الحوثيون يساندون حزب الله بتصعيد الهجمات الصاروخية على تل أبيب

المتمردون الحوثيون يوجهون رسائل إلكترونية إلى عدد من شركات الشحن البحري تضمنت تهديدا باستهداف سفنها في حال مرورها من البحر الأحمر.

صنعاء - أعلنت جماعة الحوثي اليمنية اليوم الخميس أنها هاجمت بنجاح هدفا حيويا في يافا بتل أبيب بطائرات مسيرّة، بينما لم يعلن الجيش الإسرائيلي وقوع أي إصابات أو خسائر بشرية، فيما يبدو أن المتمردين يسعون إلى الظهور بمظهر المساندين لغزة ولبنان من خلال مزيد الضغط على إسرائيل، في حين أكدت الدولة العبرية في مناسبات سابقة أن دفاعاتها الجوية تصدت لكافة المقذوفات التي أطلقها الحوثيون.
وقال المتحدث العسكري لقوات الجماعة يحيى سريع في بيان متلفز "نفذنا عملية عسكرية استهدفت هدفا حيويا، لم يحدده، في منطقة يافا المحتلة.. تل أبيب في فلسطين المحتلة بعدد من الطائرات المسيّرة نوع يافا".
وتوعد سريع باستمرار قوات الجماعة "في تنفيذ عملياتها العسكرية ضد العدو الإسرائيلي حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وكذلك إنهاء العدوان على لبنان".
وأضاف "ونحن على بعد أيام من الانطلاقة المباركة لطوفان الأقصى، تجدد قوات الحوثيين دعوتها لكافة الشعوب العربية والإسلامية إلى تسجيل مواقفها المؤيدة والداعمة للشعبين الفلسطيني واللبناني خلال الأيام المقبلة".
واستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر وبحر العرب، بتعلة التضامن مع غزة.

ولم تكن الهجمات التي شنتها الجماعة المدعومة من إيران على إسرائيل في وقت سابق سوى ضجيجا إعلاميا، إذ أكد جيش الدولة العبرية تصديه للمسيرات والصواريخ التي أطلقها الحوثيون لاستهداف الأراضي الإسرائيلية.

ونفذت إسرائيل تهديدها بمعاقبة الحوثيين وشنت خلال الآونة الأخيرة هجمات استهدفت البعض من مواقعهم في محافظة الحديدة وأسفرت عن نحو 10 قتلى  وخلفت العشرات من المصابين.

وفي سياق متصل أرسل المتمردون الحوثيون في اليمن رسائل إلكترونية إلى عدد من شركات الشحن البحري تضمنت تهديدا باستهداف سفنها في حال عبورها من الممر المائي الحيوي، بحسب تقرير لرويتر، بينما لا تلوح في الأفق بوادر لخفض التصعيد ووضع حد للهجمات التي قفزت بتكاليف الشحن وألقت بتداعياتها على التجارة العالمية.

في ليلة ربيعية دافئة بأثينا وقبل منتصف الليل بقليل، لاحظ مسؤول تنفيذي كبير في شركة شحن يونانية وصول رسالة بريد إلكتروني مريبة لصندوق الوارد الخاص به.

وحذرت الرسالة التي أُرسلت أيضا إلى المدير من أن إحدى سفن الشحن التابعة للشركة والتي تمر عبر البحر الأحمر أضحت عرضة لخطر هجوم من جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران.

وأوضحت الرسالة المكتوبة باللغة الإنكليزية والتي اطّلعت عليها رويترز أن السفينة التي تديرها الشركة اليونانية انتهكت حظر مرور يفرضه الحوثيون بالرسو في ميناء إسرائيلي وأن "القوات الحوثية سوف تستهدفها بشكل مباشر في أي منطقة تحددها".

وأشارت في الرسالة التي وقّعها مركز تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن، وهو مركز جرى إنشاؤه في فبراير/شباط للتنسيق بين الحوثيين والجهات المشغلة للسفن التجارية، "أنتم تتحملون المسؤولية والعواقب المترتبة على إدراج السفينة في قائمة الحظر".

وشن الحوثيون نحو 100 هجوم على سفن تعبر البحر الأحمر منذ نوفمبر/تشرين الثاني، بينما تسببت هجماتهم في إغراق سفينتين والاستيلاء على ثالثة ومقتل أربعة بحارة على الأقل.

