الرباط تحتفي بالحديقة استنباطا لأشكال جديدة للمعرفة

المؤتمر الثقافي 'دخلت مرة الجنينة' يفتح النقاش والتفكير في الأسئلة الملحة ذات الصلة بالإنتاج الفني في العالم العربي.

الرباط - افتتح المؤتمر الثقافي "دخلت مرة الجنينة" الذي تحتضنه مدينة الرباط فعالياته، الخميس، بمشاركة أكثر من عشرين فنانا وفنانة من دول مختلفة.

ويعد هذا المؤتمر الذي يحتفي بالحديقة والفعل الثقافي في العالم العربي الحلقة الثانية في سلسلة المؤتمرات التي ينظمها الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لتأسيسه، بعد المؤتمر الأول الذي أقيم في برلين في يناير/كانون الثاني 2023 تحت عنوان "ثقافة الفضيحة".

وقالت ريما المسمار المديرة التنفيذية للصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن اختيار مدينة الرباط لاحتضان هذا الحدث يأتي رغبة من الصندوق في تعزيز حضوره بالمغرب، بالإضافة إلى أن عاصمة المملكة تشتهر بالحدائق و"الجنائن".

وأعربت عن أملها في أن يشكل هذا المؤتمر "جسرا للتلاقي بين المغرب والمشرق وكل التنوعات الموجودة بالعالم العربي".

ووفقا للمنظمين، فإن مقاربة الثقافة والفن العربيين من منظار "الحديقة" تتيح مواصلة القراءة النقدية لإنتاج المعرفة ولتشكل الجماعات في المنطقة وفي المهجر، في زمن يتسم بتجارب الفقد والانهيار المناخي، فالعودة إلى الحديقة هي محاولة لإعادة تفعيل الحواس واستنباط أشكال جديدة للمعرفة والتخيل في هذا المفصل التاريخي.

وتمثل "الحديقة" ثيمة مركزية واسعة الانتشار في الثقافة العربية، إذ نجدها في التخييلات الشعرية والأدبية والموسيقية والبصرية والمعمارية من العصور القديمة وحتى العصر الحديث، وفق المصدر ذاته، مبرزا أن الحدائق أضفت حياة على لغة وعلى عقيدة من صور الواحات في الصحراء وصولا إلى تجسيد الفردوس، كما أعطت أسماءها لمدن عربية على سبيل المثال "الرياض" و"عدن".

ويرى المدير العام لمؤسسة (هبة) مروان فشان أن اختيار الرباط لاحتضان المؤتمر لم يأت اعتباطا، فهي مدينة أصبحت اليوم بمثابة حديقة غناء مفتوحة وتحتضن فضاءاتها الخضراء العديد من الأنشطة، مشيرا إلى أن هذا الحدث يعرف مشاركة أزيد من عشرين فنانا وفنانة من دول مختلفة.

ويهدف المؤتمر الذي يشكل استمرارية للقاءات دأب الصندوق على تنظيمها منذ سنة 2016، لفتح النقاش والتفكير في الأسئلة الملحة ذات الصلة بالإنتاج الفني في العالم العربي، وفق قول ريما المسمار على هامش الافتتاح.

وأوضحت أن الهدف يتمثل في إثارة النقاش حول الأعمال الفنية والإبداعية في المنطقة العربية، وتكريس دور الفعل الثقافي باعتباره أرضية خصبة للاحتجاج والنقد وساحة لمواجهة الاستقطابات الحادة في الإعلام والسياسية وضد خطابات الكراهية والعنصرية التي يحفل بها العالم اليوم.

ويتضمن برنامج التظاهرة التي تقام خلال الفترة الممتدة من 31 أغسطس/آب إلى غاية 2 سبتمبر/أيلول العديد من الأنشطة بما في ذلك ندوات وأمسيات شعرية وعروض أفلام وعروض فنية.

ويشارك في هذا الملتقى الذي ينظمه صندوق آفاق، بالتعاون مع مركز (كولت) للفن المعاصر والنشر، وبشراكة مع مؤسسة هبة، أكاديميون وشعراء وروائيون ومخرجون ومؤدون، بهدف إعادة النظر في مفهوم الحديقة، كما يتمظهر في فضاءات مختلفة من الإنتاج الفكري والثقافي في العصر الحاضر، وهو عصر الخروج من الأفكار والممارسات الاستعمارية والانهيار المناخي والانقسام السياسي الحاد.

وشددت ياسمينة ناجي، عن مركز (كولت) للفن المعاصر والنشر، على أهمية المؤتمر باعتباره يجمع فنانين وأكاديميين وباحثين ونقاد وشعراء وموسيقيين في وقت واحد، معربة عن شكرها لجميع الشركاء الذي جعلوا هذا الأمر النادر الحدوث ممكنا.

وأفاد مروان فشان أن مساهمة المؤسسة في تنظيم مؤتمر "دخلت مرة الجنينة" يأتي تكريسا للمهمة التي تضطلع بها منذ إحداثها سنة 2006، والمتمثلة في دعم الفنانين الشباب والترويج لإبداعاتهم.

واعتبر أن العمل المشترك مع الصندوق العربي للفنون والثقافة يعزز هذه المهمة باعتباره يوفر تكوينات ويتيح الحركية للمبدعين الشباب ويمكن من دعم إنتاجهم الفني ونشر إبداعاتهم على المستوى الدولي، موضحا أن المؤتمر يشكل فرصة للجمعيات والفاعلين الثقافيين للتفاعل مع مسوؤلي الصندوق والإفادة منه.