الحوثي يقرّ بخسائر ميليشياته في الحديدة دون نيّة للاستسلام

الضغوط العسكرية والانتصارات الميدانية تدفع زعيم المتمردين الحوثيين للاعتراف ببعض الهزائم في الحديدة، متعهدا بعدم الاستسلام في تطور يشير إلى أن الخناق يزداد ضيقا حول الميليشيا المدعومة من إيران.

القوات اليمنية تتقدم على الجهتين الشرقية والجنوبية للحديدة ومينائها
منظمات إغاثة دولية تدعو لإقامة ممرات آمنة للمدنيين
الحوثيون يستخدمون المدنيين دروعا بشرية

صنعاء/عدن - أقر زعيم المتمردين الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي اليوم الأربعاء بأن ميليشياته منيت ببعض الخسائر في المعارك التي يخوضها الطرفان للسيطرة على مدينة الحديدة، متعهدا بعدم استسلام مقاتليه للقوات الحكومية المدعومة من السعودية.

 وقال الحوثي في خطاب متلفز "هل يعني اختراق العدو(في اشارة إلى القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي) هنا أو هناك أو تمكنه من السيطرة على منطقة هنا أو هناك أننا سنقتنع أن نستسلم للعدو؟ أن نسلم له البلد؟ هذا لا يكون ولن يكون".

وأقر الحوثيون المدعومون من إيران الأربعاء بحصول توغلات من قبل القوات المدعومة من التحالف العربي، متهمين القوات الموالية للحكومة بالتسبب بتصاعد العنف.

وقال الحوثي "العدو يستفيد من زخمه البشري الهائل الذي كثفه للضغط على مدينة الحديدة".

ولقي نحو 200 مقاتل حتفهم خلال الأسبوع الماضي في المعارك الدائرة للسيطرة على الحديدة التي سقطت مع صنعاء في قبضة المتمردين عام 2014.

ودعت منظمات إغاثة دولية الأربعاء إلى إقامة ممرات آمنة للمدنيين مع اقتراب المعارك من مستشفيين في المدينة، إحداهما حولها الحوثيون إلى قاعدة لعملياتهم العسكرية.

وأعلنت القوات الموالية للحكومة اليمنية اليوم الأربعاء أنها أحرزت "تقدما محدودا" في الجهتين الشرقية والجنوبية لمدينة الحديدة ومينائها غرب اليمن.

عبدالملك الحوثي زعيم الحوثيين يحشد ميليشياته بعد خسائر في الحديدة
الحوثي لم يعد قادرا على اخفاء خسائر ميليشياته

وتثير المعارك في الحديدة مخاوف منظمات إنسانية وطبية على مصير المدنيين خاصة مع استخدام الحوثيين للمدنيين دروعا بشرية ومع استيلائهم على مناطق سكنية أو مرافق خدمات صحية وتعليمية.

وتجري المعارك بإسناد من قوات التحالف الذي تقوده السعودية والذي نفذ الغارات الجوية، بحسب مصادر عسكرية.

وأكدت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسف) أنها "متخوفة" من أن يؤدي تزايد العنف إلى تعريض الجهود الإنسانية "المنقذة للحياة" للخطر.

وأكدت رئيسة قسم الاتصالات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة أن "القلق ينبع من أنه في حال توقف ميناء الحديدة عن العمل بعد الآن فإننا كيونيسيف لن نتمكن من جلب الإمدادات الإنسانية عبر هذا الميناء".

وبحسب توما، فإن المنظمة تمكنت في السنوات الماضية من نقل المساعدات الإنسانية إلى الحديدة عبر "قوارب صغيرة".

ويستخدم الحوثيون ميناء الحديدة الشريان الحيوي لإمدادات الغذاء والإغاثة الإنسانية، كمنفذ مهم لإمدادات السلاح الإيرانية.

وتتخوف منظمات الإغاثة على مصير المدنيين مع إقتراب المعارك من مستشفيين في المنطقة.

وقال مصدر طبي الأربعاء إن المتمردين الحوثيين أخرجوا فجر الأربعاء الطواقم الطبية من مستشفى 22 مايو، أحد المشافي الرئيسية في المدينة وقاموا بالتمركز داخله، ووضعوا قناصة في المكان.

وقتل العشرات من المتمردين الحوثيين والمقاتلين الموالين للحكومة في الساعات الأربع والعشرين الماضية في المعارك المتواصلة في محيط مدينة الحديدة في غرب اليمن، بحسب ما أعلنت مصادر طبية الأربعاء.

وأكدت مصادر طبية مقتل 27 متمردا حوثيا بينما قتل 12 من القوات الموالية للحكومة.