وحذرت الرسالة التي وردت في نهاية مايو/أيار من فرض "عقوبات" على أسطول الشركة كاملا في حال استمرار السفينة في "انتهاك معايير الحظر ودخول موانئ الكيان الإسرائيلي المحتل".

وكانت رسالة التحذير هذه هي الأولى بين أكثر من 12 رسالة تهديد أخرى جرى إرسالها إلى ما لا يقل عن ست شركات شحن يونانية منذ مايو/أيار وسط تصاعد للتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بحسب ما ذكرته ستة مصادر في قطاع الشحن مطلعة على الرسائل بشكل مباشر ومصدران مطلعان بشكل غير مباشر.

وتشير حملة رسائل البريد الإلكتروني إلى أن المسلحين الحوثيين يوسعون شبكتهم ويستهدفون سفنا تجارية يونانية ليست على صلة تُذكر بإسرائيل أو لا تربطها بها أي صلة على الإطلاق.

وفي الأشهر القليلة الماضية، وُجهت التهديدات لأول مرة إلى أساطيل بأكملها، مما زاد من المخاطر التي تتعرض لها السفن التي تحاول عبور البحر الأحمر.

وجاء في رسالة بريد إلكتروني منفصلة في يونيو/حزيران أرسلها موقع يمني إلى شركتين "خرقت سفنكم قرار القوات المسلحة اليمنية لذلك سيتم فرض عقوبات على جميع سفن شركتكم... مع أطيب التحيات، البحرية اليمنية".

ويعاني اليمن، الذي يقع عند مدخل البحر الأحمر، من حرب أهلية منذ سنوات. وفي عام 2014، سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وأطاحوا بالحكومة المعترف بها دوليا. وفي يناير/كانون الثاني، أعادت الولايات المتحدة إدراج المتمردين على قائمتها للجماعات الإرهابية.

وذكرت بيانات صادرة عن "لويدز ليست إنتليجنس" أن نحو 30 بالمئة من هجمات الحوثيين حتى أوائل سبتمبر/أيلول كانت على سفن مملوكة لشركات يونانية، وهي تمثل أحد أكبر الأساطيل في العالم، دون تحديد ما إذا كان لهذه السفن صلة بإسرائيل.

وفي أغسطس/آب، هاجمت الجماعة، التي تعد جزءا من تحالف محور المقاومة الإيراني للجماعات المسلحة المناهضة لإسرائيل، ناقلة سونيون وتركتها مشتعلة لأسابيع قبل أن يتم قطرها إلى منطقة أكثر أمانا.

ودفعت الهجمات العديد من سفن الشحن إلى اتخاذ مسار أطول بكثير عبر رأس الرجاء الصالح، بينما أظهرت بيانات لويدز ليست إنتليجنس أن حركة المرور عبر قناة السويس انخفضت من نحو ألفي سفينة شهريا قبل نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى نحو 800 سفينة فقط في أغسطس آب 2024.

"قرار الحوثيين إرسال تحذيرات إلى أساطيل بأكملها يمثل بداية المرحلة الرابعة من حملتهم العسكرية في البحر الأحمر".

وبلغت التوترات في الشرق الأوسط ذروة جديدة يوم الثلاثاء عندما شنت إيران هجوما على إسرائيل بأكثر من 180 صاروخا ردا على مقتل بعض قياديي جماعة حزب الله في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

وأفادت وثيقة بأن مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية في البحر الأحمر "أسبيدس" أكدت، خلال اجتماع مغلق مع شركات شحن في أوائل الشهر الماض، تطور تكتيكات الحوثيين.

وقالت أسبيدس في الوثيقة التي شاركتها مع شركات الشحن إن قرار الحوثيين إرسال تحذيرات إلى أساطيل بأكملها يمثل بداية "المرحلة الرابعة" من حملتهم العسكرية في البحر الأحمر.

وحثت أيضا ملاك السفن على إغلاق أجهزة نظام تحديد الهوية الآلي التي تظهر موقع السفينة وتقدم مساعدة ملاحية للسفن القريبة، كما هددتهم بالتعرض للنيران.

وذكرت أن نسبة دقة هجمات الحوثيين الصاروخية بلغت 75 بالمئة حينما استهدفوا سفنا تشغل نظام تحديد الهوية الآلي. وورد في الإفادة نفسها أن 96 بالمئة من الهجمات لم تصب أهدافها حينما كان نظام تحديد الهوية الآلي مغلقا.

