الحوثيون يتراجعون عن الابتزاز الضريبي لمنظمات الاغاثة

يان ايغلاند: لا يمكننا دفع أموال المساعدات المتبرع بها إلى أحد أطراف النزاع. هذا واحد من الخطوط الحمراء الكثيرة التي نتخوف من تجاوزها. لا يمكننا القيام بذلك.
دعوة لمراقبة تعهدات ميليشيا الحوثي بإلغاء ضريبة على المساعدات الإنسانية
الحوثيون دأبوا على ابتزاز منظمات الإغاثة ونهب المساعدات الإنسانية

صنعاء - تراجع المتمردون الحوثيون في اليمن عن تهديد بفرض ضريبة على المساعدات الإنسانية في خطوة وصفت بالهامة لحل أزمة هددت المساعدات الإنسانية في البلد الذي يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم، فيما تعتبر تلك الضريبة محاولة لابتزاز المنظمات الاغاثية.

ويراوح الحوثيون في ملف المساعدات الإنسانية بين مناورة وأخرى في ظل اتهامات أممية للمتمردين بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية والاغاثية لمن يستحقها من اليمنيين.

وتحاول ميليشيا الحوثي عبر التراجع عن هذا الإجراء إظهار تجاوبها مع جهود الدعم الإنساني الدولي لليمن، بينما تمارس على الأرض عكس ذلك وهو تكتيك الهدف منه لفت الانتباه عن انتهاكاتها المستمرة.

ويأتي التراجع عن فرض ضريبة بنحو 2 بالمئة كان سيخصصها الحوثيون لتمويل أنشطتهم وتنشيط إلى الحرب، في محاولة أيضا لاحتواء غضب أثاره ذلك الإجراء الذي اعتبر 'ابتزازا' للمنظمات الإنسانية.

وأبلغ المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التابع للحوثيين في رسالة الجمعة، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك أنه يعتزم "تعليق استخدام نسبة 2 بالمئة وعدم تطبيقها لهذه السنة 2020، على أساس إيجاد حلول بديلة تمكن الجميع من الإيفاء بالتزاماته".

وجاء في الرسالة "كان حرصنا على تحديد نسبة 2 بالمئة هو فقط لتغطية النفقات الأساسية اللازمة لكي نتمكن من تقديم جميع المساعدات والتسهيلات لشركاء العمل الإنساني".

وأكد مسؤول أممي في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين الجمعة إلغاء الضريبة.

وبحسب المسؤول فإن "إلغاء الضريبة تطور إيجابي بالتأكيد"، مشيرا إلى وجود عدة قضايا أخرى يجب التطرق لها "كمعوقات الوصول والبيروقراطية".

ويشهد اليمن منذ 2014 حربا بين المتمرّدين الحوثيين المقرّبين من إيران والقوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به عبدربه منصور هادي.

ويحتاج أكثر من ثلثي السكان للمساعدة بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حاليا.

وكان مسؤولون أمميون ومنظمات إنسانية اجتمعوا الخميس في بروكسل لبحث مقترح المتمردين فرض ضريبة بمقدار 2 بالمئة على المنظمات وغيرها من العراقيل.

وقبيل الاجتماع في بروكسل، طالب المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات جانيز لينارجيك أن تلتزم كافة الأطراف في النزاع اليمني "بالقانون الدولي الإنساني وضمان وصول آمن للمنظمات الإنسانية دون أي عوائق".

وقال يان ايغلاند الأمين العام لـ"المجلس النرويجي الأعلى للاجئين" "الأمر لا يمكن أن يستمر، أكبر شريان حياة في الأرض في خطر".

وكان ايغلاند تحدث في الاجتماع الذي دعت إليه المفوضية الأوروبية وحكومة السويد للحديث عن الأزمة الأخيرة في اليمن، حيث يواجه ملايين السكان خطر المجاعة.

وبحسب ايغلاند فإنه "لا يمكننا دفع أموال المساعدات المتبرع بها إلى أحد أطراف النزاع"، موضحا "هذا واحد من الخطوط الحمراء الكثيرة التي نتخوف من تجاوزها. لا يمكننا القيام بذلك".

وأكدت المفوضية الأوروبية وحكومة السويد الجمعة في بيان أن الوضع في اليمن قد يستدعي تعليق بعض المساعدات، مضيفة "نشعر بقلق عميق إزاء التدهور السريع في المجال الإنساني في كافة أنحاء البلاد".

وحذّرت من أن الوضع وصل إلى "نقطة الانهيار حيث أصبح توصيل المساعدات الحيوية في خطر"، فيما أشار البيان إلى أن المنظمات الإنسانية اتفقت على أنه في حال أصبح من المستحيل إيصال المساعدات دون انتهاك مبادئها، فإن الرد قد يتضمن "إعادة تحديد المساعدات الإنسانية بما في ذلك تقليصها أو حتى إيقاف عمليات معينة".

وفي إشارة واضحة إلى قرار المتمردين الحوثيين حول الضرائب، قال البيان إن "الإشارة الأخيرة حول الرغبة في إزالة القيود أمام إيصال المساعدات على الأرض يجب متابعتها"، في تلميح لنقض المتمردين لتعهداتهم.

ووجهت حكومة اليمن المعترف بها دوليا تحذيرا إثر ورود تقارير تفيد بإمكان قطع المساعدات.

وكان وزير الإدارة المحلية عبدالرقيب فتح الذي يترأس اللجنة الوطنية للإغاثة قال الأسبوع الماضي إنه على الرغم من قيام "الميليشيات المسلحة الحوثية باستخدام العمل الإغاثي كغطاء لتمويل مجهودها الحربي"، فإن قطع المساعدات سيضر بالشعب اليمني.

ويرفض المتمردون الاتهامات الموجهة إليهم بالتدخل في عمل المنظمات الإنسانية وسلسلة الإجراءات البيروقراطية التي فرضتها السلطة الإدارية التابعة للحوثيين التي تم تأسيسها أواخر العام الماضي.

وكان برنامج الأغذية العالمي الذي يقدم الغذاء لأكثر من 12 مليون شخص كل شهر في مختلف أنحاء اليمن، قام العام الماضي بتعليق إيصال المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين لمدة شهرين بسبب خلاف على نظام تسجيل بيومتري لضمان وصول الغذاء إلى العائلات المحتاجة.

وكان الأمين العام للمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي التابع للمتمردين الحوثيين عبدالمحسن طاووس أكد الاثنين أن "المنظمات الأممية تمارس دورا سياسيا وتستخدم المساعدات كورقة تهديد لليمنيين".

ونقلت قناة المسيرة عن طاووس قوله إن "أسلوب الابتزاز بخفض المساعدات لا يجدي نفعا مع اليمنيين وإذا استمر هذا التهديد فستنقلب الأمور عليهم". وطاووس من بين مسؤولين حوثيين متهمين بنهب المساعدات الإنسانية.

وندد رئيس دائرة التعاون الدولي في المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية مانع العسل الجمعة بهذه التهديدات، قائلا إن "التهديد بتعليق المساعدة أمر غير إنساني ويفتقد للأخلاقيات"، متهما المنظمات الإنسانية "بالبحث عن أعذار واهية لتعليق هذه المساعدات".