الرئيس العراقي يطالب بحسم رواتب موظفي كردستان من الموازنة العامة

أزمة الرواتب تسببت في إغلاق المدارس وحرمان الطلبة من تلقي تعليمهم في الإقليم.

بغداد – لاتزال أزمة الرواتب في اقليم كردستان العراق عالقة بين بغداد وأربيل فالحلول التي توصل إليها الجانبان مؤقتة دون أفق لاستدامتها وانهاء الازمة المستمرة منذ سنوات مع تراشق الاتهامات بين الحكومتين حول المسؤولية عنها. بينما يرى الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد أنه من الضروري حسم حصة إقليم كردستان من الموازنة العامة ودفع رواتب موظفي الإقليم أسوة ببقية الموظفين.

ولفت الرئيس العراقي الانتباه خلال اجتماعه في قصر بغداد، مع عدد من أعضاء مجلس النواب ورؤساء الكتل النيابية والمسؤولين في الدولة إلى التأثيرات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية نتيجة عدم دفع مستحقات الموظفين في الإقليم. ولفت إلى أن عدم دفع الرواتب تسبب في إغلاق المدارس وحرمان الطلبة من تلقي تعليمهم.

 وأعلنت وزارة المالية والاقتصاد في اقليم كردستان الخميس، إيداع مبلغ مالي مقداره 618 مليار دينار في حسابها من قبل الحكومة الاتحادية لتمويل رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام بالإقليم. وقالت الوزارة في بيان، إنه تم إيداع المبلغ في حسابها المصرفي في فرع اربيل للبنك المركزي العراقي، وهو ما يشكل 65 بالمئة فقط من إجمالي مستحقات من يتقاضون الرواتب في اقليم كردستان.

وزارة المالية والاقتصاد في كردستان تعلن إيداع مبلغ مالي مقداره 618 مليار دينار في حسابها من قبل الحكومة الاتحادية لتمويل رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام بالإقليم.

وجاء ذلك بعد مطالبة النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، كاروان يارويس الأربعاء، النواب الكرد بمقاطعة الجلسات البرلمانية في حال امتناع وزارة المالية الاتحادية عن إرسال مبلغ الـ618 مليار دينار إلى إقليم كوردستان، مؤكداً على ضرورة تقديم ضمانات بعدم تأخير إرسال مبالغ رواتب موظفي الإقليم للأشهر المقبلة. وقال يارويس في بيان إنه "في حال امتنعت وزارة المالية الاتحادية عن إرسال الأموال حتى يوم الخميس ولم تعطِ الضمانات بعدم تأخر إرسالها في الشهر المقبل، يتوجب على النواب الكرد من جميع الكتل الكردستانية مقاطعة جلسات مجلس النواب، وبذلك سنستطيع تعطيل انعقاد الجلسات ووضع عراقيل أمام اكتمال النصاب القانوني اللازم لعقد الجلسات". وأضاف "لا يوجد أي مبرر يمنع تنفيذ تمويل رواتب موظفي إقليم كوردستان الذي صوت عليه مجلس الوزراء". غير أن هذا الاجراء المؤقت هو واحد فقط من ضمن مطالب عديدة للإقليم حيث كشف مصدر مسؤول في الحكومة العراقية أن وفدا كرديا زار بغداد الأسبوع الماضي وواجه رفضا لمطالبه بالحصول على رواتب موظفي الإقليم وتوزيعها عبر مصارف محلية غير تابعة للحكومة الاتحادية، مضيفا أن "الوفد طالب بتعديل قانون الموازنة العامة وتثبيت مبلغ 913 مليار دينار سنويا لرواتب الموظفين، بعيدا عن حصة الإقليم من أموال الموازنة."

وأقر مجلس الوزراء العراقي في وقت سابق على تمويل إقليم كردستان وفق الموازنة الاتحادية وبحسب الإنفاق الفعلي بمبلغ 618 مليار دينار أو ما يعادل 412 مليون دولار لشهر يناير /كانون الثاني الجاري، ضمن حصة الإقليم البالغة 12.67 في المئة من الموازنة، إلى حين التوصل إلى اتفاق على تعديل قانون الموازنة، ولقي القرار ترحيباً كردياً على رغم التحفظات على "قلة المبلغ" بعد طي مرحلة "آلية القروض" التي اعتمدت لتغطية رواتب أشهر الصيف الماضي.

