الدعم السريع: الحرب فرضت علينا ولا نهاية لها إلا باستسلام البرهان
بيروت - قال هارون محمود مديخير مستشار قائد قوات الدعم السريع إن الأخيرة لم تكن لديها رغبة في خوض الحرب مع قيادة الجيش وأن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان هو من اضطرها لذلك، مضيفا "الحرب مفروضة على قوات الدعم السريع وهي لا تسعى إليها وتؤيد وحدة السودانيين".
وأوضح في تصريح لقناة الميادين التي تبث من لبنان أن "قوات الدعم ملتزمة بالهدنة وأنه يجب إنهاء هذا الصراع في السودان"، مشددا على أنّ "هناك حركات متشددة دخلت على خط الصراع في السودان"، مضيفا أنّ "هذه الحرب لن تنتهي إلا بتسليم البرهان لنفسه".
وقال إن "قوات الدعم السريع ملتزمة بالاتفاق الإطاري وتسليم السلطة للمدنيين"، معتبرا أنّه "من الممكن تمديد الهدنة ونحن نسعى للسلام وليس الحرب"، متهما قائد الجيش بإشعال الحرب فقط "لوقف عجلة التحول الديمقراطي في السودان".
وكان قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد أكد حتى قبل انفجار الأوضاع على ضرورة العودة عن إجراءات استبعاد المدنيين من الحكم وهي الإجراءات التي اتخذها البرهان وتسببت في أزمة سياسية كان السودان الذي يعيش وضعا متأزما أصلا سياسيا وأمنيا واقتصاديا في غنى عنها.
كما تسببت تلك الإجراءات في تجميد الدعم المالي الدولي والقروض من المؤسسات المالية الدولية، ما أفضى إلى أزمة وقود وغذاء وارتفاع قياسي في الأسعار.
وعن الوضع الميداني قال مستشار قائد قوات الدعم السريع إن قوات الدعم "تسيطر على 90 في المئة من المواقع الرسمية والسيادية بينما الجيش يسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي"، متسائلا "كيف يمكن للبرهان أن يقود السودان وهو مختبئ في الملاجئ الآن؟".
ونفى هارون محمود مديخير أي صلة بين قوات الدعم السريع وقائد الجيش الوطني في شرق ليبيا. وقال "قوات الدعم ليس لديها أي ارتباط بخليفة حفتر أو أيّ دولة خارجية بشأن التسليح".
وعن الجهود التي تبذلها قوى دولية لوقف اطلاق النار، قال مديخير إن قوات الدعم السريع ملتزمة بالهدنة الإنسانية وأنها ترحب بتدخل أيّ جهة خارجية من أجل التوصل إلى حل في السودان.
وأضاف "من الممكن تمديد الهدنة ونحن نسعى للسلام وليس الحرب... الحرب أشعلت لوقف عجلة التحول الديمقراطي في السودان".
ولقي اتفاق وقف إطلاق النار المعلن لمدة ثلاثة أيام في السودان التزاما جزئيا في العاصمة الخرطوم مع بدء سريانه الثلاثاء فيما تتسارع عمليات إجلاء الرعايا الأجانب.
وبعد عشرة أيام من بدء المعارك التي خلفت أكثر من 459 قتيلا وأكثر من أربعة آلاف جريح بحسب الأمم المتحدة، استهدف الجيش الثلاثاء بالطائرات مواقع لقوات الدعم السريع في ضواحي الخرطوم، ورد الأخير باستخدام أسلحة ثقيلة، وفق ما أفاد شهود عيان.
وتبادل الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقّب بـ"حميدتي" الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار.
وتعذر على الفور التأكد من تراجع حدة القتال العنيف الذي اندلع في إقليم دارفور الشاسع (غرب) منذ بدء الأعمال العدائية في 15 أبريل/نيسان.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد أعلن مساء الاثنين عن موافقة الطرفين على وقف إطلاق النار لثلاثة أيام اعتبارا من الثلاثاء، موضحا أن ذلك أتى عقب "مفاوضات مكثفة على مدار الساعات الثماني والأربعين الماضية".
ومع بدء سريان الاتفاق، حذّرت الأمم المتحدة الثلاثاء من أن ما يصل إلى 270 ألف شخص آخر قد يتوجهون إلى تشاد وجنوب السودان المجاورتين.
وقال المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير خالد عمر يوسف الإثنين إنه سيتم خلال الهدنة إجراء "حوار حول ترتيبات لوقف نهائي لإطلاق النار"، مضيفا "الولايات المتحدة بتنسيق معنا تواصلت مع القوات المسلحة والدعم السريع".
وأكد بلينكن أن واشنطن تعمل على تحقيق ذلك مع دول حليفة بينما تحدث الجيش عن وساطة "سعودية أميركية". وتراجعت حدة القتال في عدة أحياء بالعاصمة منذ بدء عمليات إجلاء الأجانب السبت.
لكن الاشتباكات في مناطق أخرى كانت أكثر تدميرا في الأيام الأخيرة، فقد أظهرت مقاطع فيديو، متاجر محترقة ومباني مدمرة ومدنيين منهكين وسط الأنقاض التي لا يزال يتصاعد منها الدخان، ما يعكس كثافة الغارات الجوية ونيران المدفعية.
والناس الذين لا يستطيعون مغادرة العاصمة التي يزيد عدد سكانها عن خمسة ملايين شخص يحاولون البقاء على قيد الحياة بدون ماء وكهرباء، ويعانون نقص الغذاء وانقطاع الإنترنت والهاتف.
وبحسب الأمم المتحدة، هناك "219 ألف امرأة حامل في الخرطوم، 24 ألفا منهن من المتوقع أن يلدن في الأسابيع المقبلة"، بينما تواجه الحوامل "صعوبات بالغة" في الحصول على الرعاية الصحية فيما تؤكد نقابة الأطباء أن نحو ثلاثة أرباع المستشفيات باتت خارج الخدمة.
ويهدد النزاع "بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها"، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ورحّب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالهدنة وحثّ "الطرفين على احترامها بشكل كامل"ن فيما أعلنت ألمانيا أنها ستنظم رحلة إجلاء أخيرة مساء الثلاثاء لنقل مواطنيها وكذلك رعايا دول أخرى إلى الأردن. وبدأت بريطانيا كذلك إجلاء رعاياها بعد ثلاثة أيام من إخراج دبلوماسييها من البلد.
وتمكن أكثر من ألف من مواطني دول الاتحاد الأوروبي من المغادرة، في الوقت الذي أعلنت فيه فرنسا الثلاثاء أنها أجلت 538 شخصا من بينهم 209 فرنسيين. وتمكنت أوكرانيا من إخراج 138 شخصا من السودان، من بينهم 87 من مواطنيها. وأعلنت طوكيو أنها أجلت "كل اليابانيين الذين كانوا في الخرطوم" وأرادوا المغادرة.
وقالت الأمم المتحدة إن نحو 700 موظف أممي وفي المنظمات غير الحكومية والسفارات "تم إجلاؤهم إلى بورتسودان". وقتل خمسة من عمال الإغاثة في المعارك فيما تم إجلاء عشرات آخرين من دارفور إلى تشاد.