السناريوهات المحتملة
يمضي الرئيس قدما في ضبط أطر المرحلة القادمة من خلال الإعلان عن إقالة وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان وتكليف "الكتّاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها".
في الأثناء، تثير الصدامات بين أنصار سعيد ونصار حركة النهضة يثير الصدام بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه أشباح مرحلة جديدة من التصعيد العنيف في شوارع تونس تعيد إلى الأذهان ذكريات الأيام الأولى بعد ثورتها أثناء المواجهات بين الإسلاميين والعلمانيين.
وفيما يلي بعض السناريوهات المحتملة التي قد تشهدها الأيام المقبلة في تونس:
* عنف في الشوارع ومواجهات: قد يحتشد أنصار الرئيس، وهو مستقل سياسيا، وأنصار النهضة في الشوارع في أنحاء البلاد مما قد يؤدي لمواجهات عنيفة بين الجانبين قد تدفع قوات الأمن للتورط وبدء عهد من الاضطرابات أو تدفع الجيش للاستيلاء على السلطة.
* تعيين الرئيس لرئيس وزراء جديد: قد يعين الرئيس سعيد بسرعة رئيسا جديدا للوزراء ليعامل مع ارتفاع حاد في حالات الإصابة بكوفيد-19 والأزمة المالية الوشيكة ويعيد على إثر ذلك صلاحيات البرلمان بعد انتهاء التعليق لثلاثين يوما ويسمح بممارسته أعماله الطبيعية. وقد يلي ذلك إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
وترددت ثلاثة أسماء مرشحة لرئاسة الحكومة مع بداية الحديث عن مرحلة ما بعد المشيشي والنهضة وهي: توفيق شرف الدين وزير الداخلية السابق ومحمد عبو الوزير السابق وأمين عام حزب التيار الديمقراطي السابق، وإلياس الفخفاخ رئيس الحكومة المستقيل يوليو الماضي.
ويعتبر توفيق شرف الدين أقرب شخصية للرئيس قيس سعيد. وكان أشرف على إدارة حملة الرئيس الانتخابية في ولاية سوسة الساحلية المهمة، وتم تعيينه وزيرا للداخلية في حكومة المشيشي لكن سرعان ما تمت إقالته بعد 4 أشهر فقط عقب إجرائه تعيينات أمنية، رفضها رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي.
وقال لمحلل السياسي نصر الدين بن حديد أن "المعادلة الدولية تبحث الآن عن تجنب الصدام في تونس بين الرافضين للانقلاب والمدافعين عنه لذا ترشيح شخصية توافقية يكون أفضل".
* تعديلات دستورية واستفتاء وانتخابات: قد يستغل سعيد الأزمة للدفع بما يصفه بأنه التسوية الدستورية المفضلة لديه وهي تحويل النظام في البلاد لنظام رئاسي بناء على انتخابات لكن مع تضاؤل دور البرلمان. قد يلي تلك التغييرات استفتاء على الدستور وانتخابات جديدة.
* حوار واتفاق سياسي جديد: قد يتم تكرار النمط الذي اتبعته التيارات السياسية بعد ثورة 2011 لحل أزمات سابقة إذ تقرر التراجع عن الحافة والاتفاق على السعي لحل وسط عبر الحوار يشمل لاعبين آخرين مثل اتحاد الشغل الذي يتمتع بنفوذ كبير وسط الناس.
ضبط النفس
في الأثناء يتابع المجتمع الدولي ما يجري في تونس، وباستثناء تركيا، وبعض الأحزاب الإسلامية التي أدانت بشكل مباشر، ما حدث في تونس دعت بقية المنظمات والدول جميع الأطراف على ضبط النفس والامتناع عن العنف وضمان الهدوء للمرور بالديمقراطية الناشة في هذا البلد إلى بر الأمان. وجاء ذلك ردا على ما تناقلته وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي من صور أظهرت انقساما كبيرا بين أنصار سعيد وأنصار حركة النهضة.
وكان من أبرز الصور صورة حواجز أقامتها الشرطة تفصل بين جهتين في محيط مجلس النواب، جهة لأنصار سعيد وجهة لأنصار النهضة التي لم يستطع أعضاءها، وعلى رأسهم، راشد الغنوشي الدخول لمجلس النواب رغم كل والمحاولات وظلوا وافقين في الشارع بينما الغنوشي اعتصم داخل سيارته. ورشق محتجون سيارة الغنوشي بقوارير المياه ما أدى إلى تهشيم إحدى نوافذها ودفع الغنوشي إلى مغادرة المكان.
وقال أحمد حفيان أحد أنصار سعيد "هم في واد ونحن في واد آخر.. غايتهم الوحيدة مصلحة حزبهم ونحن نهتم فقط بمصلحة وطننا.. لذلك يحاولون التصدي لقرار سعيد".
وعلى الجانب الآخر من الحاجز، كانت امرأة تبلغ من العمر 30 عاما تردد الهتاف "لا للانقلاب" وتكيل الاتهامات لأنصار سعيد بالعنف.
يرى مراقبون في مثل هذا الحوار ترسيخا للديمقراطية التي تحتاج إلى بصيرة نافذة من الرئيس قيس سعيد، صاحب السلطة المطلقة الآن، للوصول بها إلى بر الأمان بعيدا عن حمامات الدماء والانقسامات المدمرة، وتحتاج إلى إعلام محايد وإلى أن يسود الهدوء بين التونسيين بعيدا عن ضوضاء مواقع التواصل الاجتماعي وفوضى التحليلات والتأويلات.