الدعم السريع تمدد الهدنة الإنسانية وتندد بخروقات الجيش

قوات الدعم السريع تتجاوب مع نداءات دولية وإقليمية ومحلية معلنة من جانب واحد تمديد الهدنة إلى 72 ساعة أخرى لفتح الممرات الإنسانية وتسهيل عمليات الإجلاء.
المعارك تتواصل في السودان قبيل ساعات من انتهاء هدنة الـ3 أيام
كتائب الظل تثير جدلا في السودان وسط مخاوف من عمليات نهب وتخريب
السعودية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار وتغليب المصلحة الوطنية

الخرطوم - أعلنت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) اليوم الأحد تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة أخرى من جانب واحد، متهمة قوات الجيش بمواصة انتهاك الهدنة التي تنتهي في الساعات القادمة.

وأعلنت القوات المسلحة السودانية في وقت لاحق من بيان الدعم السريع، أنها وافقت على تمديد الهدنة مع قوات الدعم السريع لمدة 72 ساعة، على أن تبدأ اعتبارا من انتهاء مدة الهدنة الحالية.

وقالت "بناء على مساعي طلب الوساطة الأميركية السعودية، وافقت القوات المسلحة على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة على أن تبدأ اعتبارا من انتهاء مدة الهدنة الحالية"، مدعية في الوقت ذاتها أن التمديد يأتي على الرغم من رصدها ما قالت "نوايا المتمردين لمحاولة الهجوم على بعض المواقع".

وكان قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان قد أمر بتصنيف قوات الدعم السريع "حركة متمردة" بعد شراكة في الحكم ضمن مجلس السيادة حيث أن قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو يشغل نائب البرهان في هذا المجلس.

وقالت الدعم السريع في بيان على حسابها بتويتر "استجابة لنداءات دولية وإقليمية ومحلية، نعلن تمديد أجل الهدنة الإنسانية لـ72 ساعة اعتبارا من منتصف هذه الليلة، من أجل فتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من قضاء احتياجاتهم والوصول إلى مناطق آمنة".

وتابعت "نجدد التزامنا الصارم بالهدنة الإنسانية المعلنة والوقف الكامل لإطلاق النار، رغم الخروقات المستمرة من القوات الانقلابية وكتائب الظل وفلول النظام البائد المتطرفة التي ظلت تهاجم مواقعنا ومعسكراتنا في إخلال واضح للهدنة الإنسانية المعلنة واجبة التنفيذ من أجل مصلحة شعبنا".

وخلصت إلى القول "لقد ظلت قوات الدعم السريع تتصدى للهجمات المتكررة من قبل الانقلابيين في ساعات سريان الهدنة ما يؤكد بجلاء شيمة الغدر المتلازمة للانقلابيين، إلى جانب تعدد وتنازع مراكز القرار داخل قيادة القوات الانقلابية".

وتضمن بيان قوات الدعم السريع إشارة إلى الأطراف المتورطة في النزاع ومن بينها فلول النظام السابق وكتائب متطرفة وكتائب الظل، بينما فجر ظهور الأخيرة في عدة مناطق جدلا واسعا حول دور تخريبي وأنها تتبع لميليشيات الأمن الشعبي وانضمامها لقوات الجيش.

لكن الشرطة السودانية قالت إن قوات الاحتياطي المركزي هي فصيل تابع للشرطة، خرجت إلى الميدان أمس السبت، بهدف تأمين الأسواق وممتلكات المواطنين التي تعرضت للنهب والسلب والتخريب.

وقالت الشرطة في بيانها، إن قادة الفصيل هم ضباط تخرجوا من كلية علوم الشرطة والقانون، حيث تناولت وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تفيد، بأن القوة التي خرجت تتبع للأمن الشعبي، وأن الضباط الذين يقودون هذه القوة هم في الأصل ضباط أمن.

وتابعت في بيانها "نأمل ألا ينساق المواطن وراء هذه الإشاعات التي تهدف إلى زعزعة استقرار وأمن المواطن، كما نشير إلى أن البنك المركزي سليم وأن الحريق الذي تم تداوله هو حريق قديم لأحد أفرع البنك".

وتنتهي ليل الأحد الاثنين هدنة الثلاثة أيام المتفق عليها بين الجيش وقوات الدعم السريع لوقف القتال في السودان على وقع تواصل الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في العاصمة.

وغرق السودان في الفوضى منذ انفجر في منتصف أبريل/نيسان الصراع الدامي على بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقّب "حميدتي".

وأوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أعلى من ذلك.

وأفاد شهود عيان بوقوع اشتباكات بالقرب من مقر الجيش في الخرطوم وتعرض مدينة أم درمان غرب العاصمة لقصف جوي. ومن جنوب الخرطوم قال شاهد عيان "هناك قتال عنيف جدا وإطلاق نار كثيف في الشارع كل بضع دقائق منذ الصباح الباكر".

