسمية من دون مشاركة أي كتلة مسيحية وازنة فيها"، بعد توجه الكتلتين المسيحيتين الأبرز لعدم تسمية الحريري في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية.

ومنذ طلبه كثف الحريري مشاوراته الداخلية والخارجية للاطلاع على الأجواء الداعمة والرافضة لتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة وكان أبرزها لقاء جمعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقرّه بمنطقة "عين التينة".

وأمس الثلاثاء، وحث بري والحريري في بيان بعد اجتماعهما اللبنانيين من الوقوع في فخ "الفتنة" بعد وقوع اشتباكات بين أنصار جماعتي حزب الله وأمل الشيعيتين وقوات الأمن خلال الليل مما أثار مخاوف من زيادة الاضطرابات السياسية والاقتصادية.

وشدد البيان على أن "الحاجة الوطنية باتت أكثر من ملحة للإسراع بتشكيل الحكومة".

واندلعت مع بداية الأسبوع الجاري مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي تصدت لمحاولتهم دخول شارع يؤدي إلى مقر البرلمان، وأطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة، بينما رد المتظاهرون برشقها بالحجارة والمفرقعات النارية وعبوات المياه.

لب
الفوضى السياسية تزيد غضب الشارع اللبناني بكل طوائفه

وتسبّبت الصدامات بإصابة العشرات من المتظاهرين بجروح أو بحالات اختناق وإغماء. كما أصيب عشرات العسكريين جراء رشقهم بالحجارة. ونقل عدد كبير من الطرفين إلى المستشفيات للعلاج.

وندّد المتظاهرون ومنظمات حقوقية بالقوة المفرطة التي استخدمتها قوات الأمن ليل السبت حين وقعت المواجهات الأعنف منذ بدء حركة الإحتجاج.

ودعا المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الاثنين السلطات إلى التحقيق في استخدام "القوة المفرطة" ضد المتظاهرين.

ومن المنتظر أن يجري رئيس الجمهورية ميشال عون الخميس استشارات مع الكتل النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، بعد تأجيل الموعد لمرتين جراء تعثّر التوافق على مرشح.

ويخلط انسحاب الحريري من قائمة المرشحين لتشكيل الحكومة الجديدة الأوراق من جديد وسط حالة من الفوضى الميدانية والسياسية التي تشهدها لبنان، الذي يعاني من انهيار اقتصادي ومالي يُهدد اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم.

وتأتي هذه التطورات عشية وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل إلى بيروت في أول تحرك دبلوماسي أميركي في لبنان منذ بداية الحراك في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويقول مراقبون إن سحب الحريري اسمه من المشاورات يضيق خيارات حزب الله وحلفائه، حيث من المنتظر أن تضغط واشنطن أكثر لتقليص نفوذ الجماعة اللبنانية الشيعية المدعومة من إيران في مشاورات الحكومة المقبلة مقابل مساعدة لبنان وانتشاله من انهيار اقتصادي وفوضى خطيرة تعيد شبه الحرب الأهلية السابقة إلى الواجهة.

زيارة هيل ستكون حاسمة
زيارة هيل لبيروت ستكون حاسمة

وتتابع واشنطن الوضع عن كثب حيث حضر مبعوثها في لبنان ديفيد شنكر اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان في باريس الأسبوع الماضي والذي اشترط تشكيل حكومة إصلاحية في أقرب وقت ممكن لتقديم أي مساعدات مالية.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في ختام الاجتماع إن "المعيار الوحيد لمساعدة لبنان يجب أن يكون فاعلية هذه الحكومة على صعيد الإصلاحات التي ينتظرها الشعب".

من جهته قال شنكر لوكالة "أسوشييتد برس"إن المجتمعين قد "وافقوا على تقديم المشورة التقنية للمؤسسات اللبنانية لكنهم لن يقدموا حزمة الإنقاذ التي طلبها الحريري".

 والأربعاء الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي كانت آخر زيارة له إلى بيروت في نيسان الماضي، إن "الوضع المالي في لبنان خطير للغاية"، مشيرا إلى أن البنك المركزي يتعرض لضغوط حقيقية وأن الشعب اللبناني يواجه تحديات، ولا يمكنه الوصول إلى حساباته المصرفية بطريقة كاملة وكافية ومناسبة.

 وأوضح أن مسؤولية تشكيل الحكومة اللبنانية تقع على عاتق الشعب اللبناني المطالب بالسيادة اللبنانية والازدهار اللبناني والتحرر من النفوذ ومن الكيانات الخارجية، في إشارة إلى حزب الله المدعوم من إيران.

وأكد وزير الخارجية الأميركية، في بيان الجمعة الماضي على إثر فرض عقوبات على مبيضي أموال يقدمون الدعم المالي لحزب الله، أن بلاده تدعم بقوة مطالب الشعب اللبناني بالإصلاح ووضع حد للفساد، مشددا على أن واشنطن ستزيد من وتيرة عملها الرامي لمكافحة الفساد ووقف تمويل الإرهاب في لبنان

ويصر المتظاهرون اللبنانيون منذ بدأ حراكهم الشعبي العابر للطوائف والمناطق على رحيل الطبقة السياسية كاملة، متهمين إياها بالفساد مع تحميلها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي.

وتواجه القوى السياسية الخميس امتحان تسمية رئيس جديد للحكومة التي يريدونها غير محزبة وتتكون من شخصيات مستقلة وتكنوقراط لإنقاذ ما تبقى من اقتصاد البلد، فيما يرفض حزب الله وحلفائه من بينهم الرئيس عون ذلك.