الرئيس الجزائري الجديد يغازل المحتجين بحوار 'طرشان'

الحراك الجزائري احتشد بمحتلف المدن رفضا للرئيس الجزائري المنتخب عبدالمجيد تبون الذي مد يده للمحتجين من أجل حوار "جاد".

الجزائر - دعا الجمعة الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون الحراك الشعبي إلى حوار "جاد" لمصلحة البلاد، متعهدا بإجراء "مشاورات" لإعداد دستور جديد يخضع للاستفتاء شعبي، فيما أبدت الاحتجاجات رفضا قاطعا لتبون.

وتظاهر جزائريون بوسط العاصمة الجمعة تعبيرا عن رفضهم لتبون، الذي مد يده للحراك الرافض لنتائج الانتخابات التي اتسمت بنسبة مقاطعة قياسية.

وأصبح تبون (74 عاما) رئيسا جديدا للجزائر خلفا لعبدالعزيز بوتفليقة الذي استقال تحت ضغط الشارع، إثر فوزه من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الخميس.

وبحسب النتائج التي أعلنتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، حصل المرشح عبدالمجيد تبون على نسبة 58.15 بالمئة من الأصوات.

وقال الرئيس المنتخب في أول مؤتمر صحافي عقده الجمعة "أتوجه مباشرة للحراك المبارك وأمد له يدي لحوار جاد من أجل جمهورية جديدة".

وأضاف "أنا مستعد للحوار مع الحراك مباشرة ومع من يختاره الحراك حتى نرفع اللبس بأن نيتنا حسنة. لا يوجد استمرارية لولاية خامسة" ردّا على من وصف ترشحه استمرارا لحكم الرئيس المستقيل بوتفليقة.

ووعد تبون بتعديل الدستور في الأشهر الأولى من ولايته الرئاسية "حتى يشعر الشعب بالصدق"، حيث سيعرضه للاستفتاء، بدل تمريره عبر تصويت البرلمان كما فعل بوتفليقة في كل التعديلات التي أجراها.

كما التزم بإعادة النظر في قانون الانتخابات "لفصل السياسة نهائيا عن المال" و "استرجاع نزاهة الدولة ومصداقيتها لدى الشعب".

وكان نفس الحراك رفض مبادرة أولى لبوتفليقة قبل استقالته بتنظيم حوار شامل لإعادة النظر في الدستور الذي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة.

ووعد تبون بتشكيل حكومة يغلب عليها الشباب "الذين صوتوا لي" وبأن "ينحاز دائما لهم بالعمل على إدماجهم في الحياة السياسية قبل تسليمهم المشعل".

وقد أمضى تبون حياته موظفا في الدولة وكان دائما مخلصا لبوتفليقة الذي عينه رئيسا للوزراء لفترة وجيزة، قبل أن يصبح منبوذا من النظام.

ويعد أول رئيس من خارج صفوف جيش التحرير الوطني الذي قاد حرب الاستقلال ضد المستعمر الفرنسي (1954-1962).

واتسم الاقتراع الرئاسي بمقاطعة قياسية من الحراك الشعبي الذي دفع بوتفليقة للاستقالة في أبريل/نيسان بعد 20 عاما في الحكم.

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 39.83 بالمئة، أي ما يقارب عشرة ملايين ناخب من أصل أكثر من 24 مليونا مسجلين في القوائم الانتخابية.

وهي أدنى نسبة مشاركة في كل الانتخابات الرئاسية في تاريخ الجزائر. وهي أقل بعشر نقاط من تلك التي سجلت في الاقتراع السابق وشهدت فوز بوتفليقة لولاية رابعة في 2014.

وردّد المتظاهرون "الله أكبر، الانتخاب مزور" و"الله أكبر نحن لم نصوت ورئيسكم لن يحكمنا" في يوم الجمعة الثالث والأربعين على التوالي منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية فبراير/شباط.

