الرباط تستغرب إقصاءها عن مؤتمر برلين حول ليبيا

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لا يستبعد احتمالية وجود "مؤامرة" للتأثير على اتفاق الصخيرات الذي يشكل حتى الآن الإطار السياسي الوحيد، الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين.

الرباط - أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس على الدور الهام الذي تضطلع به المملكة المغربية لحل الأزمة الليبية"، فيما انتقدت وزارة الخارجية إقصائها من المؤتمر الذي سينعقد اليوم الأحد برعاية الأمم المتحدة لبحث عملية السلام في ليبيا بالعاصمة الألمانية برلين.

وقال بيان للديوان الملكي المغربي السبت إن الملك محمد السادس تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون  تناولا خلاله "المباحثات على الخصوص الأزمة الليبية عشية الاجتماع المقرر عقده ببرلين".

وأوضح البيان أنه تم التأكيد على الدور الهام الذي تضطلع به المملكة المغربية وعلى ما تبذله من جهود مشهود بها، منذ عدة سنوات، لحل الأزمة في هذا البلد المغاربي، مشيرا إلى أن "هذه الجهود أسفرت عن اتفاق الصخيرات، الذي أقره مجلس الأمن ويحظى بدعم المجتمع الدولي".
وفي وقت سابق السبت، عبر المغرب عن استغرابه لإقصائه من مؤتمر برلين، الذي من المقرر أن يشارك فيه كل من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وإيطاليا والجزائر ومصر والإمارات والكونغو وتركيا، فيما أعلنت تونس أنها لن تشارك نظرا لتلقيها دعوة الحضور في وقت متأخر.

وقالت وزارة الخارجية المغربية في بيان إن "المملكة المغربية كانت دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية"، لافتة إلى أنها "لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع".
وأضاف البيان أن "المملكة المغربية اضطلعت بدور حاسم في إبرام اتفاقات الصخيرات، والتي تشكل حتى الآن الإطار السياسي الوحيد، الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين، من أجل تسوية الأزمة في هذا البلد المغاربي الشقيق".

وكان الفرقاء في ليبيا توصلوا في ديسمبر 2015 إلى اتفاق في الصخيرات بالمغرب لتقاسم السلطة، وحظي هذا الاتفاق بدعم من مجلس الأمن الدولي الذي اعتبره بمثابة "الإطار الوحيد القابل للاستمرار" لحل الأزمة السياسية في ليبيا.

وأعرب وزير الخارجية ناصر بوريطة، عن استغراب بلاده من إقصائه من حضور مؤتمر برلين حول ليبيا، مشيرا في تصريح صحفي إلى احتمالية وجود "مؤامرة" للتأثير على اتفاقات الصخيرات، التي تعتبر "المرجع الوحيد لقرارات مجلس الأمن".

كما رفض استغلال الملف الليبي لمصالح سياسية وشدد على أن الأزمة الليبية ليست حكرا لدولة معينة وسوف يتم تجاوزها بالجهود الدولية.

واليوم الأحد قبل مغادرته تركيا نحو برلين للمشاركة في المؤتمر قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده "أصبحت مفتاح السلام في ليبيا" بعد أيام من إعلانه إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وهي خطوة لاقت تنديدا ليبيا وإقليميا واسعا، علاوة عن تقارير تحدثت عن وصول مقاتلين سوريين إلى طرابلس عبر مطار إسطنبول

من المنتظر أن يحضر مؤتمر برلين، اليوم الأحد، قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج.

او
تدخل أوروبي متأخر بعد استشعار الخطر التركي في المتوسط

وتسعى ألمانيا والأمم المتحدة إلى إقناع طرفي الصراع في ليبيا وهما الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر وحكومة الوفاق بقيادة السراج بالالتزام بهدنة والمرور إلى تسوية سياسية، لكن قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل عسكريا في ليبيا لإنقاذ حكومة الوفاق من خسارة نفوذها أمام تقدم قوات الجيش نحو طرابلس، أجج الصراع في البلاد وعقد الأزمة.

