الرقة تقاوم الحطام لضخ دماء تعيد مظاهر الحياة

الكثير من المدارس في المدينة لا تزال تشبه ساحات المعارك بمبان محطمة وأفنية تعج بحطام سيارات.
مساعدات بسيطة جدا لا تغطي سوى عشرة في المئة من حاجة المدارس

الرقة (سوريا) ـ يحتمي أطفال من زمهرير الشتاء بما تطاله أيديهم من قبعات وكوفيات ومعاطف وهم يكافحون للحاق بسنوات تعليم ضائعة في قاعات درس بلا أبواب ولا نوافذ بمدينة الرقة السورية.

ورغم مرور أكثر من عام على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة على يد قوات الولايات المتحدة وحلفائها فإن كثيرا من مدارس المدينة لا تزال تشبه ساحات المعارك، بمبان محطمة وأفنية تعج بحطام سيارات.

وقال طالب في مدرسة عقبة بن نافع يدعى عبد الله الهلال (12 عاما) "أول وقت صارت الأزمة بطلنا ندرس، سكرت (أُغلقت) المدارس. بس أجينا ندرس، نريد منكم مساعدة، ركبوا لنا شبابيك، أبواب، دبحنا البرد دبح".

وحولت الدولة الإسلامية مدينة الرقة إلى مقر للخلافة التي أعلنتها في سوريا وظلت المدارس في عهدها مغلقة، إذ كان التنظيم يحاول فرض رؤيته المتشددة للإسلام عبر نظام تعليمي خاص به.

وقال علي الشنان رئيس لجنة التربية والتعليم التي شكلتها السلطة المدنية في الرقة إنه منذ هزيمة الدولة الإسلامية هناك في أكتوبر تشرين الأول 2017، تم افتتاح 44 مدرسة استقبلت 45 ألف طالب.

وأضاف "قمنا بافتتاح 44 مدرسة في المدينة، استقبلنا فيها 45 ألف طالب. طبعا بعض هذه المدارس هي منازل قمنا باستئجارها وذلك لعدم وجود مدارس وخصوصا في المنطقة الغربية". وضاع على الأطفال خمسة أعوام دراسية.

ووصف الشنان المساعدات بأنها "بسيطة جدا" لا تغطي سوى عشرة في المئة من حاجة هذه المدارس، موضحا أن المدارس بلا أبواب ولا نوافذ إضافة إلى أن حالة المرافق الصحية فيها يرثى لها.

وفي مدرسة عقبة بن نافع، يطل أحد الفصول الدراسية على حطام مبنى وسيارة مقلوبة على جانبها. ووقف أطفال في فنائها حول تجمعات كبرى لماء آسن فيما تناول آخرون وجبات خفيفة قرب حطام سيارة أخرى.

واستغلت الدولة الإسلامية مدارس الرقة، مثل معظم أنحاء المدينة، لأغراض عسكرية وحفرت خنادق تحت بعضها. ويقول سكان في الرقة إن بعض مدارسها تعرض لضربات جوية.

وقالت منظمة العفو الدولية إن الدمار في المدينة لا يزال يغطي 80 في المئة من مساحتها وإن آلاف الجثث لا تزال تحت أنقاضها. وبسبب تعرض معظم أنحاء الرقة لضربات جوية قادتها الولايات المتحدة، انتقدت المنظمة التحالف لعدم قيامه بمزيد تجاه مساعدات إعادة إعمارها.

وقالت الولايات المتحدة إن جهود إرساء الاستقرار في الرقة تركزت على احتياجات أساسية مثل إزالة الألغام وتوفير المياه والكهرباء. كما دعم التحالف إعادة فتح المدارس.

وبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن عدد الأطفال غير الملتحقين بمدارس في سوريا يبلغ 2.1 مليون.

وقالت جوليت توما المديرة الإعلامية لمكتب يونيسف الإقليمي إن المنظمة وفرت كتب المدارس لما يزيد على 121 ألف طفل حتى يكون باستطاعتهم مواكبة التعليم إلى أن يتم تخصيص فصول دراسية لهم. وأضافت أن برنامج التعلم الذاتي يساعد الأطفال غير المقيدين في مدارس على التعلم في منازلهم أو داخل مركز تعليمي تابع لإحدى منظمات المجتمع أو المنظمات غير الحكومية.

وقال الشنان إنه جرى تسلم 57 ألف كتاب حتى الآن وإن العدد المطلوب هو 95 ألفا مشيرا إلى زيادة الحاجة بسبب زيادة عدد الطلبة المسجلين في المدارس.

ومع دخول فصل الشتاء تبدو الحالة المتردية للمدارس سببا في ضياع مزيد من الدروس على بعض الطلبة.

وقال أيمن القرت مدير مدرسة عقبة بن نافع "اليوم عندي أني بسبب سوء أوضاع المدرسة، وبسبب وضع الجو، تصور على سبيل المثال هذه الشعبة الصف الأول، الشعبة الأولى مداومين عندي 11 طالب من أصل 38 طالب. طيب ما حرام؟ إحنا بدنا مساعدة التربية أولا، ولو التربية ما قصرت ومساعدة المنظمات ومساعدة المجلس المدني".