الحراك الجزائري يرفض الرئيس المنتخب معتبرا إياه امتدادا لنظام بوتفليقة
الحراك الجزائري يرفض الرئيس المنتخب معتبرا إياه امتدادا لنظام بوتفليقة

وأشار إعلاميون إلى أن عدد المتظاهرين الذين احتشدوا في مناطق مختلفة بأنحاء العاصمة، يقارب عدد من تجمعوا خلال التظاهرات السابقة ضد الانتخابات الرئاسية.

وحمل البعض لافتات كتب عليها "ولايتك يا تبون وُلدت ميتة" و"رئيسكم لا يمثلني".

كما سخر مدونون من "رئيس الكوكايين" في إشارة الى اتهام نجل تبون في قضية تهريب 700 كلغ من الكوكايين مازالت قيد التحقيق القضائي.

ووعد تبون بأن "يرفع الظلم عمن ظلمتهم العصابة"، لكن "لن يكون أي عفو عن المتورطين في قضايا فساد".

وقالت مريم موظفة (31 عاما) "تبون أسوأ من بوتفليقة. من المعروف أنه من اللصوص. لم نصوت ولن نتراجع".

واعترف المرشحون الخاسرون بالنتيجة، معلنين عدم طعنهم فيها أمام المجلس الدستوري، الذي يفترض أن يؤكد النتائج النهائية لسلطة الانتخابات بين 16 و25 ديسمبر/كانون الأول.

وحل في المركز الثاني المرشح الإسلامي عبدالقادر بن قرينة بنسبة 17.38 بالمئة من الأصوات، وكان أكد منذ بداية الحملة الانتخابية إنه"الرئيس القادم للبلاد".

ودعت الأحزاب الإسلامية الكبيرة مثل "حركة مجتمع السلم" المقربة من الإخوان المسلمين و"جبهة العدالة والتنمية" القريبة من السلفيين، إلى عدم المشاركة في الانتخابات.

وحل رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس ثالثا ولم يحصل سوى على 10.55 بالمئة من الأصوات، أي أقل من آخر انتخابات خاضها ضد بوتفليقة في 2014، حيث حصل على اكثر من 12 بالمئة من الأصوات وندّد حينها بـ"تزوير شامل للنتائج".

وحصل المرشح الرابع عز الدين ميهوبي الذي وصفته وسائل الاعلام بمرشح السلطة على 7.26 بالمئة من الأصوات، بينما جاء النائب السابق عبدالعزيز بلعيد أخيرا بـ6.66 بالمئة من الأصوات.

وفرض قائد الجيش الذي كان حاكم البلاد الفعلي خلال الأشهر الماضية إجراء انتخابات بهدف الخروج من الأزمة السياسية والمؤسساتية، على حد قوله، ورفض الحديث عن مسار "انتقالي"، وهو ما تقترحه المعارضة والمجتمع المدني لإصلاح النظام وتغيير الدستور.

وكان يفترض إجراء الانتخابات في الرابع يوليو/تموز الماضي، لكنها ألغيت في غياب مرشحين.

ومنذ استقالته لم يظهر الرئيس السابق بوتفليقة المريض والمُقعد والخميس، تقدّم شقيقه ناصر الى مركز اقتراع للتصويت نيابة عنه، كما أظهرت وسائل إعلام.

وفي أول رد فعل من الخارج دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السلطات الجزائرية لبدء "حوار" مع الشعب.

وقال من بروكسل "أخذت علمًا بالإعلان الرسمي عن فوز السيد تبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية من الجولة الأولى".

وفي سؤال حول عدم تهنئته من ماكرون قال تبون "هو حر يسوق البضاعة التي يحب لبلاده وأنا انتخبني الشعب الجزائري ولا أعترف إلا بالشعب".

وفي القاهرة أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن "التهنئة الخالصة إلى الرئيس المنتخب متمنياً له التوفيق والسداد في مهامه".

وأشار الى أن ابو الغيط كان "يتابع من قرب مخاض هذه الانتخابات المهمة".