الخناق يزداد ضيقا على البشير محليا ودوليا
الخرطوم - يزداد الخناق الشعبي والدولي ضيقا على الرئيس السوداني عمر البشير بعد دعوة الشرطة وثلاث دول غربية إلى انتقال سياسي، على خلفية تظاهرات ضخمة لليوم الرابع على التوالي أمام مقر الجيش في الخرطوم.
ويواجه البشير أبرز تحد خلال ثلاثين عاما لسلطته الحديدية في أعقاب اندلاع حراك احتجاجي في شهر ديسمبر/كانون الأول 2018. وفي حال تنحيه طوعا أو كرها تحت ضغط الشارع فإن الرئيس السوداني سيواجه مصيرا غامضا في ظل ملاحقته دوليا بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.
ووصل الحراك إلى ذروته السبت حين أصبح المتظاهرون في محيط مقر الجيش الواقع ضمن تجمّع يضم أيضا مقر إقامة الرئيس وطالبوا بألا تواصل القوات العسكرية دعمها للبشير.
وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور غير موثّقة لجنود مرفوعين على أكتاف المتظاهرين يرقصون ويضحكون بالإضافة إلى صورة لامرأة تلتف بعباءة بيضاء وتلهب الحماسة في حشد يهتف "ثورة ثورة".
وكان المتظاهرون يتحضّرون مساء الثلاثاء للبقاء لليلة الرابعة على التوالي بعدما أمضوا يوما آخر تحت الشمس، واصلوا خلاله تحدي منع التظاهر وكرروا الشعارات المناهضة للحكومة.
وأعلنت الشرطة السودانية رغبتها في توحد "كلمة أهل السودان إلى رشد وتوافق يعزز الانتقال السلمي للسلطة واستقرار البلاد". ودعت إلى "عدم التعرض" للمتظاهرين بعد ساعات من محاولة تفريقهم.
في السياق نفسه، اعتبرت سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج الثلاثاء أنه آن الأوان للسلطات السودانية لكي تعرض "خطة انتقال سياسي تحظى بمصداقية" وطالبت السلطات بـ"الاستجابة للمطالب الشعبية".
وأخفقت الثلاثاء عدة محاولات للشرطة ولجهاز الأمن والمخابرات لإزاحة المحتجين من أمام مقر قيادة الجيش حين أطلق عسكريون النار في الهواء. ولا شيء يؤكد إذا كان عناصر الجيش أقدموا على ذلك لحماية المتظاهرين كما يقول شهود، أو فعلوا ذلك لسبب آخر. وحتى الآن، تبقى نوايا العسكر غير معروفة.
وقال شاهد "حصل إطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع وبعد ذلك فتح الجيش أبواب المقر للسماح بدخول المتظاهرين".
وأشار إلى أنّه "بعد دقائق، قامت مجموعة من العسكريين بإطلاق النار في الهواء لدفع القوات الأمنية التي كانت تستخدم الغاز المسيل للدموع"، فيما سمع إطلاق النار بدوره.
وأظهرت لقطات فيديو تُظهر القوات الأمنية وهي تحاول تفريق المحتجين قبل تراجعها إثر إطلاق الجيش النار.
وقتل 38 متظاهرا منذ بدء الاحتجاجات بينهم سبعة السبت بحسب السلطات. ودخل الثلاثاء جنود إلى مقرّ الجيش على متن شاحنة نقلت جثة لم تعرف هويتها، حسبما أفاد شاهد في المكان.
ودعا الاثنين زعيم حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير في كلمة أمام مقر الجيش، المؤسسة العسكرية إلى "تواصل مباشر" مع تحالف الحرية والتغيير بغية "تيسير عملية الانتقال السلمي للسلطة إلى حكومة انتقالية".
وقال وزير الدفاع السوداني الفريق ركن عوض بن عوف بأنّ "القوات المسلحة تقّدر أسباب الاحتجاجات وهي ليست ضد تطلعات وطموحات وأماني المواطنين، لكنها لن تسمح بانزلاق البلاد نحو الفوضى ولن تتسامح مع أي مظهر من مظاهر التفلت الأمني".
وفي بيان منفصل، شدد رئيس الأركان المشتركة كمال عبدالمعروف على "وحدة وتماسك المنظومة الأمنية (القوات المسلحة، قوات الشرطة، جهاز الأمن والدعم السريع)، وقيامها بواجباتها في حفظ الأمن وحماية المواطنين في تكامل وتنسيق للأدوار".
وأعلن الدقير أنّه جرى تشكيل مجلس من قبل منظمي التظاهرات لبدء محادثات مع القوات الأمنية والمجتمع الدولي بهدف نقل السلطة إلى "حكومة انتقالية". وقال "نشدد على مطلب الشعب بالاستقالة الفورية لرئيس النظام وحكومته".
وتحوّلت التظاهرات التي اندلعت في ديسمبر/كانون الأول 2018 على خلفية قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، إلى حراك شعبي واسع النطاق ضد حكم البشير.
وحُرم السودان منذ عام 2011 من ثلاثة أرباع احتياطاته النفطية إثر استقلال جنوب السودان ويواجه تضخما بنسبة 70 بالمئة في العام وعجزا كبيرا بالعملات الأجنبية.
وتزامنت تظاهرات الأيام الأخيرة مع حدوث انقطاع للتيار الكهربائي في كافة أنحاء البلاد، عزته وزارة الكهرباء إلى عطل تقني.
ومنذ بداية الاحتجاجات، رفض البشير الاستقالة. وأعلن في 22 فبراير/شباط حالة الطوارئ بعدما سعى إلى قمعها بالقوة.
وتراجعت التظاهرات بشكل واضح حتى ظهر السبت الذي صادف ذكرى انتفاضة 6 ابريل/نيسان 1985 التي سمحت بإسقاط نظام الرئيس جعفر النميري.
وحضّ أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين الحكومة على "خلق بيئة مواتية لإيجاد حل للوضع الراهن وتشجيع الحوار الشامل".