الرئيس التونسي يفتح ملف الذراع السرية للنهضة

قائد السبسي يضع الحكومة والنهضة والنداء في سياق متكامل: الحركة تسيطر على الحكومة، وخلاف رئيس الوزراء مع النداء سببه رغبة الشاهد بالبقاء في السلطة.
النداء يتراجع بفعل فاعل
الغنوشي يدعم الشاهد في السر للترشح لرئاسة تونس
لا شيء يمنع اتحاد الشغل من التحول الى حزب سياسي

تونس – قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أن الاتهامات الموجهة لحركة النهضة بتشكيل تنظيم سري على علاقة باغتيالات سياسية وتسفير لمتطرفين للقتال في سوريا تدعو إلى التحري الدقيق وحث على الوصول إلى الحقيقة الكاملة.
وقال السبسي في حديث خاص أدلى به لصحيفة "العرب" الدولية الصادرة في لندن "أنا من موقعي كرئيس للجمهورية، بقطع النظر عن انتماءاتي الشخصية، أدعم الشفافية،" مضيفا أن النهضة "يجب ألا تخشى هذا التحقيق إذا لم يكن لديها ما تخفيه."
واضاف "لا بد أن نتأكد إن كان هناك ذراع سرية. النهضة تنكر وجوده لكن الكثير من المراقبين والسياسيين والمحامين الذين يتابعون قضايا اغتيال الشهداء يقولون إنه موجود. دولة مثل تونس تريد أن تكون ثورتها نزيهة يجب أن تعرف هل هذا الجهاز موجود أم لا. لهذا يجب أن نقوم بالاستقاء والتحقق للتأكد من أنه موجود. نحن لا نتهم دون حجة."
واستطرد "لو كنت أنا النهضة لكنت عملت على إثبات أن هذا الأمر غير موجود. لكن نحن ليس لدينا موقف معادي أو متحمس لهذا أو لذلك. نحن نتحمس للحقيقة لأنها ذات فائدة للجميع."
ويرى الباجي قائد السبسي أن حركة النهضة تسيطر حاليا على حكومة يوسف الشاهد التي  يصفها بانها "حكومة النهضة منذ أن زكاها 60 بالمئة من النواب بأصوات مريحة" وهي "إذا تسحب النهضة ثقتها منها تسقط."
ولا يرى الرئيس التونسي أن العلاقة المتوترة بين الشاهد والنداء مردها خلاف سياسي وانما تعود لرغبة رئيس الحكومة في البقاء في السلطة.

النهضة فهمت طموح الشاهد وتعاملت معه بذكاء ودفعته إلى تكوين حزب جديد يشاركها الحكم بعد الانتخابات

وقال الرئيس التونسي "الشاهد يريد أن يبقى في السلطة فقال أن عنده خلاف مع النداء. لا أعتقد أن هذا الأصل، النهضة فهمت طموحه وتعاملت معه بذكاء ودفعته إلى تكوين حزب جديد يشاركها الحكم بعد انتخابات 2019 وراشد الغنوشي سيدعمه في السرّ ليترشّح لرئاسة الجمهورية. هذا لم يعد خافيًا على أحد في تونس."
وأعلن نواب ووزراء الاحد عن تشكيل حزب جديد يحمل اسم "تحيا تونس" من المرجح أن يتزعمه الشاهد لخوض الانتخابات.
وأثارت التسمية وإعلان تأسيس هذا الحزب موجة سخرية وانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن الحكومات تنبثق عادة من الأحزاب لكنها المرة الأولى التي ينبثق فيها حزب من رحم الحكومة.
وحول علاقته بالغنوشي قال قائد السبسي "لست ضد الغنوشي. علاقتي به كأي تونسي. كانت هناك علاقات مميزة وعندي تقدير له. أرى أن من حق النهضويين أن يشاركوا في الحياة السياسية بعد الاعتقال والسجن. لكن علاقتي بالغنوشي ليست خاصة، إذا اتصل بي أجيب على اتصاله كما أجيب على اتصال أي كان".
وبخصوص الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر تنظيمها ٱخر السنة يرى قائد السبسي "أن المواعيد الدستورية يجب أن تتم في آجالها."

