الحزب الدستوري يطالب السبسي بفك ارتباطه بالنهضة

عبير موسي تنادي بـتركيز نظام سياسي رئاسي يقوده رجل دولة قوي مؤمن بمدنية الدولة وبالمشروع الوطني بعيدا عن مشروع النهضة.
موسي تعتبر أن الحزب الدستوري هو سليل الحركة الإصلاحية التونسية
الحزب الحر الدستوري كله عزم على قطع الطريق أمام النهضة

تونس ـ دفعت الأزمة السياسية التي تشهدها تونس وما رافقها من تشنج بين النهضة والقوى الوطنية الديمقراطية بالحزب الحر الدستوري إلى مطالبة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى فك ارتباطه بالحركة مشددا على أن وثيقة قرطاج ولا غيرها ستحل الأزمة.

وقالت عبير موسي الأمينة العامة للحزب لمراسل ميدل أيست أونلاين "إن الحزب الذي أسسه العام 1932 الزعيم الحبيب بورقيبة يطالب اليوم الرئيس الباجي قائد السبسي بفك أي شكل من أشكال الارتباط بالنهضة وبالاصطفاف مع القوى المدنية الحداثية".

وشددت موسي على أن "الحزب كله عزم على قطع الطريق أمام النهضة وأمام مشروعها الذي يهدد مكاسب تونس وفي مقدمتها مدنية الدولة وحرية المرأة".

وجاءت تصريحات موسي وسط أنباء مفادها أن الرئيس قائد السبسي استقبل الأربعاء 31 مايو/ايار الحالي رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في لقاء غير معلن بحثا فيه مزيد تعميق المشاورات بين الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج والنقطة الخلافية المتعلقة بتغيير يوسف الشاهد.

وكانت موسي عقدت ظهر الأربعاء 31 مايو/ايار الحالي مؤتمرا صحفيا قدمت من خلاله رؤية الحزب للأزمة السياسية التي تشهدها تونس مشددة على أن "الحزب يناضل من أجل استكمال المشروع الوطني الذي قادته منذ العام 1956 دولة الاستقلال الوطنية".

وكانت موسى تشغل منصب الأمينة العامة المساعدة بحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان يرأسه الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قبل سقوط نظامه. وتكاد تكون موسى الشخصية السياسية التي تجاهر بكل جرأة في دفاعها عن المكاسب التي تحققت لتونس خلال فترة حكم بن علي متحدية ما تسميهم بـ"الثورجيين".

وخلال السنوات الثمانية الماضية نجحت موسي في نحت صورة "المرأة الحديدية" التي لم تتنكر لا لماضيها ولا لنظام بن علي ما جعلها تكسب احترام التونسيين. وكان الطاهر بن حسين المعارض السابق لنظام الرئيس بن علي أقر في أكثر من مرة بأن "موسي تستحق الاحترام لأنها تمسكت بمبادئها ولم تتنصل منها كما فعل كثيرون".

وتعتبر موسي أن "الحزب الدستوري هو سليل الحركة الإصلاحية التونسية" التي تعود جذورها إلى منتصف القرن التاسع عشر وهو "قاطرة الحركة الوطنية التي قادتها نخبة مثقفة ثقافة عصرية مدنية توصلت بعد نضالات مريرة إلى انتزاع الاستقلال".

موسي: مشكلة تونس في هشاشة طبقتها السياسية
موسي: طبقة سياسية هشة

كما تتمسك موسي بان المشروع الوطني الذي قاده بورقيبة خلال الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي هو المشروع الوحيد الذي يعبر عن تطلعات التونسيين إلى مزيد التحديث الاجتماعي والسياسي وإنجاح التجربة الديمقراطية المدنية.

وخلال السنوات الأخيرة ما انفكت الأمينة العامة للحزب تهاجم عددا من "التجمعيين" الذين تكروا لماضيهم السياسي وللمشروع الوطني ليرتموا في حضن النهضة ومنهم محمد الغرياني الأمين العام السابق لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل.

