الرئيس الأنغولي يحث فرنسا على شراكة حقيقية مع افريقيا بعيدا عن المساعدات
لوندا - حثّ الرئيس الأنغولي جواو لورينسو فرنسا على مراجعة علاقاتها مع الدول الأفريقية، مشددا على أهمية إرساء تعاون يقوم على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة، في انتقاد ضمني للقوة الاستعمارية السابقة التي خسرت الكثير من نفوذها في القارة في وقت تواجه فيه اتهامات باستغلال الثروات الطبيعة في المنطقة، ما أجج مشاعر العداء تجاهها.
ويشهد الحضور الفرنسي في أفريقيا تراجعًا ملحوظًا، خاصة في الساحل وغرب إفريقيا، وهي مناطق كانت تاريخيًا معاقل قوية لنفوذ باريس التي اضطرت إلى سحب قواتها العسكرية من المنطقة، بالتوازي مع تضييقات تواجهها الشركات الفرنسية في عدة بلدان ومن بينها مالي التي قررت خلال الآونة الأخير تأميم مناجم يورانيوم كانت تديرها شركات تابعة لمجمع فرنسي، ما يهدد مصالحها الاقتصادية، في وقت تكثف فيه روسيا جهودها لملأ هذا الفراغ من بوابة التعاون الأمني والدفاعي والاقتصادي.
ويرى العديد من الأفارقة أن الوجود الفرنسي، سواء العسكري أو الاقتصادي أو الثقافي، هو استمرار لنمط "فرنسا - إفريقيا" الذي يعني التدخل في شؤون الدول الإفريقية بعد استقلالها، فيما تثير هذه النظرة استياءً واسع النطاق وتغذي المشاعر المناهضة لباريس.
واستغلت روسيا حالة عدم الرضا عن فرنسا لتعزيز وجودها الأمني عبر شركات عسكرية خاصة مثل "فاغنر"، التي تحولت إلى "فيلق إفريقيا"، حيث تقدم الدعم العسكري والتدريب للجيوش المحلية وتزود موسكو أيضًا هذه الدول بالأسلحة.
ويُنظر إلى الأسلوب الدبلوماسي الفرنسي أحيانًا على أنه استعلائي ولا يحترم سيادة الدول الإفريقية، مما يثير سخطًا متزايدًا، في وقت تتنامى فيه موجة من الوعي القومي والرغبة في تأكيد السيادة الكاملة على الموارد والقرار السياسي، بعيدًا عن أي شكل من أشكال الوصاية الخارجية.
ويمثل تراجع نفوذ باريس في إفريقيا تحولًا تاريخيًا يعكس ديناميكيات معقدة داخل القارة، ورغبة متزايدة في تأكيد السيادة، وتصاعد منافسة القوى الكبرى على الموارد والنفوذ.
وقال لورينسو، الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي، في كلمة افتتاحية خلال انطلاق فعاليات القمة الأميركية الإفريقية للأعمال، التي تحتضنها العاصمة الأنغولية، إن "الوقت حان لاستبدال منطق المساعدات بمنطق الطموح والاستثمار المتبادل المنفعة".
وتُعد دعوة الرئيس الأنغولي صدىً لمطلب أفريقي متنامٍ بضرورة الانتقال من علاقة قائمة على المساعدات أو "الاستعمار الجديد" إلى علاقة شراكة حقيقية ومتساوية.
وأشار إلى ضرورة اعتبار إفريقيا "شريكاً موثوقاً يحتاج لرؤوس الأموال والمهارات والتعاون المربح للطرفين"، معتبراً أن على "الشركات الأميركية أن تتجاوز النظرة التقليدية للقارة كمجرد متلق للمساعدات الإنسانية".
وأضاف أن "إفريقيا اليوم أرض خصبة للفرص الاقتصادية، تشهد تحولاً جذرياً في مجالات الابتكار وريادة الأعمال"، ما يعكس الرغبة في اعتبار إفريقيا شريكًا موثوقًا يحتاج لرؤوس الأموال والمهارات والتعاون المربح.
وحدد لورينسو أمام الحضور الذي يضم أكثر من 2000 مشارك بينهم رؤساء دول ووزراء ومستثمرون، المجالات الواعدة للاستثمار الأميركي في القارة، والتي تشمل الطاقات المتجددة، الصناعة الزراعية، التكنولوجيا، والبنية التحتية.
وتعقد القمة التي تستمر حتى الخميس المقبل تحت شعار "شراكة من أجل نجاح مستدام"، وتأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية بين الطرفين بعض التوترات، خاصة بعد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على 47 دولة إفريقية قبل شهرين.