ومع دخول المعارك أسبوعها الثالث، لا تزال العائلات في العاصمة البالغ عدد سكانها حوالي خمسة ملايين نسمة وضواحيها، تعاني نقص الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية ويقبع الكثيرون منهم في المنازل. ونزح عشرات آلاف الأشخاص في الداخل أو إلى البلدان المجاورة، فيما تنظم عدة دول أجنبية وعربية عمليات إجلاء واسعة.

وصلت إلى مدينة بورتسودان الأحد أول شحنة مساعدات إنسانية من الصليب الأحمر جوا، أرسلت من عمّان وتزن ثمانية أطنان.

أول شحنة مساعدات إنسانية من الصليب الأحمر تصل جوا إلى بورتسودان
أول شحنة مساعدات إنسانية من الصليب الأحمر تصل جوا إلى بورتسودان

وقال المدير الإقليمي لمنطقة إفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف في مؤتمر صحافي افتراضي من جنيف "تمكنا من الطيران إلى بورتسودان من عمان كطاقم طبي مع مستلزمات للتعامل مع جرحى الحرب تكفي لاستقرار 1500 جريح".

وعبر عن أمله في "الحصول على تصاريح وضمانات أمنية"، مضيفا "لدينا طاقم طبي آخر مستعد ونأمل أيضا في إرسال مساعدات من نيروبي في الأيام المقبلة".

ودعت القوى الدولية والإقليمية إلى وضع حد للعنف المتصاعد بين القائدين العسكريين، لكنهما رفضا المحادثات المباشرة وتبادلا الاتهامات عبر وسائل الإعلام.

واجتمع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بين فرحان الأحد مع موفد للفريق أول البرهان ولكن لا يبدو أي حل دبلوماسي في الأفق رغم الجهود الدولية والإقليمية.

ودعا الوزير السعودي إلى وقف فوري للقتال وتغليب المصلحة العامة للبلاد، مشددا على ضرورة التهدئة. ونشرت وزارة الخارجية السعودية بيان على حسابها بتويتر قالت فيه "جرى خلال اللقاء بحث الأوضاع الراهنة في جمهورية السودان، حيث أكد سمو وزير الخارجية على دعوة المملكة للتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية ووقف كافة أشكال التصعيد العسكري، بما يحافظ على مقدرات ومكتسبات السودان وشعبه الشقيق".

وأعلنت الأمم المتحدة في بيان الإبقاء على عدد من موظفيها في السودان على رأسهم المبعوث الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس، فيما وصل 700 من موظفيها وموظفي السفارات والمنظمات غير الحكومية إلى ميناء بورتسودان تمهيدا لإجلائهم.

وأفاد البيان بأنه "تم بالفعل إجلاء 43 من موظفي الأمم المتحدة المُعينين دوليا و29 من موظفي المنظمات غير الحكومية الدولية من الجنينة (غرب دارفور) وزالنجي (وسط دارفور) إلى تشاد.. سيبقى عدد بسيط من الموظفين المُعينين دوليا، من ضمنهم الممثل الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس في السودان وسيواصلون العمل من أجل حل الأزمة الحالية".

وقالت المنظمة الأممية، إن نحو 75 ألف شخص نزحوا داخليا خلال الأسبوع الأول من القتال بشكل رئيسي في ولايات الخرطوم والشمالية والنيل الأزرق وشمال كردفان وشمال وغرب وجنوب دارفور.

وفر أكثر من 30 ألف شخص إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وافريقيا الوسطى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة التي حذرت من وصول عدد الفارين إلى 270 ألف شخص في حال تواصل القتال.

لا تزال العائلات في العاصمة السودانية البالغ عدد سكانها حوالي خمسة ملايين نسمة وضواحيها، تعاني نقص الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية

وكثفت البلدان العربية والأجنبية الجهود لإجلاء موظفيها ورعاياها. وكانت وزارة الصحة السودانية قالت إن القتال طاول 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت إلى "وقف كل أعمالها تقريبا في غرب دارفور" بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.

وحذّر بيرون في بيان من أن منظمته "قلقة جدا من تأثير أعمال العنف على الذين سبق أن عانوا موجات من العنف". وفي غرب دارفور، قتل 96 شخصا على الأقل منذ الاثنين في مدينة الجنينة، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي وصفت الوضع بأنه "خطير".

وأشارت وزارة الصحة إلى "تسبب الصراع القبلي المسلح في تدمير لمستشفى الجنينة الرئيسي ولوزارة الصحة وإتلاف ما بها من ممتلكات وعربات وأجهزة".

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش القتال في دارفور بأنه "مروع". وقال إن "المجتمع ينهار ونرى القبائل تحاول الآن تسليح نفسها".

وشهد إقليم دارفور حربا دامية بدأت في العام 2003 بين نظام الرئيس السابق عمر البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إتنية، ما أسفر عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

ويقول خبراء من مركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط إن دقلو يمكن أن "يحشد القبائل العربية في دارفور وفي أقاليم أخرى"، مضيفين "كلما استطاع الاحتفاظ بمواقعه في الخرطوم مدة أطول، ازدادت قوة موقفه على مائدة المفاوضات".