الخيالة يحوّلون افتتاح مشروع أهرامات الجيزة الى أزمة

شركة 'أوراسكوم بيراميدز ' المشرفة على تنفيذ المشروع تحمّل الحكومة مسؤولية الأحداث التي رافقت التشغيل التجريبي لمنظومة زيارة هضبة الأهرامات، محذرة من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى تقويض كل الجهود.

القاهرة – أثارت حادثة قيام عدد من الخيّالة والجمّالة بقطع الطريق أمام الحافلات السياحية في اليوم الأول للتشغيل التجريبي لمنظومة تطوير الخدمات بأهرامات الجيزة، موجة واسعة من الانتقادات لحالة الفوضى في يوم كان يفترض أن يمثل نقلة نوعية في السياحة المصرية.

وفي مشهد وصف بـ"غير الحضاري" تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر تجمهر الخيالة بالقرب من المدخل الرئيسي للمشروع الجديد، مرددين هتافات احتجاجية تعبر عن رفضهم للتطوير الذي قد يؤثر على أنشطتهم التقليدية في المنطقة، مما عرقل حركة الحافلات الكهربائية المخصصة لنقل الزائرين بين المحطات السياحية وتسبب في تأخير الجولات الافتتاحية وإرباك السياح المصريين والأجانب الموجودين.

ويعد مشروع تطوير الأهرامات أحد أهم المشروعات التي أطلقتها الحكومة المصرية بالتعاون مع القطاع الخاص ممثلاً بشركة "أوراسكوم بيراميدز" للمشروعات الترفيهية، بهدف تحسين التجربة السياحية ورفع كفاءة الخدمات في واحدة من أهم المواقع الأثرية عالميًا، حيث بدأ التخطيط للمشروع في 2009 لكنه توقف في ثورة يناير في العام 2011، ليستأنف العمل في 2016، واكتمل بنسبة 100 بالمئة في 2025، فيما تصل كلفته التقديرية الى 400 مليون جنيه (ما يفوق 7 ملايين دولار) بتمويل حكومي وتنفيذ من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

ويشمل هذا المشروع نقل مدخل المنطقة الأثرية من موقعها القديم إلى بوابة جديدة على طريق الفيوم - الواحات، مع إنشاء موقف سيارات يتسع لـ1200 مركبة وحافلة وتشغيل 30 حافلة كهربائية و20 عربة تعمل بالطاقة النظيفة لنقل الزائرين بين 7 محطات رئيسية تشمل البانوراما وأبوالهول.

ويأتي في إطار استراتيجية أوسع لتعزيز السياحة المصرية خاصة مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث سجلت مصر وصول 15.75 مليون سائح في 2024، بزيادة 6بالمئة عن العام الماضي.

وتعالت الأصوات المستنكرة لهذه الواقعة التي أعتبروها دليلا واضحا عن تقصير كبير في التنظيم والتنسيق بين الأطراف المشرفة، مطالبة بتدخل عاجل لضمان عدم تكرار مثل هذه المشاهد، معتبرين أنها قد تضر بصورة مصر السياحية التي يسعى المشروع لتعزيزها.

وتساءل ناشط على فيسبوك "إلى متى قيادات محافظة الجيزة تتستر وتحمى بلطجية النزلة وسن العجوز والخرتية؟"، مضيفا متى يتحرك مدير أمن الجيزة وشرطة السياحة لضبط المسار فى أهم أثر فى العالم؟"

وكتب المرشد السياحي سعيد البطوطي في منشور على صفحته على فيسبوك "الأمر يحتاج إلى البعد عن المصالح الخاصة وأساليب الفهلوة وفرض الواقع واحتقار رأي الآخر".