ولم تتردد موسي في أكثر من مناسبة في التشديد في القول بأنها "لو كانت في الحكم لقمت بحل النهضة لأنها تنظيم إخواني ولأن الشعب يطالب بحلها.

وتعليقا عن الأزمة السياسية التي تعصف بتونس قالت موسي لمراسل ميدل أيست أونلاين "إن مشكلة تونس اليوم في هشاشة طبقتها السياسية وهشاشة ثقافته" مشددة تقول لا وثيقة قرطاج واحد ولا اثنين ولا عشرين ستحل مشكلات تونس لأن مشكل تونس الحقيقي يكمن في النظام السياسي".

وطالبت بـ"تركيز نظام سياسي رئاسي بدل نظام شبه برلماني شبه رئاسي يقوده رجل دولة قوي مؤمن بمدنية الدولة وبالمشروع الوطني بعيدا عن مشروع الإخوان".

وتلتقي مطالبة موسي بتغيير النظام السياسي مع مطالب عدد من القوى السياسية التي ترى أن النظام الحالي فشل في إدارة مؤسسات الدولة وفي التعاطي مع الشأن العام. وكان السبسي صرح في أكثر من مناسبة بأن لم يطالب بتغيير النظام السياسي غير أن شدد بالمقابل على أن "لا يرى مانعا من ذلك في حال اقتضت مصلحة البلاد.

وشددت موسي على أن "التحالف بين النهضة والنداء منذ العام 2014 تاريخ الانتخابات البرلمانية والرئاسية لم يقد بالنداء سوى إلى الوقوع في فخ النهضة". وأضافت تقول ان التحالف بين الحزبين اللذين يتبنيان مشروعين متناقضين يخفي بركانا جاهزا للانفجار في أي لحظة".

وتجاهر الأمينة العامة للحزب الدستوري بـ"عدم ثقتها السياسية في النهضة" ملاحظة أن الحركة استغلت تحالفها مع النداء للمناورة والمراوغة في مسعى إلى تمهيد الطريق أمامها لخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها في نوفمبر 2019 وهدفها هو ضرب أي تواز سياسي أو قوى سياسية فاعلة في المشهد السياسي".

وقالت موسي إن "النهضة تراهن على إعادة رسم الخارطة السياسية من أجل خوض الانتخابات القادمة بمفردها والفوز بنتائجها ومن ثمة توجيه ضربة للتجربة الديمقراطية وتنفيذ مشروعها الإخواني".

وتتمسك موسي بأن النهضة لا تعدو أن تكون سوى "جزء لا يتجزأ من تنظيم الإخوان المصنف تنظيما إرهابيا مهما حاولت تقديم نفسها على أنها حزب سياسي مدني".

واعتبرت أن "تغيير يوسف الشاهد رئيس الحكومة أو الإبقاء عليه أو إجراء تحوير جزئي على الحكومة أو تركيز تركيبة حكومية أخرى لن يكون كفيلا بحل الأزمة". وشددت على أن "الأزمة أعمق من مجرد اختزالها في الحكومة لأنها تتعلق بغياب أي برامج سياسية واجتماعية واقتصادية تعالج المشاغل الحياتية اليومية للتونسيين".

ورغم المحاصرة السياسية والإعلامية التي فرضت عليها نجحت موسي خلال العامين الماضيين في فرض نشاطها السياسي وحضورها الإعلامي في منابر الحوار. غير أن مراقبين يرون أن الأمينة العامة للحزب الدستوري "تجدف خارج التاريخ" ملاحظين أن مبالغتها في التمسك بنظام بن علي يعد إحدى أهم نقاط ضعفها السياسي.

ويضيف المراقبون أن "موسي تتهجم على كل السياسيين وتحاول جر تونس إلى الوراء"،لا فتين إلى أن "الحزب الدستوري مطالب بالانفتاح على المشهد السياسي".

وكشفت عبير موسي وهي تتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين أن حزبها بصدد "حشد مناضليه من أجل الانضمام للقوى الوطنية وقطع الطريق أم النهضة حتى تنفرد بالحكم ولا تنفذ مشروع الاسلام السياسي الذي هو في نهاية الأمر مشروع الإخوان".