وبدأت حملة الرسائل الإلكترونية من الحوثيين في فبراير/شباط بتوجيه رسائل إلى ملاك السفن وشركات الشحن ونقابة البحارة الرئيسية من مركز تنسيق العمليات الإنسانية التابع للحوثيين.

وحذرت قطاع الشحن من فرض الحوثيين حظرا على سفن بعينها من عبور البحر الأحمر، إلا أنها لم تحذر الشركات بشكل صريح من هجوم وشيك، بينما احتوت الرسائل التي أرسلت بعد مايو/أيار على تهديدات أكبر.

وقال مصدران مطلعان إن شركتي شحن على الأقل تشغلهما اليونان تسلمتا تهديدات عبر البريد الإلكتروني وقررتا إنهاء المرور عبر البحر الأحمر، وطلب المصدران عدم تحديد هوية الشركتين لدواع أمنية.

وقال مسؤول تنفيذي في شركة شحن ثالثة تلقت رسالة أيضا إنهم قرروا إنهاء الأعمال مع إسرائيل لتتمكن سفنهم من مواصلة العبور من البحر الأحمر.

وقال ستيفن كوتون الأمين العام للاتحاد الدولي لعمال النقل "إذا لم يتسن ضمان العبور الآمن للبحر الأحمر، فإن على الشركات التحرك، حتى وإن كان ذلك يعني تأجيل مواعيد التسليم... تعتمد حياة البحارة على ذلك". والاتحاد هو النقابة الرئيسية للبحارة التي تلقت رسالة بالبريد الإلكتروني من مركز تنسيق العمليات الإنسانية.

وقالت المصادر إن حملة البريد الإلكتروني تزيد القلق بين شركات الشحن، وإن تكاليف التأمين التي يتحملها ملاك السفن الغربيون قفزت بالفعل بسبب هجمات الحوثيين، وعلقت بعض شركات التأمين التغطية بشكل كلي.

وأوقفت شركة "كونبالك" لتشغيل السفن ومقرها اليونان عبور رحلات من البحر الأحمر بعدما تعرضت سفينتها "إم.في جروتون" للهجوم مرتين في أغسطس/آب.

وقال ديميتريس دالاكوراس، الرئيس التنفيذي لكونبالك، خلال مؤتمر كابيتال لينك للشحن في لندن في العاشر من سبتمبر/أيلول "لا تمر أي سفينة من كونبالك عبر البحر الأحمر. يتعلق الأمر بشكل رئيسي بسلامة الطواقم. بمجرد تعرض الطاقم للخطر تتوقف جميع المناقشات".

وقال توربين كولن المدير الإداري لمجموعة شحن الحاويات "ليونهارت اند بلومبيرغ"، ومقرها ألمانيا، إن البحر الأحمر وخليج عدن منطقة "محظورة" على أسطولهم.

وتواصل بعض الشركات عبور البحر الأحمر بسبب اتفاقيات ملزمة طويلة الأجل مع المستأجرين أو بسبب احتياجها إلى نقل البضائع في تلك المنطقة بالتحديد.

ولا يزال البحر الأحمر أسرع طريق لنقل البضائع إلى المستهلكين في أوروبا وآسيا. ولم يوقف الحوثيون حركة الملاحة كليا، وتستطيع أغلبية السفن المملوكة لصينيين وروس الإبحار بلا عوائق وبتكاليف تأمين أقل، إذ لا يعتبرها الحوثيون . ذات صلة بإسرائيل.

وورد في تسجيل صوتي لرسالة بثها الحوثيون لسفن في البحر الأحمر في سبتمبر/ أيلول "نؤكد للسفن التابعة لشركات لا صلة لها بالعدو الإسرائيلي أنها آمنة ولها حرية التحرك وإبقاء أجهزة نظام تحديد الهوية الآلي مفتوحا طوال الوقت".

وأعلنت جماعة الحوثي مساء الخميس أن طيران التحالف الأميركي البريطاني شن غارتين على منطقة الجبانة غرب مدينة الحديدة التي تضم أحد معسكرات الدفاع الجوي التابع للحوثيين، وفق إعلام يمني.
وأعلن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في وقت سابق أن إسرائيل والولايات المتحدة نفذتا 39 غارة على اليمن هذا الأسبوع.
وتعد الحديدة المطلة على البحر الأحمر واحدة من أهم المحافظات اليمنية، كونها تحوي مطارا دوليا وثلاثة موانئ حيوية، إضافة إلى امتلاكها شريطا ساحليا طويلا.