وأضاف "لا بد من التنسيق الفعلي بين الجهات وبين ذوي الخبرة والفئات المعنية (شركات السياحة المنفذين للبرامج، والمرشدين السياحيين، وأصحاب الحناطير والكريتات، والبازارات ومقدمي الخدمات الآخرين، وأيضا مع السكان المحليين بالمنطقة والحوار معهم ووضع ضوابط صارمة يتم الاتفاق عليها معهم قبل تنفيذها وإشراكهم في إعدادها تجنبا لأي صدامات مستقبلية بينهم وبين الجهات التنفيذية، ومراعاة مصالح الجميع".

واستغرب الصحفي المصري خالد محمود في تغريدة على حسابه الرسمي على منصة اكس غياب رئيس الحكومة ووزيري السياحة والداخلية دون سبب مفهوم عن هذا الحدث، قائلا "هذه مهزلة تليق بهم، لكنها لا تليق بنا أبدا، مهما كانت الحجج والمبررات، وهو أمر يحتاج للأسف الشديد، الى تدخل فورى من الرئيس ،بعد عجز من ولاهم الأمر ،عن انجازه بالشكل اللائق والمفروض".

 واضاف "الواقعة التي كشف تفاصليها أمس نجيب ساويرس، عن الفشل الذريع فى التشغيل التجريبي لتنظيم زيارة هضبة أهرامات الجيزة وتحويلها الى تجربة سياحية مريحة ومنظمة كشفت الكيفية التي تدار بها الأمور فى البلاد"، مضيفا " لكنها، وهذا هو الأخطر، تكشف أيضا ضرورة أن تتوقف فورا نظرية الجزر المعزولة، التي تعمل بها أجهزة الحكومة وعدم التنسيق بين مؤسسات الدولة،

ولفت إلى أنها "تفضح خللا كبيرا في الإدارة، وتشير أيضا الى عجز الحكومة وضعفها ويطرح أسئلة حول مبررات ابقائها فى السلطة مجددا رغم فشلها الفاضح والواضح للعيان".

وأوضحت شركة "أوراسكوم بيراميدز" في بيان أن الأحداث التي رافقت التشغيل التجريبي للمنظومة الجديدة لزيارة هضبة الأهرامات بالجيزة، كان نتيجة مباشرة لعدم تنفيذ الخطة المعتمدة من قبل الجهات المعنية وتغييرها وإخطار الشركة بذلك قبل بدء التشغيل بأقل من 24 ساعة، مؤكدة أن هذا التعطيل الذي شهده الزوار والعاملون على حدٍ سواء من شأنه أن ينعكس بشكل سلبي للغاية على صورة مصر وسمعتها".

وحذرت الشركة من أن "استمرار هذا النهج سيؤدي حتمًا إلى إفشال المشروع، وتقويض كل الجهود التي بذلتها الدولة والقطاع الخاص لإعادة تقديم أحد أعظم مواقع التراث العالمي بصورة حضارية وآمنة تليق بمكانة مصر"، لافتة إلى أن عدد الزائرين في اليوم الافتتاحي فاق المعدلات المعتادة بكثير، إذ تم تسجيل رقميا قياسيا بلغ 13 ألف و800 زائر.

وحسب تقارير إعلامية محلية، أكدت مصادر من وزارة السياحة والآثار أن السلطات المحلية تدخلت لاحتواء الموقف، مشيرة إلى أن المشروع الذي نفذته شركة أوراسكوم بالتعاون مع الحكومة المصرية يهدف إلى تنظيم الخدمات السياحية وليس القضاء على الأنشطة التقليدية مثل الخيالة والهجانة، موضحا أن هناك "خطة لدمج هؤلاء العاملين" ضمن إطار منظم يحافظ على دورهم دون التأثير على التجربة السياحية.

وقال المصدر في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24 إن أي مجموعة سياحية عددها من 35 فما فوق يسمح لهم بالدخول بالحافلة الخاص بهم، فيما سيتم السماح بداية من الغد الخميس لأي مجموعة سياحية عددها من 25 فما فوق بالدخول أيضا"، مشيرا إلى أن هذا القرار يأتي لمنع التزاحم داخل المنطقة الأثرية بسبب قلة الحافلات الكهربائية بالمنطقة.