الخسائر المالية لزلازل تركيا تضاعف متاعب أردوغان

أي تصور بأن الحكومة غير قادرة على التعامل مع هذه الكارثة بشكل صحيح من شأنه أن يضر بمساعي أردوغان في انتخابات مايو.
ميزانية أنقرة ستواجه أعباء مالية كبيرة إثر الزلازل المدمرة
النمو الاقتصادي قد يتراجع نقطة أو نقطتين مئويتين
تعامل حكومة أردوغان مع الكارثة قد يشكل موقف الناخب

أنقرة - توقع خبراء اقتصاديون ومسؤولون أن تواجه ميزانية تركيا أعباء مالية هامة إثر الزلازل المدمرة التي ضربت البلاد، إذ ستحتم عليها إنفاق مليارات الدولارات في جهود إعادة إعمار الأحياء التي سوّيت بالأرض، فيما ستؤدي الكارثة إلى انخفاض النمو الاقتصادي بنقطتين هذا العام الذي سيشهد تنظيم انتخابات بمثابة اختبار هو الأصعب  للرئيس رجب طيب أردوغان خلال عقدين من حكمه.

وأي تصور بأن الحكومة غير قادرة على التعامل مع هذه الكارثة بشكل صحيح أو أنها لم تطبق قوانين البناء الملائمة في بلد معرض للزلازل من شأنه أن يضر بمساعي أردوغان في انتخابات مايو/آيار ما يضعه في مواجهة تحد كبير.

وتأكد مقتل ما يزيد عن عشرة آلاف شخص في شمال سوريا وجنوب تركيا بسبب زلازل مدمرة وقعت يوم الاثنين خلفت وراءها دمارا واسعا في أنحاء المنطقة.

وتعرضت آلاف البنايات بما في ذلك منازل ومستشفيات فضلا عن طرق وخطوط أنابيب وبنية تحتية أخرى لأضرار جسيمة في المنطقة التي يسكنها حوالي 13.4 مليون نسمة.

وارتفعت اليوم الأربعاء حصيلة ضحايا الزلزالين العنيفين اللذين ضربا جنوب تركيا إلى 8 آلاف و574 قتيلا وأصيب 49 ألفا و133 فيما بلغ عدد المباني 6 آلاف و444 في الولايات العشر المتضررة من الزلزال وبينما يقول مسؤولون إن الحجم الكامل للدمار لم يتضح بعد إلا أنهم يعتقدون أن إعادة الإعمار ستضع ضغوطا كبيرة على ميزانية تركيا.

وقال مسؤول كبير لرويترز "ستكون هناك أضرار بمليارات الدولارات"، مضيفا أنه ستكون هناك حاجة لإعادة بناء سريعة للبنية التحتية والمنازل والمصانع.

وتعاني تركيا منذ سنوات من ارتفاع معدلات التضخم وانهيار العملة بسبب تبني أردوغان سياسات اقتصادية غير تقليدية وأدت دعواته لخفض أسعار الفائدة إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 24 عاما عند 85 في المئة العام الماضي وهبطت الليرة إلى عشرة في المئة من قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.

ولدى تركيا مستويات ديون أقل بكثير من معظم الدول لكن تقلص احتياطي العملات الأجنبية لسنوات وتراجع استقلالية البنك المركزي والنظام القضائي والأساليب غير التقليدية في الإدارة بشكل عام كان لها تأثيرها.

وضربت الزلازل البلاد في وقت أعطت فيه سياسات الحكومة الأولوية للإنتاج والصادرات والاستثمارات من أجل تعزيز النمو الاقتصادي رغم أن التضخم بلغ أكثر من 57 في المئة بحلول يناير/كانون الثاني كما من المتوقع أن تلحق أضرارا بالإنتاج في المناطق المنكوبة التي تمثل 9.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.

وأظهرت بيانات بورصة الطاقة في إسطنبول تراجع استخدام الكهرباء في تركيا بنسبة 11 في المئة يوم الاثنين مقارنة بالأسبوع السابق بما يعكس حجم تأثر الاستهلاك ومن شأن هذه الأضرار أن تؤثر على النمو الاقتصادي هذا العام.

وقدر ثلاثة خبراء اقتصاديين أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض بما يتراوح بين 0.6 ونقطتين مئويتين في ظل سيناريو يهبط فيه الإنتاج إلى النصف في المنطقة وهو أمر قالوا إنه قد يستغرق من ستة أشهر إلى 12 شهرا للتعافي.

وقال مسؤول كبير إن النمو قد يتراجع نقطة أو نقطتين مئويتين دون النسبة المستهدفة البالغة خمسة في المئة، مضيفا أن "بعض موارد الاستثمار المتوقعة في الميزانية ستوجه لاستخدامها في هذه المناطق" ونصيب المنطقة الجنوبية الشرقية التي ضربها الزلزال من صادرات البلاد 8.5 في المئة و6.7 في المئة من وارداتها.

 لكن خبرء اقتصاديين يقولون إنه من غير المرجح أن تؤثر الزلازل على الميزان التجاري لتركيا حيث من المتوقع أن تنخفض الصادرات والواردات على حد سواء.

وقال ولفانجو بيكولي العضو المنتدب لشركة تينيو إنتليجنس للاستشارات إنه من المستبعد أن يلحق الزلزال أضرارا جسيمة بالاقتصاد مقارنة بآخر مماثل في القوة ضرب المنطقة الصناعية شمال غرب تركيا في عام 1999 وكتب في مذكرة "ضربت الزلازل واحدة من أفقر مناطق البلاد وأقلها تقدما ولم تؤثر على مناطق واقعة في الغرب يفضلها السائحون الأجانب الذين أصبحوا أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في تركيا".

لكن محللين يقولون إن الرئيس قادر على حشد التأييد الوطني لأسلوب التعامل مع الأزمة وعلى تعزيز موقفه لكونه ماهرا في خوض الحملات الانتخابية ولأن حكومته تصدت لزلازل وحرائق غابات وغيرها من الكوارث الطبيعية منذ توليه السلطة في عام 2003.

ولم يندفع خصوم أردوغان السياسيون إلى تحقيق مكاسب سياسية في أعقاب الزلزال مباشرة في الوقت الذي لا يزال فيه الكثيرون محاصرين تحت الأنقاض كما أن عدد القتلى آخذ في الارتفاع واكتفى تكتل سياسي يضم ستة أحزاب معارضة بالقول إن الحكومة يجب أن تتعامل دون تمييز مع الكارثة التي ضربت مناطق منها تجمعات لأكراد ولاجئين سوريين.

وقال حسنين مالك العضو المنتدب لإستراتيجية أسهم الأسواق المبتدئة لدى تيليمر في دبي إنه عندما تكون المنافسة في الانتخابات محتدمة فقد يؤثر تعامل الحكومة في حالات الطوارئ على الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد وهم قطاع مهم، لكن من غير المرجح أن يؤثر على المؤيدين الأوفياء لأي من الجانبين.

وأضاف "تعامل حكومة أردوغان مع هذه الكارثة الطبيعية قد يشكل موقف الناخب الذي لم يحسم أمره بعد، لكن ولاءات معظم الناخبين محددة بالفعل".