ويشهد محيط مدينة الحديدة منذ الخميس معارك عنيفة بين القوات الموالية للحكومة والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين المتهمين بتلقي الدعم العسكري من إيران.

وتسبّبت المعارك منذ بدايتها بمقتل نحو 200 مقاتل من الطرفين، بحسب مصادر طبية وعسكرية في محافظة الحديدة.

وكانت منظمة "سيف ذا تشيلدرن" قالت في وقت سابق من هذا الأسبوع أن العاملين في الحديدة "أبلغوا عن نحو 100 غارة جوية في نهاية الأسبوع، أي خمسة أضعاف الغارات في الأسبوع الأول من تشرين الأول/أكتوبر".

فشل صدور بيان أممي لوقف الحرب في اليمن

وحالت ثلاث دول في مجلس الأمن الأربعاء دون صدور بيان يدعو إلى إنهاء الحرب في اليمن، مطالبة عوضا عنه بتبني قرار متكامل يجلب طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات.

ورفضت هولندا والسويد والبيرو مسودة النص الذي أعدته بريطانيا واقترحته الصين التي تترأس المجلس هذا الشهر، مشيرة إلى أنه لا يتطرق إلى المسائل التي تثير قلقها وتتعلق بالأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمن.

وقالت الدول الثلاث في رسالة إلكترونية إلى المجلس "نشعر بأن الوضع الحالي يقتضي أكثر من أي أمر آخر (تبني) قرار يمنح كلا من الموفد الخاص ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أوتشا الدعم اللازم لاتخاذ خطوة نحو إنهاء النزاع في اليمن ومعاناة الشعب اليمني".

وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة من أن اليمن على شفير أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود.

وأطلقت القوات الموالية للحكومة اليمنية مدعومة بمقاتلات ومروحيات هجومية تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية، هجوما لتحرير مدينة الحديدة من قبضة المتمردين الحوثيين رغم تحذيرات المنظمات الإنسانية من خطر العملية على المدنيين.

القوات اليمنية تواصل تقدمها في شرقي وغربي الحديدة
تقدم القوات اليمنية بدعم من التحالف العربي في الحديدة يربك الحوثيين

والجمعة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أطراف النزاع إلى وقف أعمال العنف في اليمن لإبعاده عن "حافة الهاوية" والتحرك نحو إجراء محادثات لإنهاء الحرب.

وجاءت الدعوة بعد أيام من تكثيف الولايات المتحدة الضغط على حليفتها السعودية لإنهاء الحرب داعية إلى وقف إطلاق النار وعقد محادثات سلام.

وتؤيد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي تملك حق الفيتو في المجلس، التحالف في حملته التي بدأت منذ العام 2015 دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

وبعد الدعوة الأميركية، بدأت بريطانيا العمل على وضع مسودة قرار يمهد لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وإجراء محادثات برعاية الأمم المتحدة لإنهاء الحرب.

ويعتزم مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن مارتن غريفيث الذي التقى مؤخرا مسؤولين أميركيين في واشنطن، دعوة الحكومة المدعومة من السعودية والمتمردين الحوثيين لعقد محادثات في السويد هذا الشهر.

وحذرت اليونيسف الثلاثاء من أن المعارك تهدّد حياة 59 طفلا يمنيا يتلقّون العلاج في مستشفى الثورة في المدينة.

وحثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأربعاء الأطراف المتنازعة على "تجنب المدنيين والبنية التحتية المدنية" بما في ذلك المستشفيات وسيارات الإسعاف ومحطات المياه والكهرباء.

وكانت القوات الحكومية أطلقت في يونيو/حزيران بدعم من التحالف حملة عسكرية ضخمة على ساحل البحر الأحمر بهدف السيطرة على الميناء، قبل أن يعلّق التحالف العملية لإفساح المجال أمام المحادثات، قبل أن تستأنف في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي استئنافها بعد فشل المساعي السياسية.

ويشهد اليمن منذ 2014 حربا بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس/آذار 2015 دعما للحكومة المعترف بها دوليا بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء ومدينة الحديدة التي تضم الميناء الاستراتيجي تعبر منه غالبية المواد التجارية والمساعدات.

وتزامن اندلاع المعارك الجديدة مع إعلان الحكومة اليمنية استعدادها لاستئناف مفاوضات السلام مع المتمردين الحوثيين وذلك غداة إعلان مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أنّه سيعمل على عقد مفاوضات في غضون شهر، بعيد مطالبة واشنطن بوقف فوري لإطلاق النار وإعادة إطلاق المسار السياسي.