الخلاف على الحدود الايرلندية ينذر بنسف مفاوضات بريكست

تمديد الفترة الانتقالية التي تبقى خلالها بريطانيا ضمن السوق الموحدة لن تحل مسألة الحدود بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا، لكنه سيمنح المزيد من الوقت للتفاوض بشأن اتفاق تجاري بين بروكسل ولندن.

الاتحاد الأوروبي غير مستعد لتقديم المزيد من التنازلات لبريطانيا
الضغوط تزداد على تيريزا ماي مع اقتراب موعد الانفصال
ماي لم تقدم جديدا يكسر جمود مفاوضات بريكست

باريس - قال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه الجمعة إن مسألة الحدود بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا قد تنسف مفاوضات تنظيم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال بارنييه ردا على سؤال لمحطة "فرانس انتر" الإذاعية حول ما إذا كانت مسألة الحدود الايرلندية يمكن أن تتسبب بانهيار المحادثات، "الجواب هو نعم"، مضيفا "أعتقد أننا بحاجة إلى اتفاق، لكنني لست واثقا بأننا سنتوصل إليه. الأمر صعب، لكنه ممكن".

والخميس حذر القادة الأوروبيون بريطانيا من أنهم لن يقدموا المزيد من التنازلات لكسر الجمود الذي وصلت إليه مفاوضات بريكست، لكنهم أبدوا ثقتهم بإمكانية التوصل لاتفاق قبل مارس/اذار المقبل موعد خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي.

واختتمت قمة بروكسل من دون تحقيق تقدم بعد اكتفاء رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بطرح تمديد الفترة الانتقالية وعدم تقديمها أي مقترح جديد.

وتحاول ماي منذ الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2016 التوفيق بين مطالب حزبها المحافظ المشكك في الوحدة الأوروبية ووقائع المفاوضات مع بروكسل.

وقوبل طرح ماي بتمديد الفترة الانتقالية لمعالجة مسألة الحدود الايرلندية بغضب عارم في بريطانيا.

وفي مسعى لتحقيق تقدم في المفاوضات، وافقت لندن في 2017 على حلّ أُطلق عليه اسم "شبكة الأمان" (باكستوب) يتم تطبيقه في حال عدم التوصل إلى حلّ أفضل عبر التفاوض.

ولن يحل تمديد الفترة الانتقالية التي تبقى خلالها بريطانيا ضمن السوق الموحدة مسألة الحدود الايرلندية، لكنه سيمنح المزيد من الوقت للتفاوض بشأن اتفاق تجاري بين الطرفين.

ويتيح هذا الحل الذي رفضته لندن حتى الآن، الحفاظ على ايرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة في غياب حل آخر.

وأدى عدم إحراز تقدم في مفاوضات بريكست هذا الأسبوع في القمة الأوروبية، إلى إرباك في الجدول الذي قرره المفاوضون وذلك قبل أقل من ستة أشهر من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي المقرر في 29 مارس/اذار 2019.

واتفق قادة الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد (بدون المملكة المتحدة) خلال عشاء عمل مساء الأربعاء، على مواصلة المباحثات المكثفة، لكنهم عدلوا حاليا عن الدعوة إلى قمة في نوفمبر/تشرين الثاني والتي كانت محددة كموعد محتمل لإنهاء المفاوضات.

والقمة المقبلة للاتحاد الأوروبي ستكون بذلك يومي 13 و14 ديسمبر/كانون الأول وقبل ذلك سيكون على رئيسة وزراء بريطانيا أن تجتاز الاختبار السياسي للموازنة في بلادها.

وستختبر تيريزا ماي في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني مدى الدعم الذي تحظى به في البرلمان أثناء التصويت على الموازنة.

وتبقى غالبيتها في مجلس العموم رهنا بالنواب العشرة للحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي الصغير.

وكان هذا الحزب هدد بالتصويت ضد الموازنة إذا قبلت ماي باتفاق بشأن بريكست مع الاتحاد الأوروبي يعيد النظر في وضع المقاطعة البريطانية داخل المملكة المتحدة.

وبحسب وسائل إعلام فإن بعض النواب المحافظين المعارضين للفكرة الأوروبية وأنصار خط متصلب في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، يمكن أيضا أن يستخدموا التصويت على الموازنة في اختبار قوة مع ماي.

وخسارة التصويت على الموازنة يمكن أن يشكل فتيلا لتفجير احتجاج أعنف داخل حزب المحافظين ضد تيريزا ماي. ومن الضروري توافر 48 نائبا أي 15 بالمئة من النواب لتنظيم تصويت على الثقة.

ومنذ قانون صدر في 2011 لم يعد الفشل في التصويت على الموازنة يعني خسارة الثقة في الحكومة وبالتالي إجراء انتخابات جديدة.

ويحدد القانون برنامج الانتخابات التشريعية كل خمس سنوات إلا في حالتين، الأولى دعم ثلثين من النواب والثانية إذا لم يتم الاتفاق على اسم رئيس حكومة جديد بعد مهلة 15 يوما من تصويت على الثقة.

وإذا نجت تيريزا ماي في تصويت الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، فستواصل مفاوضات بريكست بضغط أقل.

ويعتبر التوصل إلى اتفاق في القمة الأوروبية في ديسمبر/كانون الأول مهلة نهائية حتى يبقى متسع من الوقت لتصادق البرلمانات الأوروبية والبريطانية قبل 29 مارس/اذار 2019.

وإذا لم يحدث أي اختراق حتى موعد القمة فإن سيناريو عدم التوصل إلى اتفاق يصبح الأرجح.

وفي حال تم التوصل إلى اتفاق حول بريكست مع الاتحاد الأوروبي، فسيتم عرضه على 650 عضوا في مجلس العموم البريطاني للمصادقة عليه.

ويملك حزب المحافظين بزعامة ماي 315 عضوا وبدعم النواب العشرة للحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي يمكن أن تتم المصادقة على الاتفاق.

لكن إذا لم يدعمه نواب الحزب الايرلندي الشمالي أو نواب متشددون في حزب ماي، فسيكون على رئيسة الوزراء اللجوء إلى نواب حزب العمال المعارض (257 عضوا).

وحذّر حزب العمال من أنه سيعارض على الأرجح الاتفاق، لكن بعض نوابه قالوا إنهم سيتحدّون قرار حزبهم لتفادي غياب اتفاق الأمر الذي يعتبرونه مضرا.

وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق حول بريكست، يمكن أن تقطع الصلات القانونية والأمنية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي بين ليلة وضحاها، ما سيترك طائرات متسمرة في مطاراتها والبريطانيين في الخارج بلا حقوق والسلع معطلة على الحدود.

إلا أنه يمكن التوصل إلى بعض التسويات عبر التفاوض في مجالات مثل الطيران لتفادي كارثة محتملة.

وإذا رفض النواب البريطانيون الاتفاق يمكن أن يطالبوا الحكومة بأن تتفاوض على اتفاق آخر، لكن الأمر سيتطلب وقتا أطول. كما أن التصويت على الاتفاق الجديد سيكون غير مضمون.

وتتعالى أصوات أكثر فأكثر في بريطانيا لتنظيم استفتاء حول الاتفاق الذي سيلي الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، مع إمكانية البقاء في الاتحاد.

لكن ذلك يحتاج إلى اتفاق غالبية أعضاء البرلمان البريطاني كما أن حكومة ماي تعارضه في حين يرفض حزب العمال استبعاد مثل هذا السيناريو.