'علاقتي بالغنوشي ليست خاصة ولست ضده'
'علاقتي بالغنوشي ليست خاصة ولست ضده'

وحول إمكانية ترشحه لفترة رئاسية ثانية قال السبسي "لست من المؤيدين لفكرة رئيس مدى الحياة. أنا ضد هذا التوجه. ليس طموحي أن أبقى رئيسا مدى الحياة."
لكن السبسي  يترك احتمال ترشحه مفتوحا بالقول "اليوم الذي أقرر فيه الترشح من عدمه، سيكون حافزي الحقيقي هو مصلحة تونس. إذا كانت مصلحة تونس نرى شخصا آخر نساعده، فسيكون ذلك. وإذا اقتضت المصلحة وجودي وقتها سأفكر في الترشح".
ويرى الرئيس أن "الانتخابات ستضبط الأمور، وان شاء الله تقع استفاقة. سأدعو التونسيين أن يشاركوا بكثافة في الانتخابات، وأن يختاروا من يريدون، هو شعب واع، ويتحمل مسؤولية ممارسة حقه في الانتخاب. عندما كنت أنا مترشحا، كان عندي خيار واضح: إما أنا أو النهضة. اليوم لم يعد بإمكاني ذلك، لكن سأدعوهم ليصوتوا لمن يعتبرونه الكفؤ".

قمة جمع الصفوف في أحسن الظروف

وتحدث الباجي قائد السبسي عن الوضع الإقليمي والقمة العربية القادمة التي سوف تحتضنها تونس في مارس القادم، وقال انها قمة "جمع الصفوف وستتم في أحسن الظروف. نحن لا نملك مواقف سلبية ضد سوريا أو أي كان. نحن مع الاجماع العربي، والقرار الذي ستعتمده الجامعة العربية سنعتمده."
واضاف "عندما توليت الرئاسة كانت تونس في قطيعة مع أغلب الدول العربية: مصر، الجزائر ومختلف الدول العربية، إلا قطر. أعدت المياه إلى مجاريها. وقمت بزيارة كل الدول العربية من مصر إلى الكويت والسعودية".
وقائد السبسي الذي يقدر حجم الحساسيات المتراكمة بين الدول العربية في قضايا عدة أشار إلى أن تونس لا تريد أن تكون طرفا فيها، فـ"الحساسيات الموجودة في الخليج اليوم لا نتدخل فيها ووجهنا الدعوة لنستضيف الجميع. قمة تونس هي قمة الكل". 

متحدثا عن التدخلات الخارجية في المنطقة، يقول "صحيح هناك دور تركي وأيضا أدوار تلعبها دول عربية بالإضافة إلى الأوروبيين". ويعتقد أن الموقف الأميركي مرتبط بالعلاقة بإسرائيل حيث ان "أميركا دولة عظمى وتتدخل في كل شيء، لكن إذا لم تتخل عن إسرائيل ولم تتخذ موقفا محايدا، فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه".
وأضاف الرئيس التونسي ان العالم "لم يعد مثل عهد الحرب الباردة منقسما، وروسيا اليوم فاعل رئيسي. اليوم الولايات المتحدة والغرب يتعاونون مع روسيا لحل المشاكل في المنطقة".
وفيما يتعلق بالتأثير السياسي لاتحاد الشغل، اعتبر قائدالسبسي ان ما من شيء يمنع هذه "المنظمة الوطنية" من أن تتحول إلى حزب سياسي."
وعن موقع حزب نداء تونس الذي أسسه، قال الرئيس التونسي "بصفة واقعية النداء تراجع، لكن بفعل فاعل. التونسي ميال للسلطة، سواء أكان نائبا أو مواطنا. لكن السلطة الحقيقية في يد رئيس الحكومة وليس رئيس الجمهورية وفق الدستور. وما دام رئيس الحكومة لقي سندا كبيرا من حركة النهضة. وهي تسيطر عليها حتى أن الغنوشي مثّل تونس في دافوس ومعه الكاتب العام للنهضة ورئيس الحكومة".