ويقول بعض السكان أن جميع القطاعات الاقتصادية في الإقليم بدأت تتأثر بالأزمة المالية وتستغل قضية عدم توزيع الرواتب، فالعديد من الشركات الأهلية والمعامل والمصانع ورجال الأعمال والمقاولين يستغلون الأزمة المالية في الإقليم، لعدم صرف رواتب الموظفين. وأضافوا أن تلك الشركات تقوم بصرف أجور متدنية جدا للعاملين فيها والعامل في يضطر للعمل بتلك الأجور بسبب الأزمة المالية وعدم وجود البديل وعدم صرف الحكومة لرواتب الموظفين. بينما يشهد إقليم كردستان موجة غضب جماهيرية، بسبب أزمة الرواتب، فيما يتظاهر العديد من موظف الاقليم للمطالبة بحقوقهم وربطهم مباشرة بالمركز.

قطع الرواتب دفع الموظفين إلى الشارع
قطع الرواتب دفع الموظفين إلى الشارع

وعلى رغم بدء السلطات تطبيق عقوبات إدارية فقد تواصلت التظاهرات في مناطق السليمانية بإقليم كردستان، بموازاة اتساع رقعة الإضرابات في أكثر من قطاع احتجاجاً على تفاقم أزمة الرواتب على أثر استمرار الخلافات بين حكومتي أربيل وبغداد، وفي وقت تتصاعد الأصوات الداعية إلى إنهاء الإضرابات، تعرض رئيس المجلس الأعلى للإفتاء في الإقليم إلى انتقادات شعبية عقب دعوته موظفي القطاع العام إلى "التحلي بالصبر". 

ومنذ 45 يوماً لم يتقاض موظفو القطاع في عموم الإقليم رواتبهم الشهرية، فضلاً عن عدم تلقيهم نظيرتها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، في ظل إضرابات متواصلة للمعلمين منذ انطلاق العام الدراسي الحالي أواسط سبتمبر /أيلول الماضي، مشترطين على دعوات تعليق الإضراب صرفاً فورياً للرواتب وإعادة العمل بنظام الترقية المعلق منذ سنوات وتعيين ما يعرف بـ"المحاضرين المجانيين" على الملاك الحكومي الدائم.

وجابت مسيرات احتجاجية في مركز محافظة السليمانية، معقل نفوذ حزب "الاتحاد" بزعامة بافل طالباني الشريك الرئيس في حكومة الإقليم التي يقودها الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني، وكذلك في مناطق حلبجة وكلار وإدارة رابرين وبلدات أخرى، في موازاة اتساع رقعة الإضراب الذي كان اقتصر على قطاع التربية، إلى بعض موظفي مديريات المرور والصحة والكهرباء، إلا أن المناطق الخاضعة لحزب بارزاني وأبرزها محافظتا أربيل ودهوك لم تشهد أي تظاهرات أو إضرابات، على رغم صدور بيان من نشطاء هددوا فيه بتنظيم احتجاجات مماثلة.

ومنذ أكثر من أربعة أشهر حرمت الإضرابات نحو 700 ألف طالب من التعليم، أي ما يربو على 40 في المئة من مجموع العدد الكلي للطلاب في الإقليم والبالغ نحو مليون و800 ألف طالب.

وكانت الدوائر المعنية أصدرت دعوات إلى إنهاء الإضرابات وهددت باتخاذ إجراءات قانونية في حق المخالفين "مع بدء تطبيق نظام تسجيل أسماء الغائبين". وقال أحد المضربين من المعلمين ويدعى محمود سعيد إن "عديداً من المعلمين اضطروا منذ أيام إلى تعليق إضرابهم خشية من العقوبات الإدارية، لكنهم قد لا يلتزمون تقديم المحاضرات"، مشيراً إلى أن "احتجاجات اليوم شهدت زخماً، وهذا مؤشر إلى أن الإجراءات قد لا تجدي في ثني المعلمين عن المطالبة بحقوقهم".