ويشارك في المؤتمر أيضا 4 منظمات دولية وإقليمية هي الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، فيما لم تُدع كل من قطر واليونان إلى المؤتمر رغم اهتمامها بالملف الليبي.

وكانت أردوغان الذي يسعى إلى تعزيز نفوذ تركيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط عبر إرساله قوات عسكرية ومقاتلين سوريين إلى ليبيا بطلب من السراج، قد أراد فرض حليفته في المنطقة قطر لحضور المؤتمر لكنه فشل في ذلك كما فشل أيضا في الحصول على توقيع المشير خليفة حفتر خلال قمة عقدت في موسكو الاثنين بوساطة روسية.

وتعتبر تركيا ليبيا بوابتها الرئيسية للتغلغل في أفريقيا لذلك تحاول جاهدة إنقاذ الميليشيات الإسلامية التي تسيطر على حكومة السراج في العاصمة الليبية ومنع سيطرة الجيش الليبي بقيادة حفتر على طرابلس.

ووفقا لتقرير صادر مؤخرا عن مركز أبحاث “نورديك نتورك ريسيرش” الأوروبي فإن أردوغان يهدف من وراء تشبثه بالدخول على خط الأزمة في ليبيا إلى خلق "وكلاء حرب"عن تركيا لدعم وتحقيق المصالح التركية في السيطرة على ليبيا وإقليم الساحل والصحراء في أفريقيا من خلال العمل المسلح ونشر التطرف.

ويقول مراقبون إن هذه العمليات المشبوهة التي تشبه كثيرا ما فعلته تركيا في الشمال السوري خلال الحرب، تمثل تهديدا لمشروع المغرب في الانفتاح على القارة السمراء ما يفسر حرص أردوغان على عدم حضور الرباط لمؤتمر برلين فيما كانت حريصة على حضور الدوحة التي لا تربطها لا أي جغرافيا أو تاريخ مع البلد المغاربي المطل على المتوسط.

ويستبعد المراقبون أ يفضي مؤتمر برلين إلى نتائج ايجابية يمكنها أن تساهم في إنهاء الأزمة في ظل فرض أردوغان نفسه في الداخل الليبي بالقوة العسكرية ووضع الدول الأوروبية أمام الأمر الواقع، بل إن إقصاء دول جوار ليبيا مثل تونس والمغرب اللتين سعيتا إلى تجميع الفرقاء الليبيين في السنوات الأخيرة إلى جانب الجزائر ومصر، يجعل تركيا سببا في الأزمة الليبية وليس طرفا يدعو للحل السياسي والسلمي كما يدعي أردوغان.

وقال الرئيس التركي للصحافيين من مطار إسطنبول قبل التوّجه لحضور المؤتمر "أرى أن قمّة برلين تشكّل خطوة مهمّة لترسيخ وقف إطلاق النار و(التوصل إلى) حل سياسي".

ويبدو أن أنقرة تسعى حاليا لوساطة أميركية بعد فشل الوساطة الروسية في تثبيت اتفاق لنشر "قوة حماية دولية" في ليبيا، يسعى للحصول عليه السراج للمحافظة على نفوذ حكومتة في طرابس أمام تقدم قوات حفتر.

وقالت وكالة أنباء التركية الأحد إن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الذي يرافق أردوغان في زيارته إلى برلين مع وزير الدفاع التركي ورئيس جهاز الاستخبارات، بحث مع نظيره الأميرركي مايك بومبيو، العلاقات بين بلديهما خلال لقاء جرى في العاصمة الألمانية على هامش مؤتمر برلين.
وقال تشاووش أوغلو في تغريدة على تويتر بحثنا مع بومبيو العلاقات التركية-الأميركية ومؤتمر ليبيا.
وأشار إلى أن تركيا على اتصال مع جميع الفاعلين من أجل العودة إلى العملية السياسية ووقف إطلاق النار في ليبيا.